أخبار ثقافيةأخبار عاجلةالرئيسية

نقاش حول انتصار أكتوبر والذاكرة الوطنية “بالأعلى للثقافة”

معجزات انتصار أكتوبر روايات سطرها أبطال مصر البواسل

 

تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو؛ وزير الثقافة، والدكتور أشرف العزازي؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عُقدت بالمجلس ندوة بعنوان: “انتصار أكتوبر والذاكرة الوطنية”، وذلك في إطار الاحتفال بذكرى السادس من أكتوبر المجيد، وأدار النقاش الدكتور أيمن صابر، وشهدت الأمسية مشاركة كوكبة من الأكاديميين والقادة والأبطال الذين عايشوا أحداث العبور والنصر، وهم: اللواء الدكتور نصر سالم؛ المحاضر في أكاديمية ناصر العسكرية، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، واللواء الدكتور وائل ربيع؛ المحاضر في أكاديمية ناصر العسكرية، واللواء ماجد شحاتة؛ أحد أبطال المجموعة 139 صاعقة المشاركة في نصر أكتوبر، والدكتور أشرف الشرقاوي؛ رئيس قسم اللغة العبرية الأسبق بكلية الآداب جامعة المنصورة، والمشارك في مشروع ترجمة موسوعة انتصار أكتوبر في الوثائق الإسرائيلية، والدكتور عمرو عبد العلي؛ وكيل كلية الآداب جامعة المنوفية، والمشارك في مشروع ترجمة موسوعة انتصار أكتوبر في الوثائق الإسرائيلية.

بدأت الفاعلية بعرض فيلم تسجيلي، لخص تفاصيل أحداث العبور والنصر، وردود الأفعال البهيجة التي عقبتها في شتى ربوع الوطن، وعلى النقيض أوضح ما تجرعته صفوف العدو من مرارة وحسرة وخسارة.

ثم تحدث الدكتور أيمن صابر مؤكدًا أن لحظات النصر لا يدرك قيمتها الحقيقية إلا من عاشها بصدق، أولئك الذين خاضوا التجربة ولامسوا تفاصيلها، وغُسلت أرواحهم بعطر التضحية والفداء. هؤلاء وحدهم يعرفون أن النصر ليس مجرد حدثٍ نرويه في كتب التاريخ، بل هو روحٌ حيّة تسكن قلوب الرجال الذين صنعوه، ودافعٌ دائم لمواصلة العمل والبناء بروحٍ لا تعرف التراجع.
وفي مختتم حديثه أكد أنه يمكن لكل إنسان أن يتحدث عن النصر، لكن الذين عاشوه هم وحدهم القادرون على نقله إلينا بصدق المشاعر وحرارة التجربة، ولكننا اليوم لم نحضر لنُكثر من الكلام، بل جئنا لنستمع، جئنا لنرى الحقيقة من عيون من صنعوا المجد، ونسمعها من أفواه من عاشوا الحدث وعرفوا معناه الحقيقي، فربما نشاهد مشاهد البطولة والفداء في الأفلام، لكننا اليوم أمام أبطال حقيقيين عاشوا التجربة بكل تفاصيلها، وتحملوا الصعاب حتى تحقق النصر الكبير الذي نحتفل بذكراه.

ثم تحدث اللواء أركان حرب نصر سالم مشيرًا إلى صعوبة مهمته خلال معارك أكتوبر التي كانت في موقع بعيد عن شرق القناة، موضحًا أن القوات المصرية كانت تُربّى على الانضباط والمنافسة الشريفة في خدمة الوطن، وأنها خضعت لتدريبات مكثفة لمواجهة العدو في أصعب الظروف، موضحًا أنه رفع مع زملائه شعار إذا لم يكن من الموت بدّ، فمن العار أن يموت المرء جبانًا، وأشار إلى أنه عاش عشرين دقيقة في الحرب كأنها دهر، لكن قواتنا الجوية تمكنت في السابع من أكتوبر من تدمير ثلث دبابات العدو بعد رصد تحركاتهم بدقة.
وفي مختتم حديثه أوضح أن الجيش الإسرائيلي كان يمتلك أسلحة أكثر تطورًا، لكن الجيش المصري تفوق عليه بالتخطيط والمفاجأة، إذ كان هو صاحب الفعل بينما اكتفى العدو برد الفعل، وأكد أن اقتحام خط بارليف المنيع وتحطيم أسطورته أثبت أن المصريين لا يعرفون الإحباط، وأن إرادتهم أقوى من كل التحصينات.

عقب ذلك تحدث اللواء ماجد شحاتة عن التحاقه بالكلية الحربية عام 1966، حيث كانت الدراسة تمتد لأربع سنوات يسودها الانضباط الصارم والاستعداد المستمر، مشيرًا إلى أن تلك الفترة شكّلت بدايته الحقيقية عن طريق الجندية والإيمان بالمسئولية الوطنية، ومع تصاعد التوتر في يونيو 1967، تلقّت الكلية إنذارًا باحتمال وقوع هجوم إسرائيلي، فخرج لواؤها إلى المطار استعدادًا للطوارئ، وفي صبيحة الخامس من يونيو شاهد أربع طائرات إسرائيلية تحلق منخفضة وتقصف المطار، مستهدفة تعطيل الطائرات المصرية ومنعها من الإقلاع، قبل أن تمتد الغارات إلى بقية المطارات، ما أدى إلى خسائر جسيمة تمثلت في تدمير عدد كبير من الطائرات والمعدات وفقدان نحو 13 ألف مركبة مدرعة، وأكد أن تلك الأيام القاسية غرست فيهم الإصرار على استرداد الكرامة، وأن ما يُؤخذ بالقوة لا يُستعاد إلا بالقوة، فمصر لا تُهزم ما دام فيها رجال يؤمنون بربهم ووطنهم، وهو ما تحقق في نصر أكتوبر المجيد.


فيما أوضح اللواء أركان حرب وائل ربيع أن خطة الخداع الاستراتيجي المصرية ما زالت تُدرّس عالميًّا لما تميّزت به من عبقرية وقدرة على التضليل، خدعت إسرائيل علاوة على سائر القوى العظمى كأمريكا والاتحاد السوفييتي آنذاك، وأكد أن الجندي المصري كان ثاني أهم عوامل النصر بعد خطة الخداع، مشيدًا بدور الرئيس أنور السادات الذى كان العقل المدبر ومحور الارتكاز في تنفيذها، حيث إنه أدار عملية خداع وطمأنة بارعة جعلت العدو الإسرائيلي يطمئن زيفًا، حتى جاءت لحظة العبور التي أربكت حساباته تمامًا، ما أجبر مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية حينها أن يعترف بذكاء السادات وحنكته، اللذين مكّناه من الجمع بين الرؤية الاستراتيجية والقرار الحاسم في التوقيت المناسب، ليقود مصر إلى نصر تاريخي مجيد يُعد من أعظم الإنجازات في تاريخها الحديث.
أكد الدكتور عمرو عبد العلي أن تخطيط الخداع الاستراتيجي الذي نفذته مصر قبل نصر أكتوبر كان بالغ الدقة، إذ نجحت القيادة المصرية في إخفاء نياتها الحقيقية وإرباك العدو حتى اللحظات الأخيرة، وحتى مع بدء التحركات المصرية والسورية، ظل العدو يظن أنها مجرد مناورات، ما عزز عنصر المفاجأة، وأضاف أن المخابرات الأجنبية شكّت في قدرة الرئيس أنور السادات على اتخاذ قرار الحرب، معتبرة إياه أقل حزمًا من عبد الناصر، وزاد الاطمئنان الغربي بعد انسحاب الخبراء الروس من مصر وسوريا، ما جعلهم يستبعدون الحرب، لكن المفاجأة الكبرى وقعت في السادس من أكتوبر مع انطلاق العمليات الجوية المصرية والسورية، التي صدمت العالم، وأثبتت أن ما بدا مناورات لم يكن إلا خطة خداع محكمة قادتنا إلى نصر أكتوبر التاريخي.

فيما أوضح الدكتور أشرف الشرقاوي أن اختيار توقيت الهجوم في الثانية ظهر السادس من أكتوبر كان من عبقرية التخطيط المصري، حيث استُخدم اتجاه الشمس لتكون في عيون الجنود الإسرائيليين فتضعف رؤيتهم وتشتّت تركيزهم، كما أن اختيار يوم الغفران اليهودي (يوم كيبور) عزز عنصر المفاجأة، إذ كان معظم جنود العدو والشعب الإسرائيلي بأسره في حالة عزلة دينية، ما أدى إلى بطء الاستدعاء العسكري وانخفاض الجاهزية، وأشار إلى الدور المحوري للجاسوس المصري أشرف مروان في خطة الخداع الاستراتيجي، حيث تمكّن من تزويد الاستخبارات الإسرائيلية بمعلومات مضللة أقنعتهم بأن التحركات المصرية تدريبات روتينية، ما جعل إسرائيل في غفلة تامة عن الهجوم، وفي مختتم حديثه أكد أن هذا كان أعظم إخفاق استخباراتي في تاريخ إسرائيل، وأن النجاح المصري كان ثمرة تخطيط استخباراتي وطني متكامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى