ساحة الإبداع

سميحة رشدي تكتب: “ثورة عاشق” ..قصة قصيرة

– الوجد.. !!
ذاك الشعور الخفي الذى يجتاحنا في أي عمر وأي ظرف لا ندرى متى وكيف؟؟
وهو الساكن في ضمائرنا لا يغادر فترات حياتنا.. مهما توالت علينا السنين.. ويجعل القلب أسير شخص ما قد لا ترى العين غيره فيتملك منك الحنين.. حين تراه.. أو تسمع صوته.. أو ترى إشارة تدل عليه.. أو تتذكره بوحى خيالك..!!
فتبادله الحنين بضميرك وخيالك وتشعر به.. ويتغير صوتك في حضوره وتعلو لونك صفرة غير معتادة.. وتدور العيون وتضيق مساحتها ويصبح لونها جديدا.. فتشعر أنك إنسان مختلفا غير ذلك الإنسان الذي أرهقه العمر والقدر.. !!
عندئذ يجتاحك الأمل فلا يبقى لك قوة ولا صبر.. ويصبح شغلك الشاغل سعادته.. والسعادة معه وبه.. إنها علاقة ربانية بين الأرواح والقلوب لا تحكمها قوانين ولا أعراف ولا تعترف بمسافات.
والسعيد من وافقه محبوبه وشاركه مشاعره قد تكون مستحيلة أو صعبة ولكن يكفي صدقها..!!
– فهنيئا لمن صادف الوجد ومن يقدر الوجد ويصونه..!
قرأت هذه الجمل في روايتها وقالت:
– من سوء حظي أني لم أجد من يقدر وجدي…!!
حين أحببت واعتبرته كل حياتي لم يف بما وعد أن يكون بي حنونا عطوفا يحتوي قلبي ومشاعري إنه الخمسيني صاحب الأسرة الزوجة والأولاد عرفته صدفة أثناء وجودي في احتفال إحدى الصديقات عندما كنت أقف في الشرفة بعيدا عن الضجيج كان يشعل سيجارته وتجاذبنا أطراف الحديث وتعددت اللقاءات حتى أصبح أهم ما في حياتي كلها …!!
– أنا التي لم تهتم بأحد منذ انفصالي وقراري بعد تكرار تجربة الزواج مرة أخرى بعد أن تجاوزت الأربعين دون قصد أجد نفسي أسيرة الحب المحرم بعد أن سحرني بمعسول الكلام والوعود الجميلة.. وأننا لن نظلم زوجته بزواجنا لأنها مادية لا تهتم الا بما تحصل عليه من أموال لها وأولادها وأنه ليس أكثر من ممول لكل ما تطلب وهو آخر اهتماماتها.. يعاودنا السهاد والأرق حين نصبح كطائر كسر جناحه في يوم عاصف.. لا نفهم هل نفتقدهم أما نفتقد أنفسنا…!!
– لا زلت أبحث عنك اختلس النظر إلى صفحتك..!!
– أعلم أنك نائم وأورثتني طول الليل وظلمته..!!
– أي قسوة جعلتك تغفو وقلبي معلق بك وروحي..!!
تهيم حولك كما يهيم الفراش حول الضياء
هو:
– لا يهتز والفراشات تحترق..!
تمتمت بهذه الكلمات حتى تذكرت موقف حبيبها منها وكيف أنه لا يكترث بقلبها ولا يقدر حبها له.. يتعلل بالعمل ولا يفكر في مجرد السؤال عنها هنا يتركها أيام وأسابيع لا يعلم عنها شيء وتعاتبه يتعلل بكثرة مشاغله.. حتى يوم أن رآها مريضة رغم شحوب وجهها وذبول عينيها وتكرهه أن تكون على هذه الحالة إلا إنها حمدت الله ربما يدرك أنها تعذب ببعده وتتعب لفراقه ولكنه لم يفهم ولم يتغير طبعه.
في كل مرة عقلها يغضب وقلبها يسامحه.. ولكن الأن ولأول مرة ينصاع القلب للعقل ويتدبرا الأمر بواقعية بعيدا عن عيون القلب التي ترى الجميل وإن قل وتتصنع العمى عن القبيح وإن كثر.. صرخت فيه بأعلى صوتها مللت استجداء عطفك وطلب ودك وتمنى قربك هونت نفسي لك وما هانت لأحد غيرك.. ربما لا تقصد عقابي ولكنك جلادي كأنك تنتقم لكل من أسأت أنا إليه.. لكل إنسان أنا لمته في عاطفته واستهنت بمشاعره.
– لكن.. متزوج رميته بالضعف لأنه أنقاد لعاطفته ولكل كبير.
– عاش مشاعر الصغار ولكل ناضج تصرف كقلوب المراهقين.
– كم من إنسان اتهمته أنا بضعف شخصيته وقلة عقله..؟
– كم من سيدة تعاليت على عقلها لأنها لم تكبح جماح قلبها..؟
وها أنت أسقيتني كل الكؤوس مجتمعة شربتها حتى الثمالة.. وهن القلب القوى وانحرف العقل الراجح ورخص الدمع العزيز.. ولكن كفى ما جرى وما عانيت أصبح الإخلاص يعاقب عليه.. والصدق يعذب به.. والمشاعر لا قيمة لها.
سأحاول أنا أحتفظ بما بقى لي مني عسى في يوم ما أنا أعود كما كنت دعني أبحث عن نفسي التي تاهت في كهف أنانيتك.. وعبادتك لنفسك قلبك خواء لا تمتلك شيئا تمنحني اياه فما جدوى العمر معك..
أنا لا أعاتبك ولست غاضبة منك لأنك لم يمس الحب قلبك ولم تعرف لوعته ولكن أنت الذي جذبتني إليك وحولت صداقتنا إلى حب وارتباط كان عندك وفتي وعندي أبدي .. تركته وهي تتمتم بكلمات كوكب الشرق:
– وانتبهنا بعد ما زال الرحيق وأفقنا ليت أنا لا نفيق..

 

 

أوبرا مصر ، ساحة الإبداع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى