أ.د/ منال خيري تكتب السياسة النقدية ودور البنك المركزي في تحقيق الاستقرار النقدي

السياسة النقدية هي مجموعة من الأدوات التي يوفرها البنك المركزي للدولة، لتعزيز نموها الاقتصادي، من خلال التحكم في إجمالي المعروض النقدي المتاح لبنوك الدولة، والعملاء، والشركات.
والبنك المركزي هو المؤسسة المسؤولة عن مراقبة وتوجيه النظام المصرفي في الدولة ، وتهدف بشكل عام إلى الحفاظ على الاستقرار النقدي في الدولة والأسهام في تعزيز النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم وتخفيض البطالة
ويحدد البنك المركزي نسبة الفائدة التي من المفترض أن تفرضها بنوك الدولة على الإقراض، فعندما يرفع سعر الفائدة أو يخفضها، تقوم جميع المؤسسات المالية بتعديل الأسعار التي تفرضها على جميع عملائها، سواء كانوا من الشركات الكبيرة التي تقترض الأموال لتنفيذ المشروعات الكبرى، أو كانوا من الأفراد العاديين الذين يحصلون على القروض.
وتهدف البنوك المركزية من وراء السياسة النقدية التأثير على عوامل الاقتصاد الكلي، بما في ذلك معدلات التضخم، ومعدل الاستهلاك، والنمو الاقتصادي، والسيولة الإجمالية.
وبالإضافة إلى تعديل سعر الفائدة، تستخدم البنوك المركزية عدة أدوات لضبط السياسة النقدية، بما في ذلك شراء أو بيع السندات الحكومية، وتنظيم أسعار صرف العملات الأجنبية، وتحديد مقدار الأموال التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها كاحتياطي نقدي.
السياسة النقدية
أهداف السياسة النقدية :
ضبط معدلات التضخم
تستهدف السياسات النقدية ضبط مستويات التضخم من خلال الإبقاء عليها منخفضة. وفي بعض الأحيان، تعتبر معدلات التضخم المنخفضة مؤشرًا علَى سلامة الاقتصاد. على سبيل المثال، في حالِ ارتفاع معدلات التضخم، فإنَّ البنوك المركزية قد تلجأ إلى اتباع سياسات انكماشية Contractionary Policy، تهدف إلى الحدِّ من التضخم، عن طريق تقليل المعروض النقديِّ ورفع أسعار الفائدة.
الحد من معدلات البطالة
يمكن للبنوك المركزية أيضًا استخدام أدوات السياسة النقدية للتحكم في معدلات البطالة. إلا أنها، علَى خلاف السياسة النقدية الانكماشية التي تستخدمها البنوك المركزية لضبط التضخم؛ إذ إنَّ السياسة التوسعية تكون – غالبًا – الأكثر تأثيرًا في خفض معدلات البطالة. ذلك لأن زيادة المعروض النقدي تحفز الأنشطة التجارية؛ ومن ثَم تسهم في توسع سوق العمل.
حماية أسعار الصرف
يمكن للبنوك المركزية – باستخدام سلطتها النقدية – تنظيم أسعار صرف عملاتها المحلية مقابل العملات الأخرى. على سبيل المثال، قد يلجأ البنك المركزي إلى زيادة المعروض النقدي بإصدار المزيد من العملات؛ لينخفض سعر العملة المحلية. وفي هذه الحالة تصبح قيمة العملة المحلية أقل من العملات الأجنبية الأخرى.
ويمكن تنفيذ السياسة النقدية من خلال عدد من أدوات السياسة النقدية في مقدمتها:
- شراء أو بيع الأوراق المالية الحكومية، أو ما يُسمى بعمليات السوق المفتوحة.
- تعديل أسعار الفائدة.
- تعديل كمية النقد المتداول في الاقتصادِ، أو تغيير نسبة الاحتياطي.
يجب على المستثمر الاهتمام بالسياسة النقدية للبنك المركزي ، ويسعى البنك المركزي الى تحقيق أهداف التوظف الكامل، استقرار الأسعار، والنمو الاقتصادي وذلك من خلال تنظيم عملية القروض ومنح الائتمان ، فعندما يرغب البنك المركزي في زيادة المعروض من النقود فإنه يتبع سياسة نقدية توسعية ، وعندما يريد التقليص من كمية النقود الموجودة في المجتمع فإنه يتبع سياسة نقدية متشددة، وذلك من خلال مجموعة من الأدوات التي تؤثر في كمية المعروض من النقود وذلك على النحو التالي :
1 – نسبة الاحتياطي :
ان البنوك التجارية يجب ان تحتفظ باحتياطيات وهي عبارة عن الأصول التي تحتفظ بها مقابل التزاماتها المتمثلة في الودائع، ويحدد البنك المركزي نسبة الاحتياطي الواجب الاحتفاظ به من قبل البنوك التجارية، وبالتالي قدرتها على منح القروض المصرفية، فعندما يقوم البنك المركزي بخفض نسبة الاحتياطي الواجب الاحتفاظ به فإنه يزيد من قدرة البنوك التجارية على منح الائتمان (القروض) ، وبالتالي زيادة كمية النقود الموجودة في المجتمع والعكس صحيح إذا ما قرر البنك المركزي زيادة نسبة الاحتياطي الواجب الاحتفاظ به .
2 – سعر الخصم:
يقصد بسعر الخصم سعر الفائدة المحدد من قبل البنك المركزي عندما تقترض البنوك من الاحتياطيات الموجودة لدى البنك المركزي ، فعندما يرغب البنك المركزي في زيادة كمية النقود الموجودة في المجتمع فإنه يقوم بخفض سعر الخصم؛ مما يشجع البنوك التجارية على الاقتراض من البنك المركزي وبالتالي التوسع في منح القروض مما يعمل على زيادة المعروض من النقود، وعند رغبة البنك المركزي في تقليل كمية النقود في المجتمع فإنه يعمل على زيادة سعر الخصم؛ مما يحد من قدرة البنوك التجارية على الاقتراض ومنح القروض .
3– عمليات السوق المفتوحة :
وتعتبر من أهم أدوات السياسة النقدية، ويقصد بها شراء أو بيع الأوراق المالية الحكومية
( وخاصة أذون الخزانة ) من قبل البنك المركزي ، إذ انه من خلال بيع وشراء الأوراق المالية الحكومية يتمكن البنك المركزي من التحكم في كمية النقود المعروضة وقدرة البنوك على منح الائتمان ؛ فعندما يرغب البنك المركزي في زيادة المعروض من النقود فإنه يقوم بشراء الأوراق المالية ، ويتم تحويل ملكية هذه الأوراق المالية للبنك المركزي الذى يقوم بدفع قيمتها من خلال شيكات مسحوبة عليه ، يقوم البائعون بإيداعها لدى البنوك التجارية ، وتقوم الأخيرة بمبادلتها في غرفة المقاصة واستلام الاحتياطيات من البنك المركزي ؛ مما يترتب عليه زيادة احتياطيات النظام المصرفي ، وزيادة قدرة البنوك على منح الائتمان المصرفي
(القروض) ، وبالتالي زيادة كمية المعروض من النقود.
وعندما يرغب البنك المركزي في تقليص المعروض من النقود فأنه يقوم ببيع الأوراق المالية الحكومية، وعندما يقوم الجمهور بشراء تلك الأوراق المالية فإن الودائع سوف تنخفض وبالتالي عرض النقود واحتياطيات البنوك التجارية مما يحد من قدرة الأخيرة على منح القروض.
أ.د/ منال محمود خيري
أستاذ مناهج الاقتصاد – جامعة حلوان