
الحياء
صفة كريمة حسنة؛ إذ قال سبحانه يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) “الأعراف”
وفي تفسير الإمام الغزالي نجد أن:
“لباس التقوى يعني الحياء” أبو حامد الغزالي*
وفي هذه الصفة (الحياء):
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة. فأفضلها قول لا إله إلا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان)
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رياض الصالحين**، قد ورد في باب الحياء وفضله والحث على التخلق به:
– عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رَسُول اللَّهِ ﷺ مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء. فقال رَسُول اللَّهِ ﷺ: (دعه فإن الحياء من الإيمان) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
– وعن عمران بن حصين رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: (الحياء لا يأتي إلا بخير) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية لمسلم: (الحياء خير كله) أو قال: (الحياء كله خير)
وهنا نجد عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي، في باب الحياء يقول:
قال الله تعالى: ” ألم يعلم بأن الله يرى” .
الحياء من أول مدارج أهل الخصوص، يتولد من تعظيم منوطٍ بوُدٍّ. وهو على ثلاث درجات؛
الدرجة الأولى: حياء يتولد من علم التوحيد بنظر الحق، فيجذبه إلى تحمل المجاهدة، ويحمله على استقباح الجناية، ويسكته عن الشكوى.
الدرجة الثانية: حياء يتولد من نظر في علم القرب، فيدعوه إلى ركوب المحبة، ويربطه بروح الأنس، ويكره إليه ملابسة الخلق.
الدرجة الثالثة: حياء يتولد من شهود الحضرة، وهي التي لا تشوبها هيبة، ولا تقاويها تفرقة، ولا توقف لها على غاية.
ويقول الإمام في نهج الحكمة:
(…. ولا زهد كالزهد في الحرام، ولا عِلم كالتفكر، ولا عبادة كأداء الفرائض، ولا إيمان كالحياء والصبر، ولا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعِلم، ولا عزَّ كالحلم،….)
حكاية..
– ذهب أبو سفيان بن حرب ومعه بعض القرشيين إلى الشام للتجارة، فأرسل إليهم هرقل ملك الروم يطلب حضورهم، فلما جاءوا إليه قال لهم : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟
فقال أبو سفيان : أنا أقربهم نسبا، فقال هرقل : أدنوه مني واجعلوا أصحابه خلفه، ثم قال لهم : إني سائل هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فقال أبو سفيان : لولا الحياء أن يروا عليَّ كذبا لكذبت . فأخذ هرقل يسأله عن صفات النبي ونسبه وأصحابه وأبو سفيان لا يقول إلا صدقا حياء من أصحابه.
……………………………
هوامش:
*إحياء علوم الدين (١/ ٥)
**رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للإمام يحيى بن شرف النووي الدمشقي، ويجمع في هذا الكتاب الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.