دراسات ومقالات

أسمهان حطاب العبادي تَكتُب : “موسم الحب” في رواية “رسالة في زجاجة” لـ “نيكولاس سباركس”

العراق ..

يقول ( نيكولاس سباركس)، أعلم أن القدير لديه غاية وخطة لكل واحد منا، لكن في بعض الأحيان لا أفهم ما المغزى أو الرسالة).
لا أحد يعرف ما الذي يغير أقدارنا ومجرى أيامنا ،قد تكون رسالة وبضعة سطور.
استلهم الكاتب تلك الفكرة ليكتب لنا تلك الرواية وهي ، قصة شابة (تيريزا) والتي تعمل مراسلة صحفية في إحدى وكالات الصحافة، وهي منفصلة وتعيش مع ابنها الوحيد في إحدى إجازات العمل تتجول على شاطئء البحر وهناك يجذب انتباهها زجاجة وفيها رسالة، تقرأ الرسالة لتجد انها رسالة رومانسية حزينة ،تطلع زميلاتها ورب العمل عليها، لينشرها اليوم التالي، تنال استحسان القراء ليرسلوا رسائل متفاعلين على النشر، بالتأكيد أغضبها الأمر لأنه موضوع شخصي، لكن في الوقت ذاته فتح ذلك لديها نافذة الفضول للبحث وتعقب كاتبها، تسافر وتتحمل مشقة البحث لتصل الى( جارت)،جارت بحار وصانع زوارق شخص منعزل عن العالم بعد أن فقد زوجته الرسامة، تتعرف عليه أكثر وتنشأ بينهم علاقة من التودد، تعود هي إلى عملها وابنها وحياتها الروتينية ثم يحصل اتصال هاتفي ثم لقاء، وموعد تتوطد العلاقة بينهم لكنه يبقي زوجته دائما في المقام الأول وتبقى محتفظة بمكان مرسمها وأدواتها كما هي وكأنها ستعود يوما. يحرص جارت على إبقاء كل شيء في مكانه. الابقاء لايعني فقط بقاء مجرد حاجات وأدوات؛ فالأمر يتعدى ذلك إلى بقاء القلب في صومعته كما كان في زمن مضى.
تدور الأيام ويجد رسالته في البطل ويتفاجأ من الموضوع ويغضبه لينفجر غاضبا ويخرج من المنزل والعلاقة، في عمله البحري وأثناء ابحاره يصادفه قارب فيه عائلة ينقذهم فيودي بحياته.

رواية "رسالة في زجاجة" لـ "نيكولاس سباركس"
رواية “رسالة في زجاجة” لـ “نيكولاس سباركس”

وهنا يظهر البناء النفسي لبطل الرواية ( جارت) شخصية تعيش صراع نفسي وأزمة داخلية، يعيش حالة فقدان لزوجته الحبيبة، يشعر أنها موجودة ليبقي أشيائها وحاجياتها كما هي بل إنه يغلق قلبه محتفظا بكنز حبها ، لايفرط فيه ولايغادره ، هو حبيس في معتقل حبيبته، وحبه حبيس قلبه،حتى وهو يشعر بنغزات حب جديد إلا أنه يبقى متمسكا بخيوط أمل كخيط العنكبوت، يجد الحب الجديد ويغالط ذاته وقلبه مقاوما لذته. أما شخصية (تيريزا ) ففي البداية كانت تعيش الوحدة بعد حصولها على الطلاق، ودخولها لحياة ( جارت) كان دخولا تحقيقا وأمر إعلامي لاغير، لكنه أيقظ فيها جذوة الحب من جديد وصنعت علاقة قد كانت في بدايتها هشة لكن الاعتياد واتزان الاخر خلق في العلاقة عمقا وكيانا صلبا وهذا ماحرص على اظهاره الكاتب في اخر رسالة يجدها والد جارت بعد غرقه.
الرواية مخملية النسج ورومانسية الطابع وشاعرية إلى النخاع، أنيقة التعبير .تضج بقيم الانسان مغموسة بتفاصيل الحياة اليومية الروتينية المعتادة في أول وهلة لكن ظهر ذكاء الكاتب في نقل هذه اليوميات، في إظهار نضج العلاقات الاجتماعية، الزوجة مع طليقها وزوجته وأولاده، وحنكة الاب وسلوكه مع ابنه الذي تجاوز الاربعين من عمره،وعلاقة رفيقات وزميلات العمل مع بعضهم البعض ،العلاقة الشفافة الخالية من الأنانية والنفاق المعروف في أي عمل كان.حيث حرص الكاتب على إظهار الجانب النقي والصداقة الخالصة.أظهر أيضا في طيات العمل، معاني الحب الحقيقي، والتفاني في الاخلاص، حيث رغم وفاة زوجته ظل محتفظا بكل مايخصها وفي مكانه نفسه، الحب لايعرف عمرا معينا ولايأخذ قالبا معروفا ولايساير حالة دون اخرى، فهو سامي ونبيل في كل زمان ومكان، طرح معاني الحرية الفردية ان يتحرر الانسان من أحزانه وقيود ذكرياته وينطلق بعيدا حتى عن من يحبه دون قيد أو شرط، البناء السردي درامي تبدأ في تسلسل تصاعدي للأحداث وصولا إلى الذروة
كما يظهر الحزن وكيفية مداواته والتعامل معه وتقويمه والاختلاف الفردي بين الناس في التعامل معه،

نيكولاس سباركس هو كاتب وروائي أمريكي مولود عام ١٩٦٥ في أوماهو الأمريكية درس تمويل الأعمال ،لكنه كان شغفا بالكتابة، كتب روايات عدة نالت الكثير منها استحسان المخرجين السينمائيين لتحول إلى أفلام وتحقق ارباحا في شباك التذاكر، بعضها كتبها متأثرا بحياته الخاصة مثل (مشية للتذكر) حيث كان متأثرًا بوفاة أخته ( دانيل)، ومن رواياته المفكرة، جارديان، الاختيار، الامنية،الزفاف.

 

 

 

أوبرا مصر ، دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى