ساحة الإبداع

أوبرا مصر تَنشُر “إمــرأة شـــرقية الملامِــح” قصة قصيرة للفنان التشكيلي عبد الهادي شلا 

 

في الطريق إلى المرسم راوغته ..

برأسه وخياله..دارت

على غير عادتها..

شكل إمرأة تقمصت

عن ملامحها..ما كشفت بل في ضبابها الكثيف.. بعيدة ..بقيت
تطل لحظة و لحظات تختفي..

في المرسم.. ألقى على الأريكة بجسده المتعب.. اسند رأسه إلى الخلف.. سيجارة أشعل …و نفسا عميقا ..سحب

الحامل الخشبي و اللوحة بقماشها الأبيض البكر.. والألوان المبعثرة على الطاولة في منتصف المرسم ..قبالته في ثبات ، وتحد..انتصب.

آه على فنجان قهوة بدون سُكَّر.. وهو يتجه نحو النافذة المطلة على المدينة الصاخبة ..حَدَّثَ نَفسه!!

في أزقتها وحواريها ووجوه رجالها المرهقة ونسائها الحبلى بالصبر والغضب تأمل.. ببصره… وجَـالَ .

خلفه تلفَّت..وكأنه سمع صوتا يناديه..

غير اللوحة البيضاء البكر معلقة على الحامل الخشبي في منتصف المرسم.. ما رأى!!

إلى الأريكة ..عاد ..

بين عينيه واللوحة حوار عشق صامت:

– أقِـبل وفتحت ذراعيها.. لا تتردد.. اللوحة.. نادته ..أوهكذا تَخـَيَّل!!
-انتفَض من مكانه..استعاذ بالله مرات ثلاث،و على الأريكة.. جلس !!

بعض “شخبطات”على جدران المرسم ،واللوحات المعلقة، تأمـل
الألوان والكتب المبعثرة في كل ركن، وبقايا من جرائد ومجلات قديمة تناثرت هنا ،وهناك..

أُحـِبُ هذه الفوضى.. إنها تُبعثرني وتعيديني إلى حيث أحب أن أكون ..هي عالمي الخاص ولا أتصور أن أعيش بدونهــا!!

لنفسه بــاح!!

سيجارة ثانية.. أشعل

من اللوحة..اقترب ،وحولها ..دار

رقصت سبابته على القماش الأبيض..قفزت من أعلاها إلى أسفلها..إلى الجانب الأيمن.. تمهلَ قليلا ، كأنه يعزف على بيانو ،ثم ألقى بجسده المرهق على الآريكة وهو يتأمل بعشق قماش اللوحة الأبيض..نـَــامَ !!

الفرشاة بين الألوان ..فراشة تتخير رحيقها بعناية وهي تقفز بين الورود والزهور ، و تعود إلى اللوحة..فرحة ..منتشية .

تعاود مرة أخرى وأخرى إلى حيث الألوان بكل جمالها وزهوها قد نُثِـرت على” الباليت ” فتتمايل وتتراقص بينها و تقطف ما يكفي لتهبط به على القماش الأبيض البكر، وليتكشف الضباب عن إمرأة شرقية الملامح كلما عادت الفرشاة بألوانها وطرحتها على القماش الأبيض البكر، برزت ملامحها…ومفاتنهـا!!

عشرات من ضربات الفرشاة الحادة كانت تتزاحم في وضع اللمسات الأخيرة على جسدها وعشرات أخر تفسح الطريق للمسات من الضوء الذي يعكس جمال ثوبها الشفاف المزدان بالورود..لتحدد معالم الجسد المتراقص بين الظــل و الضــوء!!

في منتصف المرسم.. من اللوحة ترجلت..رقصت

شالها الأحمر وجهه..لامس..ما صحى !

حوله..تمايلت، بين الكتب والجرائد والصحف وبقايا أعقاب السجائر..قفزت حول الأريكة،مرة أخرى داعبت بشالها الأحمر وجنتيه، تبسم، وما صحى!!

نسمة باردة من نافذة المرسم..تسللت، جسده لامست..ايقظته!!
آه كبيرة منه خرجت… و مد يديه إلى أوسع مسافة في الهواء..تمطى
سيجارة أخرى ..اشــعل

ما هـذا..ربــاه ؟؟!!

كــيف ومتــى؟؟؟!!

عينيه..فــرك،وإلى اللوحة إتجه

تأملها،وبحرص شديد مد أصبعه يتحسس ألوانها ويتتبع خطوطها
حين رأى المرأة بكل مفاتنها الشرقية..تبســم..ارتعــد !!؟؟

حوله تلفت ، والكتب المبعثرة والمجلات والصحف، وأعقاب السجائر، ومن النافذة على المدينة الصاخبة ، برجالها المرهقين،ونسائها الحبلى بالصبر والغضب ..أطـل !!

الأريكة ، وجدران المرسم واللوحات المعلقة لنساء جميلات ..من هنا مَــَررنَ.. تحسس وعن إمرأة شرقية الملامح هنا رقصت وتمايلت وملأ ت الفضاء مرحـا وحبـا وفرحـا.. بحـث !!؟؟

” تمـــت “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى