أوبرا مصر تَنشُر حوار مع أحمد وحيد.. تصوير الحياة البرية فن ورسالة مؤثرة
أجرت الحوار : أفنان سعيد زعيتر
مصور محترف، مصري سيناوي في العقد الثالث من عمره. درس تكنولوجيا المعلومات في سيناء، ثم استكمل دراسته في مجال مراقبة الحركة الجوية بأكاديمية الطيران المصرية – وزارة الطيران المدني. يعمل كمراقب حركة جوية في مطار شرم الشيخ. حبّ المراقبة لديه لم يبدأ بالطائرات، بل بدأ منذ الصغر بحب مراقبة الحيوانات والطيور وسلوكياتها حيث كان والده مديرا لمحمية الزرانيق بشمال سيناء ووالدته إدارية في ذات المحمية، فاختص بتصوير الطيور في مصر والحياة البرية، ونشط في الدفاع عن حقوق الحيوان. فاز بجائزة نيكون مصر لعام 2015.
وأحد أعضاء مجلس إدارة الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، وهي جمعية أهلية تم تأسيسها منذ 2005، وهي الشريك المصري للمنظمة العالمية International Birdlife. وقد شاركت الجمعية كراعي رسمي لمعرض لمصوري الطيور لثلاث سنوات على التوالي كان آخرها عام 2023، وقد شارك فيه خمس وتسعون مصورا وخمس وعشرون مصورة. كما أنها تنظم حملات لعدّ الطيور في مناطق مختلفة في مصر وأوقات مختلفة بالاضافة إلى الدراسات البيئية وأنشطة أخرى تختص برفع الوعي البيئي.
– ما الذي زرع فيك هواية التصوير؟ ولماذا حب تصوير الحياة البرية وتوثيق معلوماتهم بالرغم من كون مجال دراستك بعيد نوعا ما عن حياة الحيوانات؟
بداية أنا لم أختر مجال التصوير، لكنه اختارني…. أما تصوير الحياة البرية فذلك يعود ذلك بشكل أساسي لظروف نشأتي في عائلة من مسؤولياتها الحفاظ على الحيوانات. وقد ساهم التعمق في تفاصيل الحياة البرية في انجذابي لها، ففي كل مرة أجد ما يدهشني.
– هل تتخذ التصوير فنا أم طريقة للتوثيق؟
التصوير بالنسبة لي فن أوظفه في توثيق أنواع الحيوانات للمساهمة في الدراسات البيئية ونشر الوعي البيئي. وعلى أي مصور حياة برية امتلاك المقوّمات المناسبة لالتقاط الصور الصحيحة.
– ما هي المحطات التي حللت بها أثناء احترافك التصوير؟
بداية الأمر كانت من والدي، فقد كنت أشاهده أثناء ممارسته هواية تصوير الطيور. ثم تطور الأمر لدي حين حصلت على عمل مع شركة عالمية في مجال الاستشارات البيئية، حيث كانوا يمتلكون معدات تصور احترافية. بعد ذلك أصبح التصوير هدفي، فسعيت لامتلاك كاميرا احترافية، ليكون ذلك لأول مرة عام 2010. ثم بدأت الحصول على عدة جوائز محلية ودولية.
– هل من السهل اقتناء أدوات التصوير المناسبة؟ وما هي نصائحك حول ذلك؟
بالطبع ليس سهلا اقتناء الأدوات الاحترافية، ولكن أدوات التصوير ما هي إلا عامل مساعد للمصور، فالفنان الحقيقي يمكنه أن يخرج صورا جيدة بكاميرا الهاتف. على كل من يهوى التصوير أن لا يتوقف عن التقاط الصور وأن يشاهد صورا كثيرة لمصورين محليين وعالميين، وأن لا يتردد في السؤال عن معدات أو تقنيات تصوير.
– هل هناك خطط لدعم المصورين الجدد؟
لقد قمنا بذلك فعليا في آخر نسختين من معرض تصوير الطيور في مصر، حيث ضممنا مشاركات لمصورين جدد، بل ومبتدئين أيضا بهدف تشجيعهم على ممارسة التصوير.
– ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها مصور الحياة البرية؟
برأيي إن العلم والصبر هما أهم ركيزتين للحصول على صور جيدة. فلتصوير كائن بري يجب دراسة سلوكه ومعرفة مواعيد هجرته أو تزاوجه، وطريقة غذائه وما إلى ذلك…
ولأن الكائنات البرية لا يمكن إعدادها مسبقا، لذا يجب التحلي بالصبر اللازم لحلول اللحظة المناسب والتقاط المشهد المناسب، مع العلم جيدا بأن ذلك قد يستغرق وقتا طويلا.
– ما هو شعورك أثناء الاقتراب من الحيوانات خاصة إن كانت خطرة؟
بداية… لا يوجد على وجه البسيطة أخطر من البشر، أما الحيوانات البرية إذا عرفت سلوكياتها وتعمقت بها فستكون بمأمن. لذا فأنا أستمتع بالقرب منها، سواء كانت خطرة أم لا.
– ما هي الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال التصوير للحياة البرية ؟
الهدف الرئيسي هو رفع الوعي البيئي في المجتمعات العربية. ولكن بالطبع هناك رسالة نشر الجمال الذي صنعه الله، وجمع أكبر كمية من المعلومات عن هذه الحيوانات.
– ما الذي اكتسبته من تصوير الحيوانات والسفر المستمر إلى وجهات التصوير البرية داخل مصر وخارجها؟
حصلت على صداقات أعتز بها، أما الربح المادي فهو صعب التحقيق من هذه الصور. وقد وحدت صعوبة اكتساب الربح منها المحبيبن لهذا النوع من التصوير والمغامرات، مع تنافسية أقل.
– ما الهدف من الاهتمام بطيور مصر وتسليط الضوء عليها من خلال إقامة معرض سنوي لمصوري الطيور؟
رفع الوعي البيئي بنوعية الطيور الموجودة على أراضي مصر، سواء كانت طيورا مقيمة أم طيورا مهاجرة. وقد رأيت وجوه العديدين من زائري المعرض وقد رسمت على وجوههم علامات الدهشة والاستغراب من وجود هذه الطيور حولنا.
– ما هي اللقطة التي تفخر بها؟ وما هي اللقطة التي ما زلت تسعى لالتقاطها؟
هناك عدة لقطات أفتخر بها وأحبها إما لصعوبة التقاطها أو بسبب حبي للكائن نفسه. ولكن أكثر لقطة مقربة لقلبي ليست لقطة للحياة البرية وإنما لطفل بدوي من قرية وسط سيناء يشرب من سيارة لنقل المياه مباشرة، وقد فازت هذه اللقطة بجوائز عديدة.
ما زلت أسعى لالتقاط صور لكائنات كثيرة، وهو الأمر الذي يحافظ على شغفي المستمر للتصوير. لكن كان حلمي هو التقاط صور للطيور أثناء هجرتها مع القمر في خلفية الصورة، وقد وفّقت لأول صورة لهذا المشهد عام 2017 في موسم هجرة الربيع، ومنذ ذلك الوقت أحصل على التقاطة مشابهة في كل موسم هجرة. بينما ما زلت أسعى لتصوير مشهد للبرق في الشتاء مع أهرامات الجيزة في القاهرة.
– ما هي أركان أو شروط تصوير الطيور والحيوانات البرية؟
لا توجد شروط، لكن على المصور التواجد في الوقت والمكان المناسبين. في المقابل، هناك أخلاقيات لمراقبة وتصوير الحياة البرية على الجميع الالتزام بها. ومن هذه الأخلاقيات عدم إزعاج أو تخويف الطيور لتصويرها أثناء طيرانها، أو الاقتراب من أعشاش الطيور في موسم التزاوج سواء كانت تحتوي على بيض أو فراخ أو حتى لو كانت فارغة، فذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على تكاثر الأنواع.
– ما هي أكثر الخرافات التي واجهاتها أثناء رحلاتك؟
وجدت خرافتين هما الأكثر انتشارا؛ الأولى أن أن الخفاش يلتصق بالوجه ولا يتركه إلا بصعوبة بالغة، والأخرى أن الطريشة أو ما تسمى بالحية المقرنة تستطيع القفز ولدغ الرجل من فوق الجمل، وكلاهما أمران غير صحيحان البتة.
– ما الذي قد تفيده التوعية بنوعية الحيوانات الموجودة في مصر وفهم سلوكياتها ومن ثم الحفاظ عليها من الانقراض أو الصيد الجائر؟
حينما يعلم الناس أن الكائنات جميعها تدور في حلقة مغلقة خلقها الله، وأن فقدان أي حلقة من هذه الدائرة كفيل بخلخلة النظام البيئي كله وخلق الكوارث التي تعود بالسلب على البشرية جمعاء.
لذا نطمح في رفع الوعي البيئي والحفاظ على الكائنات البرية لضمان مستقبل الأجيال القادمة.
– ما الفائدة التي تنالها مصر من كونها إحدى محطات الطيور المهاجرة؟
تستفيد مصرا من هجرة الطيور في العديد من الأمور، فعلى سبيل المثال لا الحصر: القضاء على الجراد الذي تتزامن هجرته في الربيع مع طيور أخرى. كما أنها تستفيد من روث الطيور المهاجرة في تسميد الشعب المرجانية وتغذية الأسماك، أو تسميد تربة الأراضي التي تمر عبرها.
– هل هناك طيور مصرية مهددة بالانقراض؟
للأسف أجل، وذلك ليس على الأراضي المصرية فقط، بل وفي كل مكان. أنواع كثيرة من الطيور المهاجرة عبر مصر مهددة بالانقراض مثل طير الرخمة المصرية – أو ما يسمى بالنسر المصري-، وأغلب أنواع العقبان.
– حدثنا أكثر عن الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، والجمعية المصرية لحماية الطيور؛ من توجهات ونشاطات وأهداف.
تهدف الجمعية بشكل أساسي إلى الحفاظ على جميع أنواع الكائنات البرية من خلال دراسات وأبحاث متعددة. لكن دائرة عملها تكمن في عدة محاور؛ منها ما يخص علاقة مشاريع الطاقة بهجرة الطيور، حيث أن هناك مشروع جاري التنفيذ تشرف فيه الجمعية على حماية الطيور من محطات طاقة الرياح، كما تدرس الأثر البيئي لمشاريع نقل الطاقة الكهربائية. أيضا تعمل الجمعية على رصد هجرة الطيور بإقامة مرصد طيور الجلالة؛ وهي نقطة قد تكون الأقرب على الإطلاق من الطيور في مراقبة هجرتها في العالم، بالإضافة لعدة حملات توعوية ودراسات بيئية واجتماعية عن صيد الطيور المهاجرة على طول ساحل البحر المتوسط في مصر.
– هل لدى أحمد وحيد مخططات يطمح ويسعى لتنفيذها؟
مخططاتي الحالية بشكل أساسي هي السعي للتأثير في الأطفال وزيادة معرفتهم بالكائنات البرية والمحيطة بهم. وبفضل الله قد انتهيت مع أصدقائي من إعداد كتاب مخصص للأطفال لتلوين الطيور مع وضع المعلومات المناسبة للأطفال لكل صورة، ونحن حاليا في مرحلة البحث عن دار للنشر.
أوبرا مصر ، ملفات وحوارات