اقتصاد وبنوك

محمد البنا يكتب كيف يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على الاقتصادات الصاعدة والنامية؟

توضح ورقة بحثية حديثة صادرة عن البنك الدولي أن رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدةيصاحبها انخفاضٍ كبيرٍ في تدفق الاستثمارات إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية والاستهلاك الخاص . Policy Research Working Paper 10258
وقد شكل الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأمريكية خلال العام الماضي تهديداً كبيراً لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ، ومن المرجح أن يكون تأثير السياسة النقدية الأمريكية المتشددة ( رفع سعر الفائدة) على الأوضاع المالية والنواتج الاقتصادية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، أشد حدة في المستقبل، في ظل استمرار العوامل التي تقود دورة التشديد في السياسة النقدية للاحتياط الفيدرالي ( البنك المركزي الأمريكي) .

وتوجد في الواقع ثلاثة عوامل محركة لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وهي كما يلي: (1) “الصدمات الحقيقية” الناجمة عن تحسن آفاق النشاط الاقتصادي الأمريكي؛ و(2) “صدمات التضخم”، التي تعكس التوقعات بارتفاع التضخم في الولايات المتحدة؛ و(3) “صدمات رد الفعل”، التي تعكس تقييمات المستثمرين بأن دالة الاستجابة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أصبحت أكثر تشدداً. حيث تبين أنه على مدار العام الماضي، كان ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية مدفوعاً بشكل رئيسي بصدمات رد الفعل، حيث تحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً لكبح جماح التضخم  وطوال عام 2022 كانت المعدلات المرتفعة لسعر الفائدة مدفوعة بشكل حصري تقريبا بالزيادات المستمرة في توقعات التضخم ورد فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي حيث تحول نحو التركيز على مكافحة الزيادة في التضخم. ويتوقع معظم المراقبين والمشاركين في السوق المزيد من تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي طالما لا يزال التضخم أعلى بكثير من المستهدف مع التأكيد على أن استقرار الأسعار هو الأولوية القصوى.

وقد بينت الورقة أن الارتفاعات في أسعار الفائدة الأمريكية بسبب صدمات رد الفعل تضر بشكل خاص بالأسواق المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأثيرها السلبي على مزاج المستثمرين، ومن ثم تدفقات رؤوس الأموال للدول النامية، حيث تؤدي صدمات رد الفعل، إلى زيادة عوائد السندات بالعملة المحلية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية طويلة الأجل، واتساع هوامش المخاطر السيادية بمؤشر سندات الأسواق الصاعدة، وكبح تدفقات رؤوس الأموال . كما أنها تتسبب في انخفاض قيمة العملات وتثبيط أسعار الأسهم في أسواق المال لهذه الدول.

فضلا عن آثارها على النشاط الاقتصادي وما تسفر عنه من انخفاضٍ كبيرٍ في الاستثمارات والاستهلاك الخاص.
خلاصة القول إن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة الأمريكية يبعث على القلق بشكل خاص خاصة إذا كان مدفوعاً في المقام الأول بصدمات رد الفعل المتزايدة، التي يمكن أن تكون لها آثار مالية واقتصادية ضارة بشكل خاص على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

أ.د. محمد البنا أستاذ الاقتصاد والمالية العامة جامعة المنوفية

اقتصاد وبنوكأوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى