ساحة الإبداع

أوبرا مصر تَنشُر “جمــال إمــرأة” قصة قصيرة للفنان التشكيلي عبدالهادي شلا

ما أن وَضــَعـَت قـدمهــا على الممر الطــويل المؤدي إلى مكتبها حتى كان كل الموظفين برؤوســهم .. قد أطــلوا .
ضربات كعبهــا على رخام الممــر الطــويل جرس إنذار بقدومها … نبههــم.
جمالها وزينتها المرسومة بحــِرَفيـة عاليــة من تصفيف شـَعرها إلى دقة خـُطوط حاجبيها، وظـلال عينيها الواسـعتان برموشها الطـويلة و بلوزتها الضيقة التي تَشــِفُ عن لـون حمَّالة الصــَدر في تناسق مع التنورة “البليسيه” والحزام العريض بلون حقيبتها الجلدية البني الفاخرة إضافة إلى قـوامها الرشيق .. بألبــَابِ شباب الشركة .. أخــذت ، وإستنفرهم بالحُجَـج كي يتوجهوا إلى مكتبها ببعض الملفات التي لا تحتاج إلى إيضـاحــات …!!
” عبد العاطي ” خَلــْفَ مكتبه الخشبي منهم .. سَــخِر !!
بصوت واحـد بأنه متخلف وجــاهل .. لا يفهــم في الجمــال وما تــذوقه .. إتهمــوه .
بطرف عينه ساخرا مرة أخرى ومستخفـا بعقولهم … رَمَقَهـُـم !

نشرة سنوية على عادة الشركة عُمِّمــَتْ على كل الأقسام بخصوص الرحلة إلى المدينة السياحية بالقطار ولمدة أسبوع تم تحديده ، وعلى من يرغـب تسديد قيمة الاشتراك خلال عشرة أيام من تاريخه.
– هل ســتكون الآنسة ” منى” في هذه الرحــلة .. شباب الشركة .. تســـاءَلـوا ؟
– هل ستذهب يا ” عبد العاطي ” زمـيل في المكتب المجــاور ســأل؟
– ولمــا لا .. فـأنا أعــزب وليس هناك ما يشـغلني ..”عبد العاطي ” أجــاب !

في اليوم المحدد وعند الساعة العاشرة مساءا..جميع الموظفين المشاركين، على رصيف القطار المتجه إلى المدينة السياحية .. تواجــدوا و العيون تختلس النظر إلى كل سيارة تتوقف عند باب المحطة.
الآنسة ” منى” لم تحضر وما أحــد يعرف إن كانت مشاركة في هذه الرحــلة أم ..لا ؟ كل في ســِرِّة.. ســـأل!!
سيارة أجرة منها ” عبد العاطي ” .. ترجــل ..كل العــيون .. إليـه . .أتجهــت .
جميعــا.. ضحكــوا ..لقد نســيناه!!
وسط انشغالهم وصخبهم بقــدوم”عبد العاطي”… بينهم “منى ” فجــأة ظــهرت !!

صورة غلاف تساقط الحروف
صورة غلاف تساقط الحروف

المسافة إلى المدينة الساحلية سيقطعها القطار في سبع ساعات، وســنتوقـف عند بعض البلدات الصغيرة ..ســائق القطــار ..أذاع بعد أن أخذ كل مقعـده و حقيبته على الرف أو تحت مقعده .. وضــع .

وسط الأرض الزراعية القطار يطوي الطريق مخترقا سكون الليل الريفي الهــادئ بينما بعض البيوتات الصغيرة من بعيد .. بـدت المصابيح فيها تتلألأت ، والقمر في اكتماله بدرا .. على المنظر العام مســحة جمال ربــاني …أضــاف !
أحــاديثهم … رويــدا رويــدا..خـفتت .. همســا ً تحـوَّلــَت !!
” عبد العاطي ” في مقعــده تكــوَّم، و في نوم عميق ..غــَــطَّ !!

سكون الليل الريفي ما قطعه سوى صوت صفارة القطار تتردد مع طَــَرقات عجلاته المتقطعة على القضبان الحديدية كثعبان أرقط على قضبانه نحو المدينة السياحية .. تلوى.
بينما الفجر ألــوانه الفضيـة تســتبق شــروق الشمس .. عنــد خـــَط الأفــق .. نَشـــَر.

مع نسمة باردة من شباك القطار..تسللت لتلفـح وجهه ” عبد العاطي ” تحــرك .. إعتــدل ..عينيـه فتـح .. ما صَدَّقـَـها ؟!
“منى” على الكرسي المقابل له .. عينية فـــَرَك
في وجهها حــَدَّق .. ســبحان مَنْ صور جمــالك الأخــاذ .. في ســِرِّه دَمـْــدَم!!

إلى الجهة الأخــرى .. بوجهه أدار.. ليكمل نومه بينما ساعات اللــيل تتلكأ ، والقطــار مازال يطـوي الطـريق بضـجيجه وصــفارته ، وما استيقظ ” عبد العاطي ” إلا حين بدأ القطـار يتهــادى استعدادا للوقــوف في محطة قرية صغيرة ..
حينها… بطرف عينه “عبد العاطي ” إلى ” منى” في نومهــا ..نَظـَــر !!
في ذُهــــول .. إعـــتدل
عينيــه .. بسبابته فَــرَك ..رباه !!
أغمضــها وفي ســِرِّه .. لاحول ولا قوة إلا بالله ..إن الله ســَتَّار حليــم .. قــال

حيــاءً و أدبـــاً .. بوجهــه … إســـتدار !!

في نومها خلال هذه السويعات “منى ” كل لمسات الجمال الباهــر التي أتقنتهــا.. تبخــرت.. زالــت
شعرها المســتعار..على كتفيهــا.. تــدلـى
ذاب كُــحل عينيهــا ..على وجنتيهــا ،ورموشها المُســتعارة ..عن جفنيهــا..تَخــلَّت
بطــَرف عينه رآها تمسح بــيدها بعض الكُحــل فرســمت مساحة سوداء اختلطت ببعض أحــمر الشفاة لتنســف ما تبقــى من جمالها المُســتعار .. إدعى النــوم .. ما أحرجهــا !!

ظنت أنه رآها على حقيقتها..إنتفضت وكأن عقربا قد لدغها فلملمت نفسها و .. بهــدوء إلى كابينة الســيدات ” منى ” .. تَســلَلَت
من زينتهــا وهيئتنهــا..أصـــلَحَت وإلى مكانهــا دون أن يشــعر بهــا احد ..عــادت.
في المقعــد المقــابل “عبد العاطي ” وحقيبتــه .. ما وجــدت ؟؟!!
أسندت رأسها إلى الخلــف و أغمضــت عينيهــا.. ونفسـا عميقــا..أخــذت
“عبد العاطي ” رجــل شهم .. حــر …. في ســرها على حيــائـه وأدبــه.. شــكرته !!

 

https://www.youtube.com/@ElgemelyAhmed

 

 

https://operamisr.com/2023/03

 

 

أوبرا مصر ، ساحة الإبداع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى