ساحة الإبداع

أوبرا مصر تَنشُر “يفنى العمر” قصة قصيرة لـ”محمود محمد”

جلس في شُرفة مسكنه القابع في الطابق التاسع، بعد أن جهّز جلسته كما اعتاد، فنجان قهوته الساخن، علبة لفائف التبغ وأعواد الثقاب، قلمه الرصاص ومُفكرته التي اكتظت بالأوراق، أوراق تتصارع فوق طياتها حالات مختلفة من الفرح والحزن، الوحدة والانطوائية وكثير من العزلة.
يرتشف رشفة واحدة من فنجانه فيدوي صوتها في أذنه، يخترق صمت الليل المنسدل، يقطع أفكاراً كانت تدور برأسه، وكأنها المعركة.. كان يسمع صليل سيوفها وهي تتعارك داخل رأسه في محاولة منها للفوز والانتصار والهيمنة.
يأخذ رشفة أخرى، فيشيع الصمت داخل عقله، ما هذا؟
هل انتهت المعركة؟
هل انتصرت أحد تلك الأفكار على مثيلاتها؟
أم هي الهدنة؟ أم هو الملل؟
هل ملّت أفكاري من التناحر على اللاشئ؟
ولكن كيف أدركوا هذا؟ كيف أدركوا أنني صرت اللاشئ في دنيا الخراب؟
قام من جلسته وهو يحاور نفسه وأفكاره منتظراً الإجابة، بينما لازال الصمت هو سيد القرار. أطلّ برأسه من الشرفة على الشارع، لم يجد أحد…
فراغ لا يملؤه شئ … لا بشر …. لا حراك … لا ضجيج… ولكنه مزدحم.
فقط صمت، شرد في هذا الفراغ مصاحباً ذاك الصمت محاولاً أن يجد له مكاناً في هذا المتسع الفارغ، ظل يبحث هنا وهناك… ولم يجد.
كما لم يجد بين طيّات مُفكرته أيضاً مُتسع لكتابة أي كلمات .. إلا ورقةً واحدة في نهايتها.. ولكن قلمه الرصاص أبى أيضاً ذلك.
كان قد كُسِر سِنُّه دون أن يدري، ذهب إلى مكتبه، أحضر تلك الشفرة الحادة ليقوم بإعادة إخراج سن جديد للكتابة، أمسك بها وبالقلم وشرع في ذلك، وبعد أن انتهى
تمهل قليلاً قبل أن يكتب، تذكر أنها آخر الصفحات، أراد ألا يترك الفرصة لمحو ما سيكتبه هذه المرة.. نظر للسماء في صمت ممزوج باليأس، و بحافة تلك الشفرة …. بعد صرخة مكتومة كتب:
” فَنَىٰ العُمْرُ … بَيْنَمَا ظَلَلْتُ حَبِيسَ الأَمَرَّيْن “

 

 

 

https://www.youtube.com/@ElgemelyAhmed

 

https://operamisr.com/2023/03

 

 

 

 

أوبرا مصر ، ساحة الإبداع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى