أ. د. محمد البنا يكتب الجانب المظلم لتطور الذكاء الاصطناعي
أعرب المدير التنفيذي لشركة جوجل ساندر بيتشاي، عن مخاوفه بشأن احتمال وجود جانب مظلم للذكاء الاصطناعي في حالة عدم تنظيم هذه التكنولوجيا الجديدة بالشكل المناسب، حيث قد يسبب انتشار الذكاء الاصطناعي بشكل خاطئ وبهذه السرعة أضرارا جسيمة، مشبها الذكاء الاصطناعي بتكنولوجيا تماثل الطاقة النووية في الخطورة، الأمر الذي يستوجب على الحكومات والشركات المطورة للذكاء الاصطناعي الاستعانة بنماذج الاتفاقيات الخاصة بالأسلحة النووية عند تنظيم أنشطة الذكاء الاصطناعي! لتفادي المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على المجتمع على مستوى العالم، والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر إنتاج معلومات مضللة والتأثير على الوظائف القائمة على المعرفة.
ومما يؤكد هذه المخاوف وجود فجوة بيننا وبين الذكاء الاصطناعي، والمخاوف المتعلقة بالسلامة، وعدم وجود “توافق” بين تفكير المستخدمين وقدرتهم على التكيف مع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي من جهة، ووتيرة تطور هذه التكنولوجيا من جهة أخرى، مما يستوجب وضع إطار تنظيمي عالمي لمطوري الذكاء الاصطناعي، خاصة وأن المنافسة الشرسة في المجال يمكن أن تؤدي إلى تقليص تدابير السلامة.
من ناحية أخرى يؤكد بيتشاي بأن نسخة روبوت المحادثة “بارد” التي طرحتها جوجل للاختبار بواسطة بعض المستخدمين كانت آمنة، مضيفا أن الشركة كانت حذرة بشأن النسخ الأخرى الأكثر تطورا، والتي لم تطرحها للاختبار العام.
والجدير بالذكر أن ألف خبير وقعوا على خطاب مفتوح للمطالبة بتجميد مؤقت لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي الشبيهة بتشات جي بي تي، محذرين من أن التنافس البشري في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتسبب في اضطرابات اقتصادية وسياسية جذرية للمجتمع.
ورغم أن صعود الذكاء الاصطناعي قد يكون مقلقا للأشخاص الأقل مهارة، لكنه مفيد أيضا ، حيث ساعد على ارتفاع إنتاجية موظفي خدمة العملاء بإحدى شركات البرمجيات الكبرى بنسبة 14% في المتوسط، بعدما تمكنوا من استخدام أدوات ذكاء اصطناعي توليدي لأداء مهام عملهم، وذلك مقارنة بمن لم يستخدموا تلك الأدوات. الدراسة التي أجراها باحثون بجامعة ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تتبعت أكثر من 5 آلاف موظف في واحدة من أكبر 500 شركة في الفلبين تقدم خدماتها للشركات الأمريكية الصغيرة والمتوسطة.
ووفقا للدراسة، كان الموظفون الأقل مهارة هم الأكثر استفادة من تلك الأدوات. وعملت الدراسة على قياس أداء الموظفين باستخدام مقاييس رئيسية مثل فعالية حل مشكلات العملاء بنجاح في الوقت المناسب.
كما أظهرت الدراسة أن موظفي خدمة العملاء الأقل مهارة بالشركة (التي لم تكشف الدراسة عن اسمها) كانوا قادرين على إكمال عملهم بمعدل أسرع بنسبة 35% بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وربما يعود التحسن في الإنتاجية إلى قدرة أدوات الذكاء الاصطناعي على نشر معرفة الموظفين ذوي الأداء الأفضل بين زملائهم الأقل خبرة، من خلال الاستجابات المقترحة من جانب الذكاء الاصطناعي.
ويشير هذا إلى أنه على الشركات معرفة وإدراك خبرات موظفيها الأفضل أداء، والتي على الأغلب ستستخدم كأساس لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة داخل تلك الشركات. ويثير ذلك سؤالا جديدا حول كيفية مكافأة هؤلاء الموظفين ذوي المهارات العالية عن خدماتهم الإضافية، والتي يمكن أن تصبح إرثا تستخدمه الشركات لسنوات تالية. (المصدر: نشرة انتربرايز)
أ.د. محمد البنا أستاذ الاقتصاد والمالية العامة جامعة المنوفية