اقتصاد وبنوك

أ. د. محمد البنا يكتب كيف نعالج تصاعد الدين العام 

كيف نعالج تصاعد الدين العام 

ارتفع الدين العام في الكثير من دول العالم إلى مستوى قياسي أثناء فترة الجائحة وبشكل فاق إجمالي الناتج المحلي العالمي. والآن، مع استمرار ارتفاع الدين الحكومي، يضيف كل من ارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار الأمريكي إلى تكاليف الفوائد، التي تشكل بدورها عبئا على النمو وتذكي المخاطر على الاستقرار المالي في الكثير من البلدان النامية

ونظرا لأن العديد من الاقتصادات يعاني بالفعل من حالة مديونية حرجة، من فقد تعرض تقرير آفاق الاقتصاد العالمي عدد إبريل 2023 لكيفية علاج تصاعد الدين العام وما هي السياسات التي تحقق أفضل النتائج لتخفيض نسبة الدين العام (أو نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي) بشكل دائم.

ويشير التقرير ألى أنه من المحتمل أن يكون تأثير تخفيضات الإنفاق العام على انخفاض نسب الدين أكبر مما تُحْدِثه زيادة الإيرادات العامة. وتزداد كذلك احتمالات النجاح حينما يتم تعزيز ضبط أوضاع المالية العامة من خلال إصلاحات هيكلية داعمة للنمو مثل عدم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص، وتوفير الحوافز اللازمة لتشجيع الاستثمارات المحلية. 

وهناك عوامل مهمة تفسر سبب عدم نجاح ضبط أوضاع المالية العامة وحده في تخفيض مستويات نسب الدين ، منها أولا، أن ضبط أوضاع المالية العامة غالبا ما يُبطئ نمو إجمالي الناتج المحلي. وثانيا، فإن تقلبات أسعار الصرف والدعم الذي يتم تقديمه من خلال الموازنة العامة للدولة إلى المؤسسات المملوكة للدولة يمكن أن تزيد الديون، برغم تحسن العجز الأولي (الذي من شأنه عادة أن يخفض الديون).

إعادة هيكلة الديون

وعلى الرغم من أن عمليات ضبط أوضاع المالية العامة والإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو المصممة بشكل جيد يمكنها المساعدة على تخفيض نسب الديون، فقد لا تكون كافية للبلدان التي تمر بحالة مديونية حرجة أو تواجه مخاطر متزايدة من تجديد الديون، وقد تكون إعادة هيكلة الديون ضرورية في هذه الحالات – أي إعادة التفاوض على شروط القرض.

وعادة ما تُستخدم إعادة الهيكلة كملاذ أخير على الرغم من أنها عملية معقدة تقتضي الاتفاق مع الدائنين المحليين والأجانب، وتنطوي على اقتسام الأعباء بين أطراف مختلفة ويمكن أن تترتب على ذلك تكاليف اقتصادية باهظة كما تنطوي على مخاطر قد تضر بالسمعة وتحديات في التنسيق. ولكنها عندما تقترن بضبط أوضاع المالية العامة، يمكنها أن تُحْدِثَ انخفاضا كبيرا في نسب الديون. 

وفي حالة البلدان التي تستطيع أن تتحمل تخفيض نسب ديونها بشكل محدود وبصورة تدريجية، فأفضل حل هو ضبط أوضاع المالية العامة عندما تكون الظروف مواتية، إلى جانب انتهاج سياسات تتضمن الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تعزيز النمو، وإضافة إلى ذلك، ينبغي لصناع السياسات أن يأخذوا بعين الاعتبار كذلك إعادة هيكلة الديون في الوقت المناسب، وإذا تقرر إعادة الهيكلة، يتعين أن تكون على درجة من العمق تسمح بتخفيض نسب الديون.

أ.د. محمد البنا أستاذ الاقتصاد والمالية العامة جامعة المنوفية

اقتصاد وبنوكأوبرا مصر

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى