د. مرسي عبد العليم يكتب فى مديح الرقابة..!
فى بداية مشواري العملي – وقبل عملى مذيعا- عملت فترة فى الرقابة التلفزيونية ..وهى إدارة عامة فى التلفزيون، تشمل أربع إدارات..رقابة البرامج..ورقابة الفيديو ..ورقابة الأفلام العربية ..ورقابة الأفلام الأجنبية ..
وكان الرقيب. (يسمى مراجع نصوص)
..وهى إدارة توازى رقابة المصنفات الفنية ..التى تتولى شأن السينما والكاسيت (لم يكن يصرح بنزول أغنية إلا بعد مراجعة كلماتها والموافقة عليها)..
المهم أن توزيعى جاء إلى إدارة البرامج التي تتولى مشاهدة البرامج التي تعرض على الشاشة قبل عرضها.. وتطبيق معايير ميثاق الشرف الإعلامى عليها .. ببنوده التى تحض ع الخير والحق والجمال.. وكثيرا ما انتصرت لهم فى مشاهداتي .. ويشهد الله على ذلك ومعه مخرجون صاروا أصدقاء لي .رغم الصراع الحتمي بين المخرج والرقيب..مثل الصراع بين لاعب كرة القدم والحكم.. !!
ورغم انتمائي إداريا لرقابة البرامج..لكن كان يتم الاستعانة بي في رقابة الفيديو وهى التي تتولى قراءة سيناريوهات الأعمال الدرامية (مسلسلات..وسهرات) لاجازتها على الورق ..ثم مشاهدتها بعد التنفيذ للتصريح بعرضها على الشاشة.. ومن الأعمال التي أسعدنى القدر بقراءتها مسلسل الضوء الشارد.. للرائع محمد صفاء عامر.. وكان رفيع العزايزى ..اسمه فى النص الاصلى .رفيع الكواملى .. نسبة الى عائلة الكوامل.. ولما قابلت الرائع محمد صفاء عامر فى حوار تلفزيونى لاحق .. ذكرت له حكاية رفيع الكواملى فابتسم وقال لى بيت شعر لعبد الحميد الديب..وهو يضحك منتشيا..
أتذكر حكاية الرقابة الآن..وأنا شاهد الأعمال الدرامية التي تدخل البيوت وأتساءل هل تم قراءة هذه النصوص قبل إجازتها؟!!
هل رأى القائمون على لجان المشاهدة (إن كانت موجودة أصلا.)هذه الألفاظ النابية والعلاقات الشائهة التى تسكنها؟!!وكيف أجازوها!
لقد درسنا فى كلية الإعلام مايسمى بحارس البوابة الاعلامية gatekeeper وهى فكرة وإن كانت مرتبطة بالتحكم والمنع؛ لكن يظل الدور الاجتماعى والقيمى لهذه الرقابة هو حائط صد وفلتر ..يحمي البيوت من اقتحام القيم و(دهسها ) تحت شعار حرية الإبداع..
إن الحرية لابد أن ترتبط بالمسؤلية ..حتى فى أكثر الأنظمة الإعلامية ليبرالية ..
يقول الشاعر ..نزار قبانى:
فقد لبسنا قشرة الحضارة.. والروح جاهلية.