وليد محمد حسني يكتب رحلة مع النبي حلقة (15)

هل مررت يوما على مظلوم مقهور لا يستطيع أن يدافع عن نفسه ولا يوجد من يساعده ؟ هل شعرت بالحزن لعجزك عن نصره ؟ دعني أسألك يا صديقي كيف سيكون شعورك عندما تعرف أن هذا المظلوم تعرض لكل هذا الظلم والعذاب والقهر فقط لأنه يؤمن بأفكارك وبمعتقداتك ؟
هل تشعر بالألم والحزن يعتصر قلبك ؟ ولكن ماذا ستفعل ؟ هل سيتحول حزنك وعجزك هذا إلي إحباط وهروب ويأس ؟
هيا يا صديقي نقترب من رسول ونرى ماذا فعل في هذا الموقف المؤلم.
هيا نقترب منه ها هو ذا جالس في ظل الكعبة وها هو ذا سيدنا خباب بن الأرت هذا الصحابي الجليل الذي تعرض كل جزء في جسمه لعذاب قاس من قومه وصل إلي الكي بالنار
شَكَوْنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا له: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قالَ: كانَ الرَّجُلُ فِيمَن قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فِيهِ، فيُجَاءُ بالمِنْشَارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، ويُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هذا الأمْرَ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ.
انظر يا صديقي إلي روعة الرد من القائد
هنا يشرح لهم القائد طبيعة الطريق الذي اختاروا أن يسلكوه وكل من سلك هذا الطريق لابد أن يتعرض لكل هذا وأكثر .
فالطريق لن يكون سهلا وذلك كي يميز الله بين الصادقين والكاذبين لأن هؤلاء الصادقون هم الذين سوف يبنون الحضارة والمجتمع الإسلامي وهذا بالفعل ما وجدناه فهؤلاء الصادقون الاوائل هو الذين حملوا راية الدين على أكتافهم الطاهرة الصادقة لأنهم ثبتوا أمام الشدائد والمحن والعذاب لا يرجون مال ولا جاه ولا سلطة ولا مكانة ولا أي مثقال ذرة من الدنيا ولكنهم كانوا يريدون فقط وجه الله لذلك كان إسلامهم صافيا.
فالفتنة والابتلاء هما الميزان الذي يميز الصادق من الكاذب .
يقول الله سبحانه وتعالى :
(الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )
ثم لم يكتف الرسول القائد بشرح طبيعة الطريق ولكن أيضا يبشرهم بالنصر وكأن ميزان الشدائد ( إن مع العسر يسرا ) ولكننا نتعجل.
وايضا الرسول القائد لم يكتف بالكلام الطيب الموضح لطبيعة الطريق أو مبشرا لهم بالفتح القريب وايضا لم يسيطر عليه الحزن لما يحدث لأتباعه فيجعله عاجزاً عن التفكير أو محبطا.
بل العكس تماما كان هناك حزن نعم ولكن كان هناك تفكير وحلول عملية لتخفيف هذا العذاب .
هيا نرى معا هذه الحلول العملية التي لجأ القائد النبي صلّى الله عليه وسلم
أولا: الأموال لشراء العبيد الذين كانوا يعذبون وقد فعل سيدنا أبو بكر الصديق هذا فقد اشترى وحده ٧ واعتقهم.
ثانيا : أمر بعض أصحابه بالهجرة إلي الحبشة
ثالثا : استخدم الروابط العشائرية في حماية المسلمين
رابعا : السماح لمن يعذب أن يظهر الكفر للمحافظة على حياته مثلما حدث مع سيدنا عمار بن ياسر