ساحة الإبداع

إبراهيم الديب يكتب المساء يشبه الصباح

قصة قصيرة

بعد أن ارتديت ملابس المدرسة بسرعة مخافة التأخير وعقاب المدرسين وأصبحت أمامها مباشرة؛ رفع الشيخ مصطفى الهندي رحمه الله أذان المغرب والذى يشبه توقيته الصباح كثيرا، لكن هناك مفاجأة فقد اكتشفت أننا فى المساء.. كنت في الصف الرابع الابتدائي، وهذه واقعة غريبة لم تحدث لي من قبل، فبعد انتهاء أحد أيام الدراسة، وبعد عودتي للبيت جلست وحدي لكتابة الواجب المدرسي فأخذتني سنة من النوم ولم يكن هناك غيرى ثم استيقظت معتقدا أنه صباح اليوم التالي ،…

فجمعت الكتب والكراريس المبعثرة بسرعة، ووضعتها في حقيبة المدرسة أما سبب تأخري بعض الشيء هو صعوبة ارتداء الكاوتش “حذاء قماش من باتا ” (أبو ٣٥ قرش) بسبب ضيقه على قدمي من أول العام، وخاصة الفردة الشمال، فأنا أفضل ارتداءه عن الحذاء الجلد لأنه: يصلح للمدرسة و أيضا لمباريات كرة القدم التي تبدأ في “أرض المريح” مباشرةً بعد جرس الحصة الأخيرة لذلك احرص أن يكون في قدمي فهو اثنان في واحد 1 مثل شامبو وبلسم، ما علينا من كاوتش باتا أبو ٣٥ ولنترك منطق الجاحظ في المفاضلة بين الأشياء والأضداد..

المهم بعد أن وصلت المدرسة وعرفت أننا فى المساء الذى يشبه الصباح، ولا شيء فى ذلك إلى الآن، ولكن ما لم يكن في الحسبان أن هناك من كان من يراقبني عن كثب من الصبية منذ خروجي من البيت ويرصد خطواتي أما ما أحزنني أن من بينهم زملائي، بل ومن نفس الفصل، وأحدهم يجلس بجواري ويدعي صداقتي ولكنه ركب الموجه، وبعد أن تجمع منهم مجموعة كبيرة.
وكان من بينهم بعض خصومي بسبب مشاكل قديمة و عداء، خلفته مباريات الكرة في الوسعاية و هناك أسباب أخرى أحدها تشجيعهم إحدى الفرق وكنت أسخر من هزيمتها،
وقد حانت لهم الآن لحظة القصاص من شخصي وفرصة التشفي، بعد أن أصبحت في مرمى نيرانهم وفريسة لهم ، ومادة لسخريتهم…. المشكلة كلها كانت تتمثل فى طريق عودتي من أمام المدرسة إلى البيت كنت في حاجة لعقلية عسكرية فذة مثل عقلية المارشال رومل الألماني أو لإحدى خططه العبقرية ومنها انسحابه بجدارة أمام المارشال مونتجمري الإنجليزي أثناء الحرب العالمية في معركة العلمين ويعد هذا الانسحاب في العلوم العسكرية أعظم انسحاب في التاريخ.
كيف أعود سالما دون الاحتكاك بهم؟ ،وحدث ما توقعته وتخوفت منه، فقد أصبح طريق العودة؛ عبارة عن حشد من كبير من الصغار شاركهم بعض الكبار ولا زفة أضخم حفل شهدته البلد بعد أن اصطفوا على جانبي الطريق كان أقسى ما تعرضت له سهام نظراتهم الساخرة التي قالت كل شيء قبل ألسنتهم الرزيلة، ومن هذه الكمية من شماتة أعدائي وخصومي مجتمعين وخاصة من مشجعي الفرقة الأخرى…. وأما كل ما استطعت فعله هو أني لم أترك طوبة أو زلطه بسن بطول الطريق على الأرض إلا وأطلقتها عليهم محدثة إصابات ثم قمت باستدعاء بعض ألفاظ قاموس الشتائم و السباب واللعنات مطلقها باتجاههم… أحدث الطوب والزلط الذي استخدمته في المعركة ببعضهم إصابات مباشرة في الوجه والرأس؛ وعلى الرغم من حدوث خسائر في صفوفهم إلا أنهم ظلوا لا يبالون واستمروا يسخرون ويصفرون ويضحكون ويهللون ويستدعون من لم يعرف ليخبروه بما حدث… ظلوا خلفي ولم يأخذوا قرارا بالعودة إلا عندما خلعت الكاوتش أبو ٣٥فرش واطلقت ساقي للريح وهم خلفي حتى أوصلوني للبيت.

ساحة الإبداعأوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى