ضباب كثيف يكسو السماء، تتوارى خلفه شمس خجلة لم تستطع أن ترسل أشعتها، الأرض يميل لون رملها إلى الحمرة، نيران مستعرة تقذف بالشرر، ودخان يملأ الأفق ويرتفع ليلامس الضباب..
سور مبني من الطمي لا يُرى له أول ولا آخر، يتوسطه باب مغلق موشى كله بالذهب..
وأحدهم يقف في ثبات أمام الباب، منتصب الظهر، تلامس يده السمراء مقبض سيفه المتواري في الغمد المثبت على خصره، يترقب اللحظة التي يسمع فيها أمر الهجوم؛ فيقتحم الباب.
رائحة الموت المنتشرة في كل مكان تزكم أنفه، وأصوات بكاء أطفال وصرخات نساء واستغاثات رجال لا تتوقف، يتداخل معها صوت لم يستطع أن يميزه..
وصوت هناك ما زال يحفزه، يتداخل معه صوت آخر يأتي من خلف الباب، يتردد في أذنيه كصدى لذلك الصوت..
– لا تخشى شيئًا؛ فنحن على الحق.
– نحن على الحق؛ فلا تخشى شيئًا.
– وإن مت، تمت شهيدا.
– وإن مت، تمت شهيدا.
– أهجم بكل قوتك، اقتحم الباب كأسد جسور.
– دافع عن الباب بكل قوتك، لا تسمح لأحد بالعبور.
– اقتحِم.
إستل سيفه، ضرب الباب بقدمه ففتحه، داهم المكان، وقف يتلفت حوله، انتابته الدهشة؛ المكان خال إلا منه.
دار على عقبيه، أغلق الباب، وقف أمامه في ثبات، منتصب الظهر، تلامس يده السمراء مقبض سيفه المتواري في الغمد المثبت على خصره، يترقب اللحظة التي يقتحم فيها أحدهم المكان..
رائحة الموت المنتشرة في كل مكان تزكم أنفه، وأصوات بكاء أطفال وصرخات نساء واستغاثات رجال لا تتوقف، يتداخل معها صوت لم يستطع أن يميزه..
وصوت هناك ما زال يحفزه، يتداخل معه صوت آخر يأتي من خلف الباب، يتردد في أذنه كصدى لذلك الصوت..
– دافع عن الباب بكل قوتك، لا تسمح لأحد بالعبور.
– أهجم بكل قوتك، اقتحم الباب كأسد جسور.
– وإن مت، تموت شهيدا.
– وإن مت، تموت شهيدا.
يتأمل في الباب الموشى كله بالذهب، تتداخل الصور والمشاهد في عقله، يتساءل بينه وبين نفسه: “هل يقف أمام الباب أم خلفه؟ أمدافع عنه أم مقتحمه؟ من نحارب؟ ومن يحاربنا؟”..
ينظر إلى الأسفل، ينبش بقدمه الأرض علَّه يجد رمالًا صفراء لم تتخضب بعد بالحمرة، يتطلَّع إلى الأعلى، يعبر ببصره الدخان إلى سماء مكسوة بالضباب، يطلب شمسًا لم تعد ترسل أشعتها..
استطاع أخيرا أن يميز الصوت، أنين نهر لم يعد يجري.