في الشارع الكبير المزدحم ب”الفترينات”الزجاجية..أمام إحداها..توقف
مجموعة من “الموبايلات” الجميلة الشكل والحديثة المواصفات.. تأمل
هذا..ذو الغطاء الأحمر..سيعجبها فجميع مواصفاته على تلك الورقة الصغيرة بجانبه.
بعد أن أتناول غدائي في مطعم”السعادة” سأشتريه لها..ستفرح “نادية” بهذا”الموبايل”الجميل الحديث..سيكون هدية عيد زواجنا الأول..حدث نفسه
– أهلا سيدي.. تفضل هنا ..الجرسون رحب
– أفضل تلك الطاولة في الركن الهادئ.. “محمود”
جلس..
لابد أنني جلست على شيء ما..مد يده..تحسس
ما هذا؟؟!!..” موبايل”!!؟
أمامه على الطاولة بحيث يراه صاحبه أو صاحبته إذا ما عاد يبحث عنه.. وضعه
قائمة الطعام.. تصفحها..المشويات..الفطائر..المقبلات..الحلويات..المشروبات…
– سيدي..ماذا تأمر..الجرسون سأل
– طبق مشويات ..سلطة خضراء وعصير كوكتيل
عيناه ..بين”الموبايل” و الوجوه القادمة ..تنقلت
..تناوله
على مفتاح الأرقام المخزنة..ضغط
كل ما فيه هو رقم واحد.
إلى الطاولة ..أعاده
ربما يتصل صاحبه أو صاحبته بعد قليل ..ربما !!
– تفضل سيدي..الجرسون
..وانصرف
طعامه تناول..بينما عيناه بين “الموبايل” والوجوه القادمة عن علاقة.. بحثت
على الرقم الوحيد في صندوق التخزين.. مفتاح الاتصال..ضَغط
الهاتف على الطرف الآخر ..رن
صوت ذكوري على عجل .. جاء مرحبا
..منذ ساعة..معا كنا..اشتقت إليك
لابد ان أراك غدا في نفس الموعد وفي نفس المكان!!
– على مفتاح الاغلاق..ضغط.. محمود
..في رأسه دوامة من الأفكار..رحاها دارت
لابد انهما حبيبان كانا هنا و..وسط فرحة اللقاء أوحزن الوداع.. الحبيبة “الموبايل”.. نسيت
كوب العصير..تناول
بعيدا ..بأفكاره الجميلة ..أبحر
مع نغمة جميلة..من “الموبايل” ..عاد
هذه النغمة أنثوية..حدث نفسه
على مفتاح الاستقبال..ضغط..إنتظر
من الطرف الآخر ..
– أرجوك سيدي أو سيدتي..فقط أريد ذاكرة “الموبايل” ..لا أريد” الموبايل” فهو هدية مني..إليك
– رباه.. ما هذا ؟؟ صرخة بداخله كادت أن تمزقه..حبسها
إنه رقم هاتف بيتنا..وهذا صوت “نادية” زوجتي!!
أكاد أجن ..بعصبية شديدة..أغلق “الموبايل”
حوله تلفت..نفسه لملم..
لم أر هذا “الموبايل” معها من قبل..عاصفة من الجنون..اجتاحته
على عجل..غادر المطعم
عند سيارته ..دقائق توقف ..فكر
نغمة”الموبايل”..غيّر
في البيت..ببنت شفة..ما نبس
– سأجهز لك الغداء..قالت “نادية”
– لا أريد.. تناولت طعامي بالخارج..أجابها،ولكن تناولي طعامك..إن كنت جائعة!!
بسخرية.. عقب
– لا..لا..فلست جائعة الآن
– طبعا..في سرة..قالها
– بينما أغتسل وأحلق ذقني..جهزي لي “شنطتي” فأنا مسافر عدة أيام في مهمة عمل .. أمرها
– أعدي لي فنجان قهوة، وإلى حجرته دلف بعد أن خرج من الحمام..أبعدها
“الموبايل” على الطاولة أمام المرآة ووسط زجاجات العطر وأدوات المكياج..أخفاه
في أرجاء الحجرة التي عاش فيها أياما كانت جميلة ،بعينية..جال، وإلى باب البيت حاملا “شنطته”..اتجه
ألا تريد القهوة..سألته؟
لا..إشربيها أنت !!
به لحقت.. ألا تودعني..سألته؟
على خده قبلة..أرادت
من بين يديها ..انسحب
وفي نفسها خيفة..أوجست
الباب..أغلقت ونحو الشرفة أسرعت
بينما ركب سيارة أجرة.. في زحمة الطريق.. غاب.
نغمة غريبة من الحجرة..انطلقت
إلى حيث مصدرالنغمة..استدارت
نغمة غريبة..في نفسها..السؤال مرات عديدة..رددت
..توجهت
بين زجاجات العطر في أرجاء الحجرة “فات الميعاد..وبقينا بعاد ” النغمة الجديدة كانت تصدح
قبل أن تضغط على مفتاح الاتصال ..تمهلت و..رقم المتصل قرأت..
صوت “محمود” ..مزلزلا كيانها
نادية..
أنت..طالق..طالق..طالق.