ملامح البيئة المصرية والسعودية في أعمال فهد الحجيلان بأتيليه العرب
كتبت منال رضوان
يحتفي أتيليه العرب للثقافة والفنون برئاسة الناقد التشكيلي هشام قنديل، مساء الأحد المقبل، بجاليري ضي الزمالك، بأعمال الفنان السعودي الكبير الراحل فهد الحجيلان أحد أبرز نجوم الحركة التشكيلية السعودية وعاشق مصر .
عن تجربة الحجيلان يقول الناقد هشام قنديل: ولد الحجيلان الفنان في واحدة من أقرب البيئات المصرية للجغرافية والبيئة السعودية، ومن هنا كانت نقطة الالتقاء، لكن ثمة تمايز آخر لمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية التي ولد بها وعاش فيها سنوات الطفولة والصبا، فهي واحدة من المدن التي تجمع بين البيئة الصحراوية البدوية بكل ملامحها وبين بيئة الزراعة والفلاحة والخصب والنماء، إنها تشكل بامتياز لوحة ينسجم فيها الأخضر والأصفر بلا تكلف ولا افتعال، ذلك أنها صنعة الله وصبغته سبحانه وتعالى.
ويتابع قنديل: هي بيئة شديدة التنوع وباذخة الثراء في مكوناتها ومكنوناتها الشعبية منها بالذات، فهي المليئة بطقوس الفلكلور الشعبي ورقصات التحطيب والفروسية، الأفراح والموالد التي تمتلئ بالمواويل والغناء الشعبي والعزف على الربابة والآلات الشعبية وكورال الغناء الجماعي في مواسم الحصاد وجني المحاصيل والأسواق الشعبية.
يؤكد قنديل: عن النستولوجي في فن الحجيلان حدث ولا حرج فهو يستمتع ويمتع المتلقي معه باستعادة محسوبة لشيء من التاريخ والذكريات التي تعود به وبالملتقى معا إلى مراتع الطفولة والصبا، بما يعطي لوحاته كثافة كبيرة وحميمية بالغة تضج بها لوحاته وتطلق العنان لخيوط الذكريات التي تبدأ ولا تنتهي.
ويشير قنديل إلى أن فهد الحجيلان في واحد من تجلياته الفنية يخدعك أحيانا بأنك أمام عمل سهل بل شديد السهولة، ثم إذا بك أمام سيل جارف من الرؤى والإيحاءات التي تصلح كلها لقراءة لوحاتها بما يجعلها أشبه بالنصوص والأعمال الفنية ذات النهايات المفتوحة، وهنا تظهر بوضوح تأثيرات البيئة المنفتحة التي عاش فيها طفولته وصباه وتابع فيها أعمال مدارس فنية مختلفة متعددة ومتباينة في أكثر من مجال فني حتى لتبدو لوحته أحيانا أشبه بعرض مسرحي مفتوح لا يشترط هو أن يلعب فيه دور البطولة.
ويطرح قنديل التساؤل: هل لو عاش بالفعل الحجيلان في أي مكان آخر لأضحى فنانا غير الذي نعرفه الآن وكانت لروحه مشارب أخرى؟، ويجيب: للتعبير إذن لا بد قبل الولوج إلى عالم الحجيلان التشكيلي أن نأخذ هذا المدخل في الاعتبار، فأعماله شديدة الانتماء والولاء للبيئة المصرية المنفتحة على حضارات العالم وشاهد في طفولته الرقصات الشعبية، التحطيب، الأفراح والموالد، عرائس المولد والعزف على الربابة، موسم الحصاد، السوق، وتربت أذناه على سماع المواويل الشعبية والمقرئ والتي ما زال يستمع إليها الآن وهو يرسم متمثلا ملمحا مهما من طقوسه في الرسم.
ويشير قنديل إلى أن كل هذه المشاهدات أحدثت في نفسه المرهفة تأثيرا عميقا في أعماله وما زالت تظهر بجلاء في أعماله سواء جاءت بشكل تصريحي أو تلميحي. فتظهر مفردة الطائر في أعماله والطائر عند الحجيلان دائما مهاجرا وإن كان الحجيلان يعالجه بشكل أقرب إلى الزخرفية بحيث يخدم في النهاية الشكل العام للوحته، إلا أنه بالطبع يؤكد على مضمون معين بوجوده، أنه يعود به إلى عالم الطفولة بقدر ما فيه من براءة الخيال والبساطة والسحر بأسلوب تعبيري بنائي وعفوي في نفس الوقت، لذا جاءت لوحاته انعكاسا لحياته والبيئة التي نشأ فيها، وجاءت العلاقة هنا تبادلية مختلفة ونتاجه منها ويفوح منها عطر المكان والزمان، حتى ولو تناول موضوعا مغايرا ومختلفا تظهر هذه البيئة على استحياء في أعماله ويعود بذكرياته الملتصقة بقوة في مخيلته إلى المكان الذي نشأ فيه.