أخبار عاجلةأراء حرة

أ.د ربيع عبد العزيز يكتب حروف ونقاط:(١)

قال تعالى: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) في الآية حذف تقديره: يقولون، وحذف ثان لأداة النداء؛ إذ الأصل: ( يقولون يا ربنا) ولكن الله قريب إلى قلوب الراسخين في العلم بحيث لا يتوسلون في مناداته – سبحانه- بما ينادون به على البعيد.. هناك أسلوب النهي: ( لا تزغ قلوبنا) والله الأعظم لا ينتهي بنواه عباده، ولكن النهي خرج من فضائه الوضعي إلى فضاء مجازي هو التضرع. وكذلك الجملة الطلبية: (هب لنا)فالعبد لا يأمر سيده، ولذلك خرج الأمر عما وضع له اصطلاحا إلى فضاء مجازي هو الالتماس والرجاء، التماس العبد من سيده . ثم انظر إلى جمال التذييل:( إنك أنت الوهاب) وكان يمكن الاكتفاء في غير القرآن ب: ( إنك الوهاب) ولكن الراسخين في العلم وهم المتكلم في الآية يقدرون الله حق قدره؛ لذلك لم يكتفوا (بأنك الوهاب) ، بل لاذوا بالضمير أنت إمعانا في إقرارهم بالخضوع المطلق لمن خاطبوه بأسلوب النهي ( لا تزغ) وبأسلوب الأمر( هب لنا)..وفي إسناد فعل الإزاغة إلى الله ما يبطل قول المعتزلة:( إن الله لا يضل العباد) فلو لم تكن الإزاغة منه – سبحانه وتعالى_ لما ساغت دعوته إلى دفعها. ولكن في قراءة أبي واقد الجراح جاء : ( لا تزغ قلوبنا ) بفتح التاء وكسر الزاي، وفيها أسند الإزاغة إلى القلوب لا إلى الله.. ما يعنيني في هذا التغاير القرائي هو عظمة علماء هذه الأمة؛ فبغير العلم والعلماء لم يعظم شأن أمة عبر أشواط التاريخ. ويا ويل أمة تهين علماءها؛ فإنها تحفر قبرها تمهيدا لدفنها .

أراء حرة– أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى