عقيل هاشم يكتب قراءات سيميائية نصية في سرديات عبد الزهرة عمارة
تأليف الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف أستاذ السرديات الحديثة
يهتمّ هذا الكتاب بمقاربة سيميائيّة قام بها الدكتور مصطفى العارف تسعى للوقوف على أنساق العلامات والأدلّة والرموز المختلفة في النصوص السردية-الشعرية للكاتب الأديب عبد الزهرة عمارة ، وكشف ما هو ضمنيّ فيها، وإبراز المظاهر الفنية والجمالية التي تتشكّل منها تجربة الكاتب..
وقد اختار الباحث المنهج السّيميائي- إجراءً من أجل تفكيك نلك النصوص السردية والشعرية ، اعتمادًا على كلّ ما هو دالّ بدءًا بالعنوان والغلاف والإهداء، حيث تهتمّ المقاربة السّيميائية بدراسة هذه العتبات النّصية بوصفها علامات مهمّة للدّخول إلى عالم النّص، والانتقال في مرحلة أخرى إلى رصد سيميائيّة الأسماء والشّخصيات وما تحمله من دلالات ورموز، كما اهتمّ الباحث الدكتور مصطفى العارف أيضا بدراسة سيميائية الزمان والمكان، والتفت إلى سيمياء الفضاء النّصي وإلى سيمياء الصورة الفنيّة وسيمياء الأمكنة والأحداث، كل هذا من أجل كشف أبعاد التّجربة السردية للكاتب عبد الزهرة عمارة.
. تعرف السّيميائية أو السّيميولوجيا بـ علم العلامات، أو العلم الذي يدرس أنساق العلامات والأدلّة والرّموز المختلفة، نظراً لما تمثّله العلامة من أهميّة في عملية تفسير المعنى، سواء كانت العلامة منطوقة أو غير منطوقة، وذلك بهدف الكشف عن علاقات دلاليّة غير مرئيّة عن طريق الغوص في أعماق النص والتقاط الضّمني والمتواري منه، ” إنّ السّيميائية تحلّل النّص وفق بناء ضمنيّ وبناء ظاهر مع إبراز العلاقة بينهما. أما البناء الضّمني فيقع الاهتمام فيه بالبناء الوظائفي وإبراز العلاقة بين الفاعلين، أما البناء الظّاهري فيقع الاهتمام فيه بالمستوى اللّغوي للنّص كالتشكل والأسلوب مع الملاحظة أنّ النّفاذ إلى البناء الضّمني والذي لا يتمّ إلا باللغة..
اختار الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف العارف روايات الأديب عبد الزهرة عمارة مجالا للمقاربة السيميائية، التي تمثّل آفاقًا رحبة في تفسير النّص الأدبي والوقوف على رموزه ودلالاته وكشف أغواره، لاغتنائه بالدّلالات والرّموز والإشارات التي أسهمت جميعها في تشكيل تجربة الأديب الثّرية.
يهتمّ الدكتور مصطفى العارف بأسلوب التّحليل السّيميائي لاشتغالته في تفكيك النصوص بتتبّع الدّوال والرّموز التي يكون لها حضور بارز في النّصوص بوصفها علامات سيميائيّة تسهم في اكتشاف النص المخفي, وباستقراء من قبل الدكتور العارف استطاع ان يجد أنّ ثمة حضورًا مكثفًا لعدد من الدّوال والرّموز فيها ..
يُعنى هذا الكتاب بمقاربة سيميائية” قام بها الأستاذ الدكتور مصطفى العارف ,حيث تعد السيميائية المجال الأرحب لتفسير النّصوص السردية على تنوّعها وتتيح للباحث استجلاء دلالاتها وسبر أغوارها. فالسيميائية أو علم العلامات علم يدرس أنساق العلامات اللغوية وغير اللغوية من أدلّة ورموز، مثلما يتيح الغوص في أعماق النّص والتقاط الضّمني والمتواري منه..
هذا وقد حفّز الدكتور مصطفى العارف في تطوّر المباحث السيميائيّة وقد بلغت شأوا كبيرا ونضجا مهيبا فيه ,هذا المنهج السيميائي قصد منه الباحث العارف تهيئة العدّة والأدوات السيميائية الكافية للإبحار في عالم هذه النصّوص السردية للكاتب عبد الزهرة عمارة والسعي إلى القبض على دلالاته الغامضة ومعانية العميقة. وما يكتنزه من علامات وإشارات ورموز سيميائيّة تتيح للباحث تأويلها قصد تحصيل الدّلالات الثاوية في عمق ملفوظاتها. واقتضت طبيعة البحث أن نقف على مفهوم السيميائية باعتبارها مدخلا نظريّا للدّراسة ثم الولوج إلى التّحليل السيّميائي للسرديات قيد الدرس بمقاربة المباحث الآتية في فصول الكتاب:
الإهداء- القصيدة –المقدمة- علاقة الشعرية بالسيميوطيقيا-
فضاء السيميوطيقية في رواية “فادبة”
قراءة سيميائية في “الشمس تشرق في عيون الناس”
سيموطيقيا السرد في رواية في “السكرتيرة والخريف- السيرة الغيرية في رواية”غدا سأرحل .
العتبات النصية في “قطة في الطريق”-سيميوطيقيا العتبة في رواية والتقينا في بروكسل
المونتاج السينمائي في رواية “الخدم في إجازة”- شخصية رواز كريدي في رواية “عاشقة من كنزاريا ” –سيميولوجية الذات وجمالية الآخر في رواية “دماء في بحيرة الأسماك ” دراسة نفسية 0
الاستهلال في رواية “بغداد لا تنام” –التصدير في رواية “أعشقك حتى آخر العمر ”
الرواية السردية في رواية “بغداد لا تنام” –السير ذاتي في رواية “شقراء البصرة
“- أهم النتائج –محتويات الكتاب –الهوامش ..
في هذا الكتاب رصد المؤلف الدكتور مصطفى العارف تجلّيات انطباعات الأديب النفسية ذلك أنّ هدف الدّراسة من- التّدليل والاستشهاد على السّيميائيّات الدّالة على تلك الظّواهر المدروسة ، إضافة إلى التّوسّع في مباحث الدّراسة من العتبات النصية –الإهداء والعنوان ….الخ ..وفي الختام ذيّل الكتاب بخاتمة تتضمّن أبرز النّتائج:
أظهرت المقاربة السيميائية أنّ نصوصه السردية حافلة بالعلامات والإشارات والرموز، وأنّ هذه المقاربة استبطنت العالم الدّاخلي للنصوص السردية وأتاحت استجلاء دلالاته، كما أتاحت للباحث اقتناص الضّمني والمسكوت عنه والمتواري منه0
شكّلت عتبات الروايات للكاتب علامات واضحة للقارئ من أجل الفهم، وإن كانت تلك العتبات عبارة عن تهويمات وإيحاءات تفترض تأويلا مسبقا يوحي بتعدّد المعنى
عمد الكاتب إلى توظيف الأسماء والشّخصيات في رواياته، فقد كانت الدّوال تتردّد في تلك النصوص، ما يعطي انطباعا سيميائيّا على تعدّد معانيها حسب السّياقات السردية التي ترد فيها.كما برزت في الروايات المدروسة تقنيّتا الزّمان والمكان باعتبارهما علامتين بارزتين في نسيج أغلب النصوص السردية، فكان الزّمان والمكان الماضويين الأكثر حضورا على سائر الأزمنة والأمكنة لدى الكاتب؛ وتأويل هذا يعود إلى ذاكرة الكاتب التي تسترجع الزّمن القديم0والحاضر بكل تفاصيله، والذي يحتّم بطبيعة الحال حضور علامة المكان في تلك الأزمنة..
تهتمّ المقاربة السّيميائية بدراسة العتبات النّصيّة وتحليلها، ومنها العنوان والغلاف والإهداء. وقد تعاظم اهتمامه بالعنوان من خلال محاولات الوقوف على ماهيّته ودلالاته وصلته بالنّص، لأنّه يمثّل الشّفرة الذّهبيّة للدّخول إلى عالم النّص.
يمثّل الإهداء علامة أيقونيّة يحيل على دلالات عديدة كما يحمل في طياّته إيحاءات عميقة عن صورة الذات. كونه مجرّد بنية لغويّة إلى نصٍّ موازٍ، فضلاً عن كونه بمثابة مفتاح إجرائيّ لفهم نصوص السردية…
وكما جاء العنوان مشحونًا بدلالات عديدة، فقد تصدّر اسم الكاتب المساحة العلويّة البيضاء بخطّ أسود ليشكّل علامة دالّة على أهميّة الذّات. وهذه الأنساق -مجتمعة- تعدّ علامات أيقونيّة تحمل دلالات عن عالم الواقع، وتومئ إلى العالم الإبداعيّ للكاتب في سردياته.
. فالعنوان –كما نرى- يمثل فضاءً واسعًا من الدّلالات كما يحمل في طياّته إيحاءات عميقة عن صورة الذّات ورؤيتها للواقع المحيط بها، وبذلك يتحوّل العنوان من كونه مجرّد بنية لغويّة إلى نصٍّ موازٍ، فضلاً عن كونه بمثابة مفتاح إجرائيّ لفهم نصوص السردية..
فالعنوان –إذن- أولى عتبات النّص وأولى إشاراته، وهو العلامة التي تطبع الكتاب أو النّص، وتسمّيه وتميّزه من غيره، وهو كذلك من العناصر المجاورة للنّص الرّئيس والمحيطة به إلى جانب الحواشي والهوامش والمقدّمات والمقتبسات والأدلّة
فالعنوان يُدرس بوصفه علامة بارزة، أو نص موازٍ حافل بالدّلالات التي تضيء العالم النصي ولذلك يُعَدُّ «الخطوة الأولى من خطوات الحوار مع النّص»
وإذا كان العنوان –من النّاحية الواقعيّة- يدلّ على وضعيّة لغويّة شديدة الافتقار، إذ لا يتجاوز حدود الجملة ، ينجح في إقامة اتّصال نوعي بين المرسَل والمستقبل
إنّه مفتاح إجرائيّ لفهم النّص وفك شفراته –سيميائيًّا، كما أنّه يفتح شهيّة القارئ للقراءة.
وعند دراسة العنوان يجب ملاحظة الشّكل الهندسي له ، ومكانه أو موضعه من الغلاف الخارجيّ، ونوع الخطّ، واختلاف حجمه عن متن النّص، واللّون المغاير الذي كتب به، ودراسة الصّلة بين العنوان والمتن، كما أنّ «أيّ تحليل سيميائيّ لعنوان ما يستدعي المرور بمستويين: مستوى خارجي نصّي يعنى بدراسة دلالات العنوان أولاً وتأويلاته بعيدًا عن حيّز النص وتتبّع دلالاته معجميًّا أو اجتماعيًّا أو فلسفيًّا أو تاريخيًّا في استقلاليّة تامّة عن النّص ..
أما المستوى الثّاني -الذي يدرس على سبيل العنوان- فهو المستوى الداخلي بحيث لا يمكن القفز إلى تحليل النّص قبل التّطرّق إلى تحليل العنوان ليكون بمثابة المصباح الذي يضيء لنا ما يحمله النّص، أي أن يكون العنوان بنية متضمّنة في النّص له علاقة وطيدة تربطه به، ذلك أنّ النّص الشّعري يتكوّن من نصّين يشيران إلى دلالة واحدة هما: النّص وعنوانه..
وقد يحمل العنوان في طيّاته قيمًا أخلاقية أو اجتماعية أو إيديولوجية كما يشير إلى محتوى النصوص ويمارس تأثيره الإغرائي على قارئه لذا جاء العنوان مشحوناً بدلالات ثريّة..
أما المستوى الآخر لقراءة العنوان وتحليله سيميائيًّا فهو المستوى الدّاخلي الذي يرتبط فيه العنوان بمتن النّص ومضمونه…
أبرزت المقاربة السيميائية ما ينطوي عليه عنوان الدّيوان من دلالات عبر استقراء مستوييه الدّاخلي والخارجي، وربط دلالة العنوان بمتن النص. كما أبرزت دور الغلاف والإهداء في التّهيئة للولوج لعالم الكاتب.
كشفت المقاربة السيميائية كيف للأسماء وللشخصيات الواردة في النصوص السردية أن تصبح علامات دالّة، مثلما كشفت تعدّد الدوال والرموز فيه، والاتكاء على دوالّ بعينها.
كما برز في النصوص السردية دور الزّمان والمكان بوصفهما من العلامات السيميائية الدّالة، كما برز دور الفضاء النصي في إنتاج الدّلالة. فقد جاءت البنى النصية في الروايات مكتنزة بالدّلالات والرّموز ، حيث برزت صورتا المرأة والوطن على سائر الصور في النصوص السردية، ما يعني أهمّيهما : المرأة والوطن في وجدان الكاتب..
ينظر الدكتور مصطفى العارف ومن خلال التّحليل السيميائي إلى الأمكنة بوصفها علامة من العلامات الكاشفة لتجربة الكاتب وعالمه الإبداعي..
وصف الأمكنة هي جوهر العملية السردية ومبعث الجمال فيها، ويستطيع الكاتب بخياله خلق حكايات ينسج صورها من معطيات الواقع، لكنه يتجاوز حرفيّة هذه المعطيات ويعيد تشكيلها سعيًا وراء تقديم رؤية جديدة متحيزة للواقع نفسه .
فالكاتب يعبرّ بشعرية اللغة للأمكنة عن المعاني العميقة في نفسه ويخلق منها عالمًا جديدًا من خلال توظيفه لطاقات اللّغة.
المكان هو الفضاء الواسع الذي تدور الأحداث في إطاره، ويعرف الفضاء بأنّه الحيّز المكانيّ الذي تتمظهر فيه الشّخصيات والأشياء متلبسة بالأحداث تبعاً لعوامل عدّة تتّصل بالرّؤية الفلسفيّة وبنوعية الجنس الأدبي، وبحساسيّة الكاتب أو الرّوائي وتهتمّ سيميائية الفضاء بتتبّع الأماكن الواردة في النّص بوصفها علامات أو إشارات، وبتبيّن مدى دلالتها وصلتها بالشخصيات والزّمان
وباستقراء فاحص للنصوص السردية يجد الدكتور مصطفى العارف حضورًا واضحًا للمكان، وكأنّ هناك كاميرا أو عدسة تصاحب الكاتب وتنتقل معه في الأماكن المختلفة سواء بالحضور والمشاهدة أو على سبيل الاستدعاء أو الاستحضار، ومن ذلك صورا وقرت في ذهن الكاتب واحتفظت به ذاكرته في إشارة إلى زمن الماضي الجميل،
ولذلك فالأمكنة تؤدي دورًا رئيسًا في بناء السرد حتى صارت أحد أسس الترّكيب الحكائي، حالة شعريّة تنبع من أعماق المعاني المستوحاة من الذاكرة المتخيّلة وقريب من هذا المفهوم وما ذهب إليه الدكتور العارف حين عرَّف وصف شعرية المكان بأنّه الشّكل الفنيّ الذي تتّخذه الألفاظ والعبارات، ينظّمها الكاتب في سياق بيانيّ خاص ليعبّر عن جانب من جوانب التّجربة الشّخصية الكامنة في ذاكرته، مستخدمًا طاقات اللّغة، وإمكاناتها في الدّلالة والترّكيب والإيقاع والحقيقة والمجاز والتّرادف والتّضاد والمقابلة والتّجانس وغيرها من وسائل التّعبير الفني حيث تتحوّل إلى تركيبة سحريّة تجمع الأشياء في علاقات جديدة، ويستخدم الكاتب في ذلك وسائل التأثير الكائنة في اللغة من استعارات وتشبيهات وتراكيب مجازيّة يلتقطها خياله من معطيات متعدّدة في ذلك على التّكثيف والترّكيز، مصورًا المعاني العميقة في نفسه، ليستكمل منها عالمًا جديدًا مدهشًا
كما يرى الدكتور مصطفى العارف ان شعرية الأمكنة والأحداث عموما تمثّل الفضاء النّصي وانه جزءًا من رؤية الكاتب خاصّة عند بناء نسقه الفضائي، ولذلك فإنّ الاهتمام بشعرية السرد في سردياته ليس من قبيل الصّدفة، بل هو إشارات سيميائيّة وعلامات تندرج في إطار التّحليل والتّأويل.
ومن فصول الكتاب نجد الدكتور العارف ومن خلال ضمائر السرد يقول ان الكاتب صوّر جانبًا من جوانب السّيرة الذّاتيّة للكاتب في بعض هذه الروايات ، وهي سيرة ذات طابع شديد الخصوصيّة بما تتضمّنه من علامات وإشارات لعالم هذا الكاتب ، التي تشكّل علامة سيميائيةّ كاشفة، ومازال الكاتب يصحبنا في سياق سيرته الذّاتية حيث الإلحاح على فكرة البحث عن الهويّة ، وقد تكون تلك إشارة أو علامة على التّغيّر الذي طرأ على المجتمع في تلك الفترة.
ويستمر الدكتور العارف في فحص نصوص الكاتب السردية ليقف على الشخصية
تُعدُّ الشّخصية في التّحليل السّيميائي علامة من العلامات وإشارة دالةوهناك ثلاثة أنواع من الشّخصيات تبدو علامات داخل النّص السّرديّ، وهي:
الشّخصيّات المرجعيّة: وهي الشّخصيّة المحيلة على عوالم ذات طبيعة مألوفة وتنضوي في إطار المرجعيّة الثقافيّة المنبثق منها النّص السّرديّ، فقد تكون شخصيات ماضوية، أو شخصيات مستقطبة من الأحداث – شخصيات استذكاريّة: وهي تلك الشّخصيات التي لها دور قويّ وفعَّال في ربط أجزاء النص السّردي
ويحتشد في النصوص السردية انماط لشخصيات ذات علاقة بتجربة الكاتب لها وظائف سرديّة، منها شخصيّات اهتمّ الكاتب بها من حيث تصوير البناء الخارجيّ أو الملامح الخارجيّة وما تومئ إليه من علامات ودلالات، كما اهتمّ بتصوير الملامح الدّاخليّة وما تنطوي عليه من صفات نفسيّة، واجتماعيّة، وخلقيّةـ، وفكريّة
وتستأثر شخصيّة المرأة بالنّصيب الأكبر من بين شخصيّات ، حيث تزخر كلّ رواية بصور ومواقف لنساء أسهمن في تشكيل تجربة الكاتب، فضلاً عن حضور الشّخصيات النّسائية في نصوص سردية . وبناء على ما تأسّس، يمكن القول إنّ شخصيّة المرأة في هذه النصوص تمثّل أيقونة بارزة وعلامة من أكثر العلامات حضورًا وكثافة.
شخصية المرأة هنا علامة منغلقة مجتمعبا بوصفها علامة على الاحتجاب والعزلة، و تبدو انطلاقا من استقراء الكاتب لملامحها الداخلية أنّها محاصرة بالحزن تحنّ إلى الرجل وتفتقده، تبدو هي محاطة بواقع ثقافي، تحاول كسر حصارها بالمجازفة والقفز نحو الهاوية، فهي بكلّ مقاييس الأنوثة امرأة، ولكنها سيئة الحظّ لما تواجهه من عواصف وأعاصير اجتماعية . تبدو علامة لواقع مؤلم وامرأة تعيسة هذه الصور للمرأة الشرقية إما على الجانب المناقض فهي المرأة المتحررة تماما .
وختاما .. حاول الدكتور مصطفى العارف ان يستهدف من خلال هذه الدراسة تطبيقًا موسَّعًا للسيميائية على مجمل العملية الإبداعية لـ “سرديات عبد الزهرة عمارة ” منهج المقاربة السيميائية لسردية “-النص-الرواية-الملفوظ”، أو في مجال المقاربة السيميائية لـ”التلقي” ولـ “العمليات الاتصالية” الاجتماعية والتاريخية؛ إذ يلزم ذلك طروحات متعددة قائمة برأسها، تعكف على تأويل سرود متنوعة تقنيا بتحولاتها وتنويعاتها الجمالية، وتنوع موضوعاتها، وتجليات حضورها التاريخي–الاجتماعي-الثقافي-الإبداعي؛.
أقول تستعير هذه الدراسة عددًا من الأدوات المهيَّأة لقراءة “نصوص الأديب عبد الزهرة عمارة ” بوصفها خطابًا سرديًّا؛ حيث صارت “السرديات” أداة مركزية لتحليل النثر والشعر في آن معًا، بتعرفها إلى الخصائص النوعية لكل جنس أدبي من جهة، وإلى آليات التداخل النوعي بين الأجناس الأدبية من جهة موازية، وإلى علامات الوصل والفصل بين الشفهي والمدون من جهة موازية أخرى..