تصبح مصر دولة متقدمة عندما يتم تحسين جودة الحياة، وعندما يكون لدي الاقتصاد الوطني طاقات انتاجية قادرة على انتاج سلع وخدمات تحقق مستوي معيشة متقدم،. وتحديدا يمكن أن تكون مصر دولة متقدمة عندما:
1- في الأجل القصير: عندما يتم تحقيق دولة الرفاه الاجتماعي ( بإنفاق 25% على خدمات الرعاية الإجتماعية)
2- في الأجل الطويل عندما يتم رفع مستوى المعيشة إلى مصاف الدول المتقدمة، أي أن يصل متوسط دخل الفرد إلى 12 ألف دولار في السنة (بحسب تصنيف البنك الدولي للدول المتقدمة)
أولا: في الأجل القصير: تحقيق دولة الرفاه والإرتقاء بجودة الحياة من خلال المحاور التالية:
– توفير مستوى عال من الأمن والأمان وإنفاذ القانون والعدالة والمساواة، وسرعة التحول إلى الحكومة الرقمية وتحسين مستوى آداء الحكومة للوظائف التقليدية، وحفظ كرامة المواطنين والمحافظة على وقتهم.
– مزيد من الإهتمام بنظام التعليم، وتفعيل إلزامية التعليم الأساسي ومجانيته، وتطوير المدارس الحكومية والتوسع فيها، وزيادة الإشراف على المدارس الخاصة.حيث يشكل التعليم مدخلا أساسيا لتحسين جودة الحياة وتوسيع الخيارات أمام البشر، كما يمثل الاستثمار في البشر وتكوين رأس المال البشري أهم مصادر النمو من خلال قوة العمل المعرفية ، والابتكارات والتقنية .
– تسريع تنفيذ نظام التامين الصحي الشامل وضمان توفير الرعاية الصحية المتكاملة وسهولة الوصول لمنافذ تقديم الخدمات الصحية بجودة عالية، بحيث لا يحرم فقير من العلاج بسبب فقره، ولا يفتقر غني بسبب مرضه، خصوصا وان تمويل الجانب الأعظم سيتم من اشتراكات المستفيدين وأرباب الأعمال .
– التوسع في نظام تكافل وكرامة لدعم الفقراء بديلا عن الدعم السلعي.
– التحول بنظام التأمينات الإجتماعيةمن نظام التمويل الكامل إلى نظام الدفع عند الاستحقاق، لتحرير الاحتياطات المالية وتمكين النظام من رفع المعاشات بعيدا عن الموازنة العامة للدولة.

ثانيا :في الأجل الطويل
الانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة ،
تنتسب مصر حاليا إلى مصاف الدول متوسطة الدخل الشريحة الدنيا، بمتوسط دخل يبلغ 3700 دولار سنويا بحسب تصنيف البنك الدولي ، ومن أجل الوصول إلى مصاف الدول عالية الدخل المتقدمة، يلزم أن يصل متوسط دخل الفرد إلى أكثر من 12,500 دولار سنويا، ويمكن تحقيق ذلك من خلال خطة تنمية عشرينية تقسم إلى خططتين عشريتين:
في الخطة العشربة الأولى يتم الإنتقال بمصر إلى مصاف الدول متوسطة الدخل الشريحة العليا (يتراوح مدى الدخل لهذه الشريحة بين 4,046 – 12,535)، وذلك بمضاعفة الدخل الفردي إلى 7,500 دولار في السنة.
وفي الخطة العشرية الثانية يستهدف مضاعفة الدخل مرة أخرى من 7,500 دولار إلى 15000 دولار في السنة، فتدخل مصر في عداد الدول عالية الدخل ويتحسن مستوى المعيشة.
ويتطلب تحقيق ذلك رفع معدل الاستثمار ( التكوين الرأسمالي وبناء أصول إنتاجية في الصناعة والزراعة والخدمات) إلى 25% من الدخل القومي، وبافتراض أن معامل رأس المال / الناتج يتراوح بين 3-4 :1، فإنه يمكن تحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي يتراوح بين 5-7%، وهو ما يضمن مضاعفة الدخل كل عشر سنوات.
ويرتكز نجاح خطة التنمية على ما يلي:
1- سد الفجوة التمويلية أي الفرق بين معدل الاستثمار المطلوب 25% ومعدل الادخار المحلي 10%، ويمكن مجابهة هذه الفجوة من مصادر التمويل التالية:
– مدخرات الأفراد والقطاع العائلي: من خلال الطاقة الكامنة الممكنة، وتجارب بعض الدول تشير إلى إمكانية ذلك
– الأعمال ( الأرباح المحتجزة )
– االعالم الخارجي ( استثمار اجنبي مباشر أو أوراق مالية – مساعدات – وقروض )
– تقليص العجز المالي في الموازنة العامة للدولة
2- العودة لأسلوب التخطيط الاقتصادي التأشيري الذي يتم بالشراكة بين القطاع الخاص والأفراد وبين الحكومة، حيث تعد التنمية الاقتصادية عملية مقصودة، لا تتحقق بشكل تلقائي إعتمادا على آليات ومؤشرات السوق، التي لا تعمل بشكل تلقائي وذاتي إلا بعد نضوج الاقتصاد الوطني وبلوغ مراحل النمو الذاتي. على ان تفسح الحكومة المجال تماما لمزاولة الأنشطة الاقتصادية.
3- تهيئة البيئة المواتية لخلق فرص جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية
4- تطوير رأس المال البشري لدعم قدرات الشركات من أجل تسريع مسار عملية التحول الاقتصادي، ودعم انتقال العمال إلى الأنشطة والقطاعات ذات القيمة الأعلى، وتعزيز نمو الإنتاجية داخل كل قطاع.
5- إجراء إصلاحات أطول أجلا لتحسين بيئة الأعمال التجارية، بما في ذلك تقليص الإجراءات البيروقراطية، ولا سيما في التعامل مع الإدارات الحكومية، وتبسيط إجراءات التملك وتسجيل ونقل الأراضي.

أ.د. محمد البنا أستاذ الاقتصاد والمالية العامة جامعة المنوفية

اقتصاد وبنوك – أوبرا مصر