أ.د محمد البنا يكتب حزمة جديدة للحماية من غلاء المعيشة
ومقترحات لعدم الدخول في سباق بين الأسعار والأجور
الحكومة تعلن عن حزمة حماية اجتماعية جديدة بـ 180 مليار جنيه: أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن حزمة جديدة تشمل زيادة أجور العاملين بالقطاع العام، ورفع حد الإعفاء من ضريبة الدخل، وزيادة المعاشات، إلى جانب رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع العام بنسبة 50% إلى 6000 جنيه. وتهدف الإجراءات الجديدة إلى التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية المستمرة على المواطنين، وستدخل حيز التنفيذ في الأول من مارس المقبل.
التكلفة الإجمالية: من المتوقع أن تبلغ تكلفة إجراءات الحماية الاجتماعية نحو 180 مليار جنيه، وفقا للبيان، الذي لم يحو أي تفاصيل حول مصدر تمويل ذلك. وتبلغ تكلفة رفع حد الإعفاء الضريبي نحو 5 مليارات جنيه سنويا، بينما ستكلف زيادة المعاشات نحو 79.5 مليار جنيه، والعلاوات نحو 48.5 مليار جنيه.
التعليق:
1- قرار متوقع وفي وقته بطبيعة الحال مع استمرار الضغوط التضخمية، وتأثيرها السلبي على الدخل الحقيقي للمواطنين ( أي ما يشترونه من سلع وخدمات بدخولهم النقدية) وخاصة أصحاب الدخول الثابتة ممن شملتهم القرارات السابقة، العاملون بلحكومة، وأصحاب المعاشات، والفقراء منة مستحقي برنامج تكافل وكرامة.
2- لكن أصحاب الدخول الثابتة لا يقتصرون على العاملين بالحكومة وحدهم، فإذا كان عدد العاملين بالحكومة لا يتجاوز 5 مليون، فالعاملون بالقطاع الخاص أضعاف هؤلاء، ومن المتوقع أن حصولهم على مقابل غلاء معيشة من منطلق المسؤولية افجتماعية للشركات.
3- وفيما يتعلق برفع الحد الأدنى للأجور، فرغم وجاهة القرار من الناحية الإجتماعية، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع يواجه بضرورة الربط بين الأجر والإنتاجية، فالقطاع الخاص غير القطاع الحكومي، يستهدف الربح من نشاطه، ولا يتحمل تكاليف إلا في مقابل إنتاجية، وعادة ما يترتب على رفع الحد الأدنى للأجور وجود بطالة في صفوف العمالة غير الماهرة
4- كما صاحب ذلك قرارات باتجاه ضبط الأسواق وتحقيق الإستقرار في سوق الصرف الأجنبي، نأمل ان تؤتي ثمارها في مواجهة عمليات المضاربة التي أشعلت النار في سوق الصرف الأجنبي
5- نأمل أن لا يدخل الإقتصاد المصري فيما يعرف ( حلزونة او لولب الأسعار والأجور) حيث ترتفع الأسعار، فتتبعها الأجور للحفاظ على مستوى المعيشة، فتضغط على الأسعار مرة أخرى وهكذا وندخل في حلقة مفرغة وسباق بين الأسعار والأجور، وهو يجب العمل على تجنبه
ما هو المطلوب الأن:
1- أهمية مراجعة السياسة النقدية (البنك المركزي) فيما يتعلق باستهداف التضخم كهدف استراتيجي Inflation Target Anchor )، خاصة مع إرتباط تلك الإستراتيجية بتحرير سعر الصرف، الأمر الذي يصعب تطبيقه دون تدخل من المركزي في ظل الظروف الحالية للإقتصاد المصري.
ويقترح التحول بإطار السياسة النقدية إلى استهداف سعر الصرف (Exchange rate Anchor) ، وهو ما سوف يقتضي تغييرا في ترتيبات سعر الصرف، وإمكانية عدم تطبيق نظام التعويم لعدم ملاءمته، فضلا عن صعوبة تطبيقه عمليا في الوقت الحالي، والتحول بها إلى نظام الربط السلس او الناعمSoft Pegs وهو نظام تأخذ به العديد من دول العالم تحت مظلة صندوق النقد الدولي، ويضم 6 بدائل تطبقها 102 دولة مسجلة لدى صندوق النقد الدولي، (في حين تطبق 65 دولة التعويم ، ما بين التعويم والتعويم الحر)، وتطبق 26 دولة ربطا مشدد ( (Sold Peg
2- عدم تمويل الزيادات الأخيرة لأصحاب الدخول الثابتة عن طريق الاقتراض من البنك المركزي، وإلا لكنا مثل الذي يسكب الزيت على النار ! وهناك طرق أخرى سالمة، وهي الإقتراض من الأفراد والمؤسسات غير المصرفية.
3- الإهتمام بمعالجة حالات الركود، والتوقف عن النشاط جزئيا أو كليا في كثير من مجالات الأعمال، واعمل على عودة المستثمرين المصريين للاستثمار في الاقتصاد المصري، وهو ما يتطلب جهدأ من الحكومة لتخفيف قبضتها عن النشاط الاقتصادي، وعدم المزاحمة ، والقضاء على البيروقراطية ( أو نسفها نسفا) والتعقيدات وكثرة افجراءات في منح التراخيص او تحديثها مما سيعوق النشاط الاقتصادي
4- والأهم من كل ما سبق : إضاءة شمعة في نهاية النفق من خلال وضع خطة للتنمية الاقتصادية تقوم على التخطيط الإستراتيجي ( عشرية لمضاعفة الدخل القومي، على مرحلتين (2024- 2030 ، 2030 – 2035) يشارك في وضعها وتنفيذها الأفراد والقطاع الخاص، دون مزاحمة من الحكومة، 5- يتم حشد الطاقات الإدخارية الوطنية وتنفيذ أكبر قدر ممكن من الاستثمارات، موزعة على قطاعات النشاط الاقتصادي الأساسية في إطار خطة التنمية المقترح ( بعيدا عن العقارات)، حيث تركز على الصناعات التصديرية، والزراعة.
أ.د. محمد البنا أستاذ الاقتصاد والمالية العامة جامعة المنوفية
اقتصاد وبنوك – أوبرا مصر