محمد كعربان يكتب (صراع الفناء)
ما متاع الدنيا في الآخرة إلا قليل، ولكن هي النفوس التي تهوى لذات الدنيا وما فيها من المتاع.
وهذا هو عين الصراع.
فما أجمل صوت الديك إذ يصيح! وليس انكر من صوت الحمار ذاك الصوت القبيح.
وهل سمعت يوماً عن هؤلاء الخراف الاشآوس الذين هم على قطعانهم يقتتلون، فمتسلح بالقرون وآخر بعضلاته مفتون والكل يتسابق لنيل رضا إحدي النعاج، وكأن ذلك غاية المعقول.
وما اوهن بيت العنكبوت، وما أكثر زئير الزعماء حول العرين.
فسرعان ما يشعلون الحروب فتهلك في تلك المعارك الخيل الجسور، والغزال النادر، والحمار الوحشي الثائر، والبقر العجاف منها والسمان على حدٍ سواء. فتنتهي الحرب سريعاً ، فيتصافح الزعماء على شط من الدماء، ثم سرعان ما يخلو كل واحدا منهم بلبوته بحثا عن ليلة حمراء.
وبعد الانتهاء يصرخون ويهتفون مات الشرف في دنيا الفناء
وليس الفضاء منهم ببعيد فنسرٌ غاضب يتربص بسرب من الطيور وصقرٌ جارح يعصف بسربٍ من العصافير.
وبعد الانتهاء يهتفون لا رحمة في دنيا الفناء.
وما الذي في البحر من ذلك ببعيد، أمواجٌ واضطرابات وقرشٌ وحيتان وحياة يملؤها الخوف والهلع، ويمنةً ويسرى تفر الأسماك ولكن هيهات هيهات.
وبعد الانتهاء ينادون هل تبقى احد في دنيا الفناء.
قطٌ وفأر يتسابقون في اهلاك الدار، وثعلبٌ وكلب يتآمرون في القضاء على الحظائر والمزارع، وثعبان يظهر الحماية لعش حمام ثم يصيح فيهم هيا نشيد قصراً للأولياء، وذئباً يعلو كلبة بحثاً عن النماء، وخنزيرا في ضيافة سِنداوات، وضبعاً يترنح في الحانات.
وغراباً يستحين اللحظات، وفيلا اضحي من أهل الأعذار، وقردا في طريقه للانتحار، وتمساح يدفن نفسه في الطين.
وإبلاً تخلت عن المسير، وبغلاً بات أسير، وفراشة قيدت بالجنازير.
ثم أخيراً يبقي سؤال أليست دنيا الإنسان كدنيا الحيوان؟!