ياسر عبد الرحمن يكتب نشأت المصري يخدع الجمهور والنقاد في كائن رمادى
التجريب بوابة عابرة للزمن تكشف شكل الكتابة في المستقبل
تكثيف الأحداث و اختصارالمسافات وتلغرافية الحوار سر جمال الرواية
تبدأ الرواية بعرض فكرة دوران الحياة وتبادل الأدوار فيها فحين يصمت عازف المزمار (المزعج) تبدأ آلات موسيقية أخرى في العزف وحين ينتهى حفل زفاف نانا ابنة وليد بطل الرواية والذى حزن لفراقها، بدأ يتذكر يوم زفافه وقد ترك منزل أمه وأبيه ليتزوج ويفارقهم, وحين قال لصاحبه لا تتشاءم فالقادم أجمل كانت ايمان زوجته تدعوه بأن يتفاءل ويسعد بالحياة اذن يقدم لنا الكاتب أدوارا يتم تبادلها في الحياة
والكاتب نشأت المصرى يتفاعل مع ابطاله ويعطى شخصيات روايته الحرية في تعريف انفسهم للقارئ وتقديم السرد أحيانا نيابة عنه فتأتى الاحداث بحكى مباشرمن كل شخصية فيقول رمزى ابن زوجته الثانية إيمان (لا تصدقو أمى ايمان فهى ترانى كما تتمنى) وتقول ايمان وهى تقصد بعبارتها زوجها وليد(أيها النائم الوديع لن تتخيل اننى قررت أن أضمك الى مملكتى الجائعة ) وتقول عائشة بلسانها (انا عائشة التي لم تحظ بلقب للدلال) فنستطيع أن نقول إن الرواية كتبها شخصيات الرواية أنفسهم ولكن بقلم الكاتب وهذا الأمر يطرح سؤالا مهما هل لشخصيات العمل الفني روح وإرادة تتجاوز بها إرادة الكاتب ؟
هموم خاصة تلتحم بقضايا عامة :-
وقد يسأل القارئ السؤال الخطأ. أين هموم الحياة وأزمات المعيشة فى (عالم وليد). والحقيقة هو نفس السؤال الخطأ الذى جال في عقل سائق التاكسى حين التقى بوليد منذ البداية، فقد وجده شخصاً بلا أزمات مالية أو هموم حقيقية، بل همومه كونية فلسفية، وهنا نطرح الفرق بين أزمة وليد الخاصة ومسار الحدث العام للرواية التي يعرضها الكاتب بين يديك، فقد كشف عن نتائج الأزمات صراحة ومنها محاولة السائق قتل وليد وسرقته، وأيضا سرقة مخازن رمزى بواسطة اللصوص وعدم اهتمام الراعى بموسيقى زمفير الرائعة، وكل هذا بسبب الحاجة وضيق أسباب العيش، التي تسبب بها أمثال رمزى الذين يخزنون السلع لرفع أسعارها، استغلالا للأزمات السياسية والإقتصادية التي تمربها البلاد. فيكشف الكاتب ان جشع التجارهو أيضا سرقة، لا تختلف عن سرقة اللصوص الذى دفعتهم الحاجة الى السرقة، بل ووصل الحال برمزى ان يسرق أهله الذين استأمنوه على أموالهم.
وعلى على الجانب الأخر ظهرت قضية رواندا بمذابحها الدموية عام 1994 وظهرت ايضا قضية الشعب الفلسطيني التي لاتغيب عن قلب الشعوب العربية، وان غابت عن عقول الحكام العرب، والجميل أن الكاتب عرج بأفكاره إلى إنهاء أزمة سد أثيوبيا، بعد أن تخيل حدوث مجاعة بسبب شح المياة، فقررت القيادة السياسية في مصر (كما تخيل هو)، أن تخوض حربا خاطفة بدعم من القوات السودانية، لاحتلال المنطقة التي يواجد بها السد، لتنتصر مصر وتفرض شروطها على اثيوبيا في طريقة تشغيل السد، لتنتهى ازمة مياة النيل، وتعم الأفراح بهذا النصر، وتعود الحياه في مصرإلى الرواج والإزدهار، (نلاحظ معا قدرة الكاتب على التحليق لمستوى متقدم من الخيال الذى يدهشك)
الجميل أيضا هو طرح قضايا إنسانية، مثل علاقة زوجات الرجل الواحد ببعضهن، كما عرض ازمة العنوسة ومعها سؤال أنثوى جديد، وهو لماذا يصنف المجتمع المرأة غير المتزوجة بالأنسة ؟ ويسمى المتزوجة مدام؟ والتي فاتها قطار الزواج (عانس) ؟ بينما لا يوجد مسميات توازيها للرجل ؟ …اقنعك الكاتب بكل بساطة، بوجود نظرة عنصرية من المجتمع.
سرعة إيقاع الحدث المستمد من فن الومضة :-
– خلال 10 أسطر فقط سافر الكاتب وأسرته إلى تركيا، وتم فتح مطعم “فوفوللأكلات” المصرية ونجح المشروع ثم تمت خطبة عائشة ابنة زوجته لشاب عربى، كما نجحت مصر في استرداد حقها في ماء النيل وتزوجت عائشة، وكانت الإحتفالات في تركيا ومصر.
– حين قالت له زوجته: أحن الى القاهرة ياسبعى، فأودع سيارته بمعرض السيارات والمشهد التالى – جلست الى جوار نافذة الطائرة المتجهة إلى القاهرة (فنجد الكاتب حذف جميع التفاصيل وإعدادات السفرواجراءاته فقط ارادت زوجته السفر فكانا داخل الطائرة).
– قام البطل في احد المشاهد بحذف 2000صديق والكثير من الفيديوهات والصور من حسابه، وكما نعلم أن الومضة القصصية هي فن الحذف، وليست فن الثرثرة كالرواية، وبالتالي فنحن وجها لوجهه أمام تصنيف جديد للكتابة، يجمع بين أدوات الومضة والرواية، وفقا لسرعة الإيقاع والحذف المفرط للتفاصيل واختفاء ملامح الثرثرة.
– لقاء وليد وزوجته ايمان مع ابنته نانا بعد الغياب، كان حوارهم القصير جدا، ( يحمل الكثير من الدلالات والحكايات المختزلة) – هيا الي ابنتى نانا – قالت – وقلنا- وتبادلنا الضحكات والعتاب والأمنيات ص30
(بينما البطل يبحث في امر مبيته بالمنصورة كان هذا المشهد) – لافتة أخرى، أظنها ستحل مشكلتى الآنية،كتب عليها : سمسار، حسنا ، فأنا أميل إلى استئجار شقة صغيرة، قال: صاحبتها تسكن في نفس العمارة، قلت :لايهمني أن تكون صاحبتها في العمارة نفسها أو لا تكون، فأنا أستأجر الجدران .مالها تتأملني طويلا،كعرافة تنبش في ملامحي عما أخفيه، لا تتعجبي ياامرأة، أنا هنا مجرد من كل الغايات،
(هو لم يستطرد في حديثة مع السمسار أو المالكة أو وصف الشقة فخلال أربعة اسطر انهى المسألة التي لعلها استغرقت ساعات مزدحمة بالتفاصيل ص48)
قدم الكاتب اسرع قصة حب في التاريخ منتهيه بأسرع زواج (فقط في خمسة اسطر تخيل البطل ماذا سيقول لحبيبته ايمان السمراء لينتهى حوارهما بموافقتها)
ياسمراء أنا أحب اختصار المسافات وربما إلغاءها، ولهذا ساتزوجك غدا تحت أي شروط، وسأحاول اقناعك، كل الأسئلة في الوجود لها ردود بغض النظر عن كونها مقنعة أم لا، إلا الأسئلة عن الغيب والروح والخلق.
في الغد, قلت وقالت، قلت وقالت، حتى قالت إيمان:ـ مبروك ياأبيض . ..ص 14( وانا كقارئ اضيف التهانى والتبريكات، حيث ان الحدث كان خاطفاً، وقد يغفل القارئ العادى عن ملاحظته)
اختار الكاتب الطريقة الصعبة لنقل حالة الإحباط التي تسكن البطل :-
فهناك دائما طريقان (السهل والصعب) ولأى شخص حق الإختيار، فكان من الممكن حصر ازمة البطل داخله، من خلال اللغة والدلالات، فندرك انه شخص محبط، ولا يشعر بالسعادة، ولكن الكاتب اختار أن يحاصره بالكوارث والحوادث ورائحة الموت.
- فنجد أبرز هذه الحوادث إصابة البطل نفسه بالمرض الخبيث فيقول – صار جسدى الضعيف مسرحاً لنصٍ مجهول ص 40
- وفاة جاره وزوجته في حادث حريق، وسقوط الجار مشتعلا على سيارته. ص 24
- إحتراق طائرة وموت كل من فيها فوق مدرج الطائرات.
- وفاه صديقته الليبية بالمرض الخبيث، والتي كتبت له كل ثروتها.
- سرقة المخازن التي كان يملكها من اللصوص.
- محاولة قتل وليد وسرقته من سائق التاكسى.
- تعرض البطل لواقعة ضرب مبرح في المنصورة، من بعض الخصوم.
- سرقة رمزى لحسابه بالبنك، وهروبه خارج البلاد.
- جفاف النيل وأزمة الطعام، التى أدت ألى أعمال عنف ونهب وسرقة.
- صدام الشاب والشيخ في الطريق العام.
كل هذه الكوارث كشفت عن حق شعور البطل بالإحباط والحزن، ولكن السبب الأكبر كما جاء داخل هذا النص الأدبى، هوعدم قدرة الكاتب على إيجاد أجوبة لأسئلة الدائم والمحدود، فقضيته الفلسفية التي تتعلق بانعدام قيمة الأشياء التي لها نهاية، فملكية العقارات ليس لها قيمة، ولا للمناصب قيمة ، ولاقيمة للحياة لأنها تنتهى بالموت. حتى للموت نفسة نهاية وهى البعث وشغله أيضا قضية القيود، وطرح العديد من الأسئلة مثل، – هل ؟ اذا صعد الى الفضاء سيكون اكثر حرية، لتكون الإجابة (لا) لأنه سيترك جغرافيا الأرض بقوانينها، ليتقيد بقوانين بدلة الفضاء، والحزن اعتبره أيضا كذبة لأن له نهاية .
السعى الى ابتكار شكل جديد للرواية يكشف عن رغبة دفينة للتحليق في سماء التجريب :-
من أكثر الأسئلة أهمية هو السؤال الذى يبدأ ب هل ؟ هل نجح الكاتب في طرح نموذج تجريبى في كتابة الرواية، من خلال استخدامه أدوات مختلفة، وسوف أطرح بعض الأدوات المستخدمة، وأثرها في تحويل هذا النص الى نص يخرج عن الإُطُر العادية للكتابة.
أولا : استخدام مصطلح الجولة، بدلا عن الفصل، أو العنوان الجانبى وهو يعنى رحلة، فكأن الحياة رحلة وتنتهى بالموت، وقد تتعدد الدلالة لنفس الكلمة فيقال (جولة) فى حلبة الملاكمة او المصارعة، لكل فترة مواجهه يتلوها استراحة، وهنا تنحرف الدلالة قليلا فتكون الحياة حلبة صراع، وحين تدمج الدلالات تكون الحياة رحلة صراع او معركة لا تنتهى.
ثانيا: وجود نهر متدفق من علامات الإستفهام، فاذا نظرنا ألى أول ثلاث صفحات، نجد الكاتب طرح على لسان البطل، (20) سؤالا وفى الصفحات السبع الأولى للرواية، وصل عدد الأسئلة الى (40) وتتفاوت عدد الأسئلة في صفحات الرواية، ومن بعض الأمثلة (هل هو موعود بالخلود؟ يقصد الزمار)(لماذا اتى صديقى بمفرده ؟) (هل جفت الدموع؟)(هل تحب الموسيقى؟)(الى أين؟) (كيف صبرنا؟)(ماأدراك ما التبرير؟) كلهاأسئلة كونية وإنسانية وفلسفية، وقد تكون في الجغرافيا او التاريخ والغريب ان البطل وليد يملك الإجابات الجامعة، فهو يتساءل عن الدائم والمؤقت والنهايات، بينما يعلم ان من بدأ الكون يستطيع ان ينهيه، (ص5) ويعلم ان الرضا والقناعة والقبول بما تملكه هو سر اسرار السعادة في الحياة، ويعلم ان التبرير؟! وسيلة خائبة لغلق أسئلة غالبة. هو يعلم إجابات جميع الإسئلة التي طرحها بالرواية، ولكن لا يؤمن بها، فكان ينقصة الإيمان بالإجابات، وبقدرة الله في هذا الكون، ولذلك كان هائما في جولاته، متأملا في الملكوت وغارقا في مستنقع الأسئلة التي يراها الجميع بلا جدوى، ولكنه حين خطت اقدامة المسجد في الجولات الأخيرة، وبدأ يدخله الإيمان، حدث تغيّر لا شعورى في شخصية البطل، ليتحول من الشخص الذى يرغب دائما في انهاء العلاقات، والهروب الدائم من الأشخاص والمسؤليات، الى شخص يقرر مواجهه خصومه، حتى وان تعرض للضرب، ويقرر في النهاية الإستقرارو تربية ابنته صفاء، لينقشع عنه ضباب الأسئلة الوجودية.
ثالثا: اللغة التلغرافية المستعارة من أدوات فن الومضة فنجد الكاتب ابتعد تماما عن الثرثرة، واستخدم فن الإيجاز والإختصار في أغلب صفحات الرواية، فكانت الومضات المتتابعة، اشبة بقطرات مركزة من عطر فواح يُشعر القارئ بجمال النص، بلا أى ترهل في صفحاته، فلا يمل القارئ بل يحتاج الى تركيز عالى ليتمكن من متابعه الأحداث الكثيفة، واللقطات السريعة، حتى لا يفوته شيء، ولولا مشهدين على سبيل الحصر، كان من الممكن تحريك وصف النص من رواية الى قصة قصيرة وهما: المشهد الأول حين جلس وليد ورحمة في كازينو جزيرة الورد، وطال بينهما الحوار، والمشهد الثانى في سبوع صفاء، والتعقيد الذى حدث داخله من تداخل الأحداث والشخصيات، وهو ينتمى لفن الرواية، وسبق ان اشرت لاستخدام الكاتب لأدوات الومضة في مقاطع كثيرة، لذلك يمكن إضافة تصنيف جديد لهذا النص، وهو (الرواية الومضية)ونفترض وجوده حين تستخدم سلسلة ومضات لتشكيل رواية.
حين يتم تجاوز الحد الفاصل بين التجريب والجنون:-
هل الإبداع والجنون أصدقاء قدامى، يجتمعان من حين الى آخر، أم أن الجنون هو منتهى الإبداع، فلا يجتمعان إلا عند وصول الإبداع لمرحلة متقدمة . وما جرى في هذا النص، هو طرح مختلف للفكرة، وطريقة معالجتها وقد تخطت في رأيي مرحلة التجريب، فقد خدع الكاتب القراء والنقاد، بل وخدع شخصيات الرواية أنفسهم، في طريقة استقبالهم لفكرة (الكائن الرمادى) بدءاً من العنوان، ومرورا بكل الأحداث والكوارث والعلاقات الإنسانية التى انتهت بميلاد صفاء.
والكلمة لها دلالة، والدلالة تكشف المعنى، فحين تقول له زوجته ايمان :وجهك يبدو لونه كأنك كائن رمادى خرج من الأرض، أو جاء من السماء ( اللون الرمادى هنا يبدو كشخص مخيف في سياق المعنى) ويقول في ص4 : أنا في نشوى منقوصة بمشاعرى الرمادية (بمعنى مزيفة غير صادقة)
وحين يقول وليد : زرع الجميع في نفسى مبدأ التكيف، وألا أعترض إلى حد التصادم، وأن أكون جاهزا للتراجع ، حتى صرت رماديا، ص36(هنا بمعنى بين بين) وهو المعنى الذى استولى على عقل ووجدان القارئ فى حين ان البطل رغم كونه قائل هذه العبارة إلا ان الواقع مختلف تماما .
فالبطل وليد الذى يترك زوجته، ويركب القطار الى محطته الأخيرة بكل حرية، ويصعد أعلى جبل في مصر كأبرع متسلق، وينطلق بسيارتة في اتجاهات غير معلومة، ويزور المقابر ليلا بلا خوف، ويهزم بمفرده مرض السرطان الخبيث بلا أدوية، ولكن بخطة علاج صنعها بنفسه، وينجح في بناء ثروته، بعد ان تُسرق مخازنه وأمواله، ويبدأ من الصفر في تركيا، ليكون خلال سنوات قليلة صاحب سلسلة من أشهر المطاعم هناك، وهوالذى يواجه الشاب الضخم المنكوش المنفعل في الكازينو فيروضه بكل بساطة بإسلوبه السحرى في الحوار، كما انه تزوج ثلاث زوجات بكل شجاعة، ونجح في حل اصعب معادلة، ان يجعل زوجاته يتعاملن بحب مع بعضهن البعض، ويسعين جميعا إلى إرضائه واستطاع أن يعيش قصص حب متعدده تعيد ترميم روحه، وكأنه شاب في العشرينيات، كما تعرض للقتل من سائق تاكسى، وشاهد طائرة تحترق، وشاهد جارا محترق سقط على سيارته، ثم صعد منزله لينام في هدوء، ويترك زوجته وأموالة بكل أريحية، ليعود الى الطريق والسماء المفتوحة والتساؤلات التي تحاصره، كما أنه فكّر جديا في الترشح للرئاسة، لولا إدراكه لعدم جدواها في تحقيق أحلامة بل أنه ادرك ان الهدف صنم يستعبدك، فلا تخضع له، إذن فهو فيلسوف من المستوى الأول وهو بطل خارق ( (super heroاستطاع تحقيق جميع الأحلام التي يتمناها الإنسان العادى، كما انه انسان نبيل يحب الجميع، فكتب قائمة بأسماء اصدقائة من باب الحب والعرفان لهم، وهومحب لعائلته وزوجاته، وبالتالي هو لون صريح جدا، ولا تتوافق أفعاله بأى حال مع اللون الرمادى، انما غالبا أصحاب اللون الرمادى هما القرّاء والجمهور، فبلا شك تسعة اعشار المجتمع ينتمون لهذا اللون الرمادى، والسؤال هو لماذا أعطى الكاتب للقارئ، إشارات خاطئة ليظن ان البطل نموذج بين بين ؟؟ لا يتخذ القرارات، رغم أن الكاتب في أغلب الأحيان، ترك السرد له ليتحدث كيفما يشاء، ولكى اصل الى إجابة، سوف اكرر أسلوب البطل فى طرح الأسئلة، لعلى أصل الى ماكان يجول في عقله او عقل الكاتب، .. فهل؟؟؟ أراد الكاتب ان نتعاطف مع البطل، من خلال الإيحاء بوجود صفة مشتركة، وهى التردد والتخاذل. وهل ؟؟ لو كان الكاتب استبدل العنوان بكلمة تعنى القوة، فما هو شعور القارئ ؟؟ ( بلا شك كان سيحبه القارئ حتى لو لم يتعاطف معه) فنحن مثلا، لا نتعاطف مع محمد صلاح لاعب الكرة، ولكن نحبه، ولكننا تعاطفنا مع شخصية زكى اللاعب (الحرّيف)، الذى ترك الكرة وأصبح (عجلاتى) .
هل أراد الكاتب فقط التعاطف من القارئ، أم مناورة القارئ وتفتيح ذهنه، لزيادة تركيزه وتحفيذه على الإنتباه، لسرعة إيقاع الأحداث، فهل كان الأمر كله خطة مُحكمة، لمداعبة القارئ؟ ليطرح في النهاية الأسئلة، كما أفعل أنا الآن؟ وكما فعل البطل سابقا، فهل الأسئلة تعويذة سحرية في النص، ام كلمة سر تسكن روح الكاتب.
وانتهى الأمر بعدم إيجاد إجابات، كما فشل وليد سابقا في العثور على إجابات، ولكن تم العثور على خدعة فنية جميلة وجديدة، فكما يداعب الكاتب ابطال قصصه، فهو الآن يداعب القارئ اليقظ الذى يهتم بالسطور وما بينها .
وختاما استطاع الكاتب تقديم حالة فنية مختلفة، تجنح الى التجريب في الشكل والمضمون، كما استطاع تقديم نموذج انسانى متمرد وناجح، نموذج يتمنى القارئ أن يكونه، وأعتقد أيضا أن في جعبة الكاتب الكثير من الأفكار الغير تقليدية ليقدمها للقارئ .