أ. د ربيع عبد العزيز يكتب شقاء لذيذ
كتب علينا نحن المشتغلين بالعلم بحثا وتأليفا ومحاضرة، ان يكون الكتاب خير جلسائنا، والكتاب صامت في ظاهره، ولكن أعماقه تصخب بالنظر وتقليب الرأي على كافة وجوهه..أحيانا كنا نجد لذة في قمع رغباتنا حين تتصارع مع رغبة اقتناء الكتاب ..وكم من مرة كنت أوثر شراء مؤلفات أسيادنا : طه حسين والعقاد وأحمد أمين والرافعي ومندور وجابر عصفور على شراء أي شيء يمكنني تأجيل شرائه.. كنا جيلا يزهو بما يغذي العقول لا بما يغذي البطون..الآن فقد الناس شهية القراءة حتى عندما تهيأت لهم فرصة قراءة الكتاب الإلكتروني، أصبحت الفهلوة لا العلم هي القيمة، ولم يعد طه حسين ويحيى المشد وزويل ومجدي يعقوب ونجيب محفوظ أمثلة عليا أحرى أن تحتذى، بل أصبح (شعبولله) ونظراؤه ممن لا أعرف أسماءهم ، هم القيمة والقامة..وكم أشعر بالأسى عندما أتفقد مكتبتي، على قلة ما فيها( ٤٨٦٢ عنوانا منها عناوين من ثلاثين جزءا)، وأنا أرى السمسرة والتجارة وتربية العجول، أجدى ماليا من آلاف الكتب التي اقتنيتها وانتقيتها خلال أكثر من ثلاثين عاما.
إن الواحد منا يقتطع من وقته الأسابيع، ويسافر مئات الكيلو مترات، ليناقش رسالة ماجستير او دكتوراه، مع علمه بأن العائد المادي مخز للغاية، ولكننا أغنياء بما نقدم لأوطاننا، وبما نملك من الرضا والقناعة، وبما نهدي أوطاننا من خمائر علمية تنشر النور والتسامح، وتحارب الجهل والتعصب،، كم أنت لذيذ أيها الشقاء العلمي..
دكتور / ربيع عبد العزيز
أستاذ النقد الأدبي – كلية دار العلوم – الفيوم