عقيل هاشم يكتب السيرة الأدبية مابين ثراء التجربة وعمق الخيال
السيرة الأدبية مابين ثراء التجربة وعمق الخيال في كتاب “الروائي عمارة كما عرفته”
للدكتور مصطفى لطيف عارف
(أستاذ السرديات الحديثة)
الدكتور مصطفى لطيف عارف أستاذ السرديات الحديثة , باحث وناقد متبحر ومجتهد , إلف جمع من المؤلفات النقدية الحداثية في اختصاصه النقدي من شعر ,رواية, نقد , مسرح …الخ حيث أخذت لها حيزا واسعا في المكتبات الجامعية ومعارض الكتب العراقية والعربية .أراد مؤلف الكتاب أن يكون هذا الكتاب أداة لنقد علمي في مواجهة النقد الذي شاع في أعقاب الزمن الماضي من حيث دراسة التعميمات الواسعة والكليشيهات المستهلكة, والأهم من ذلك أن الأمر “يتعلق الموضوع في المناهج الحداثوية ما بعد البنيوية , والتي اعتمدها الدكتور العارف في الوصول إلى قناعات ومعارف فلسفية في تفكيك هذه السرديات ,وانتخاب الأساتذة الذين درسوا وشرحوا هذه النصوص السردية بعلمية وتأمل.
وأخيرا فقد صدر للناقد الدكتور مصطفى لطيف عارف أستاذ الدراسات النقدية المعاصرة هذا الكتاب الجديد والصادر عن دار امارجي للطباعة والنشر والتوزيع بعنوان (الروائي عمارة كما عرفته),للعام 2024 للاطلاع القارئ بأهمية التعريف بالكاتب العمارة – سيرة وأدبا ثرا..
جاء في المقدمة التي قدمها المؤلف:
(أجد من الأنصاف ان نتحدث عن شخصية علمية وأدبية بارزة في الساحة النقدية العراقية والعربية , تملك نتاجا أدبيا غزيرا يفوق الكثير من أصحاب الأبواق الإعلامية الخاوية على عروشها ,يعمل بصمت ولا يحب الظهور والبروز في وسائل الأعلام , كان هدفه الأول خدمة الأدب والأدباء في العراق والوطن العربي , كان عصاميا بنى نفسه بنفسه في قرية نائية بعيدة عن مدينته العمارة…الخ )
هذا الاستهلال التعريفي لحياة الكاتب العمارة – في حقيقة الأمر هي شكل من أشكال السيرة الأدبية ومن خلال ما جاد به مؤلف الكتاب من أهمية عرض السيرة الحياتية للكاتب وتوزيع خبراته الشخصية وتمريرها في كتبه وبهذا الشكل والتي أراد لها أن يتخلص من عبء الإلحاح الذاتي لنقل خبراته ومشاعره على الورق للقراء0
أقول أن كل روائي أو قاص، وحتى عندما لا يكون في ذهنه أن يكتب رواية للسيرة أو المذكرات، فإن عمله السردي يتضمن لقطات ذهنية من الحياة الشخصية للروائي أو القاص، وهي لقطات ذهنية يظهر آثارها في النص المكتوب حتى لو لم يقصد القاص أو الروائي أن يكون نصه السردي قائما على لقطات من حياته .
فما بين الواقع والمتخيل تكشف الرواية بالشكل المتعارف عليه علاقة الكاتب نفسيا واجتماعيا بالمتون السردية ، وهو أن الحدث في الرواية قابل لأن يتفرع إلى أحداث أخرى وينقسم إلى عدة مشاهد، بينما الحدث في رواية السيرة يقوم فقط على شخصية الراوي ويتمحور حولها، معتبرا أن الحدث في حالة رواية السيرة قابل لأن يتطور ويتقدم للأمام أو حتى يرجع للخلف في حالة استخدام تقنية “الفلاش باك”، لكنه لا ينقسم ولا يتجزأ إلى عدة أحداث أو مشاهد أخرى بعيدة عن شخصية السارد.
الكتاب عبارة حفر في أفكار ومفاهيم تخص سيرة الكاتب وأدبه وهذه العلاقة التشاركية تضامنيا في عملية الإبداع السردي ..الكتاب متنوع وتم عرضه بحسب المناهج النقدية النصية , هي دراسات منهجية ما بعد البنيوية استطاعت ان تفكك المتن الروائي للأديب عبد الزهرة عمارة .الكتاب قسم إلى قسمين تناول القسم الأول الأستاذ عبد الزهرة عمارة روائيا وأدخلت كل قراءة لكاتبها عن نص سردي –قصة –رواية فشكلت ملمحا جماليا من خلال القراءات المتنوعة .
أما القسم الثاني تناول فيه المؤلف الأستاذ عبد الزهرة قاصا وأدخلت فيه كل القراءات النقدية التي تناولت نصوصه القصصية بالتقنيات السردية المميزة.
وقد سلط الدكتور مصطفى الضوء على العتبات النصية والتعالقات النصية والتناص فضاء السيميوطيقية , وجدلية العلاقة بين الأنا والآخر، ومن بين أهم السمات التي تميز اشتغال الدكتور مصطفى هو اختراقه لأُطر المفاهيم والأفكار التقليدية والتي تم الاشتغال عليها سابقا، وتجاوزه لكثير من المكتشفات التقنية السردية الماضوية من خلال بث تساؤلات استطاعت خلخلت التقنيات الفكرية والمنهجية ، مثلما هو حرصه دائما على إخضاع المزيد من الثوابت الصارمة للتفكيك، في ظل الاقتراب من الاشتباك الفلسفي للنصوص السردية..لذلك يكشف لنا الدكتور العارف على أن الرواية هي عمل سردي تاريخي بارع يعكس بأمانة ما حدث في الماضي، وما لا يزال يحدث ونحن نكتب هذه السطور. بشكل عام. إنها قراءة تثقيفية ممتعة للقارئ المعاصر، مبينا أن الكتاب الذي صدر في وقت مبكر يمثل انفتاحا من المؤلف على علم السرديات. وكذلك يتحدث الكتاب عن تسريد التاريخ والحساسية الجديدة والاطلاع على آراء جديدة، ومهمة .يعتبر هذا الكتاب استكمالا لما بدأه المؤلف في كتابه السابق عن الروائي عبد الزهرة عمارة .
تصدّى الدكتور العارف إلى أعطاء أهمية لتلك المقالات وبحسب منهجيتها القائمة على الحداثة والانفتاح الفكري والجرأة في التحليل والفطنة ,الأمر الذي يقود بالضرورة إلى إبراز ما أراده الأديب عمارة من ترسيخ الأبعاد الإنسانية في المنظومة الأخلاقية للنص السردي، فقد ركز الدكتور العارف جهوده على إخراج المعنى الأخلاقي وضمن السلوك الاجتماعي للشخصيات والالتزام بقيم النزاهة والأمانة والصدق، واحترام الاختلاف في الرأي وقبول أنماط متعددة للحياة.
.تقسيمات الكتاب وباختصار:
-فضاء السيميوطيقية في رواية فادية .
-عتبة العنوان-عتبة الزمن-
-الأديب عبد الزهرة عمارة في روايته –فادية –مجتمع التناقضات والمفاجآت والإخفاقات بقلم فرحان الخطيب –ناقد سوري :
– تحليل نقدي في رائعة الأديب عبد الزهرة عمارة رواية فادية بقلم احمد بيضون –ناقد مصري -دراسة تحليلية لرواية فادية بقلم سارة محمود –حكاية صمت -السيرة الغيرية في رواية غدا سأرحل -الاستهلال تشكيل ودلالة بقلم غانم عمران المعموري
-رواية سأرحل غدا –فرصة الاحتجاج بقلم نجاح إبراهيم –سوريا-قراءة انطباع والتقينا في بروكسل بقلم عبد المجيد محمد حلف–سأرحل غدا بقلم فرح تركي-رواية عاشقة من كنزاربا –واقع مؤلم وتحديات صارخة –بقلم نجاح ابراهيم –سوريا-رواية عاشقة من كنزاربا بقلم فادية عريج –سوريا-عاشقة من كنزاربا –صراع الحب والسياسة والدوافع الاجتماعية بقلم علي لفتة سعيد-الهروب من القدر –ابعاد التمييز في الفضاء الروائي بقلم عبد الجبار حبيب-شقراء البصرة بقلم نجاح امين العالم-الشمس تشرق في عيون النساء –استكشاف الذات الإنسانية –قراءة في قصص مازومة بقلم عقيل هاشم-قراءة ذرائعية في الخدم في إجازة بقلم ليلى احمد..
وفي الختام أقول : رأيت من الواجب استعراض مفاصل كتاب “الروائي عمارة وأهمية دراسة سيرة الكاتب كما عرفه الدكتور العارف بشيء من التفصيل والتأصيل قبل محاولة التداخل مع أطروحة هذا الكم من الدراسات النقدية المتنوعة والكثيرة –عراقيا –وعربيا .
نخلص إلى ان الدكتور العارف حاول جاهد تسليط الضوء على السيرة /والنصوص – مادة وملعباً وغاية لكتابه وإضافة أنتاج تجارب شخصية تليق بكاتب متنوع الإبداع وصرح بأدبه البعيد عن الأنظار وتقديمه للمتلقي بشكل يليق به ،
قال عنها الدكتور العارف إنها مرحلة تنافذ –تخادم مابين مسيرة الكاتب وأدبه، ابتدأ من مرحلة البدايات، وتتسع الرؤية للعالم وسرعان ما ستنتهي ليفصح الكاتب هذا عن مشروعه الحقيقي 0
أقول يعد هذا الكتاب دراسة العلاقة مابين سيرة الكاتب وأدبه مما اضطر الباحث من دراسة حياة الكاتب عمارة لنكتشف قيمة أعماله السردية –قصة /رواية – وبالتالي تقييم وإشادة بمنجزه الإبداعي الغزير.
في” الرواية الحديثة”، ومن واقع اطلاعنا على معظم أعماله الروائية التي تندرج في هذا الكتاب بوصفها العلامة البارزة لأدب هذا العصر، فهي تؤكد فردية الإنسان مقابل كتابة الجماعة التي هيمنت على الأدب ولاسيما وان الكاتب في كل العصور لم يكتب الا ذاته وتجربته، وبالتالي فإن إعادة كتابتها لابد أن تضيف إليها الكثير من الابعاد والظلال التي تخرجها من النطاق الذاتي الضيق الى معان إنسانية كبيرة، وبدون هذا العمق فمثلاً الكتابة في الجنس التي كانت محرمة ومجرمة أصبحت متاحة بكثرة، وهذا دفع نحو الصدق في الكتابة الأدبية وهذا أنتج رواية ووعياً جديدين فهي صالحة بكل تأكيد، ومعين لا ينضب، ولكن السؤال وأيضا التحدي الأهم في الكيفية والقدرة على دفع القارئ إلى تصديق ما تكتب • وكتابة رواية ظلالها الحقيقة تعتبر نقلة في تاريخ الرواية، وخطوة مهمة في سبيل تطويرها وقراءتها للمجتمع على النحو الأمثل، والمفترض أن تساهم في تغيير المنظومة القيمية في المجتمع، وفي كشف، بل فضح الناموس الأخلاقي والسعي الى تغييره، وهذا من صميم هموم الكتابة وغاياتها،الكاتب من مهامه تطوير وتغيير المجتمع من خلال كتابة الكشف والتعرية ورؤية الذات بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات• علي: تعرية النفس , واعتقد صدق الرواية يأتي من تجارب مستمدة من تجربة الكاتب الشخصية، من اجل ان تمنح الكتابة الروائية حميمية ووهجاً يصل القارئ ويجعله يكتشف مشتركات بينه وبين شخصيات الرواية والقارئ يرى نفسه بالفعل فيها , وأهم ما يلفت النظر للرواية الحديثة أن السيرة الذاتية للكاتب متداخلة في عوالم كل أعماله، لكنه يقدمها بصفتها تجربة روائية للآخرين وبأسماء مغايرة لكنها في منتهى العمق والصدق معا0