محمود مطر يكتب رواية السراب ومتعة القراءة الثانية لأعمال محفوظ
يعتبر كامل رؤبة لاظ بطل رواية السراب لصاحب نوبل واحدا من أهم الشخصيات التي رسمها محفوظ باقتدار وتمكن .. وهي شخصية معقدة ومركبة ..تتداخل الأبعاد النفسية والاجتماعية في تشكيلها وتسيير حياتها ..لكن العجز هو السمة البارزة في هذه الشخصية..عجز عن مواجهة المجتمع والتواصل مع الآخرين رسخه عيشه في كنف أمه بعيدا عن والده وعن شقيقه الأكبر وشقيقته الكبرى .. كرست أمه كل حياتها من أجل أن تضعه في برج عاجي بعيدا عن الناس وأغلقت الأبواب دونه أمام تجارب الدنيا وأحداثها واهلها وظلت رغبتها خفية لكن قائمة في ألا يتزوج ابنها المدلل .. فنشأ عاجزا في حياته ..عاجزا في دراسته .. عاجزا حتى في حياته الزوجية ..اورثته النشأة غير الطبيعية عوارا نفسيا اورثه بدوره عجزا جنسيا وفقدانا لممارسة واجباته الزوجية بينما يسترد رجولته حين يقع في طريق ساقطة أو فتاة ليل ..ويظل كامل عاجزا أو شبه عاجز مع زوجته منذ ليلة الدخلة وحتى النهاية ..نهاية رسمها محفوظ بإبداع حين جعل كل شيء ينفجر في وجه كامل ..اكتشف خيانة زوجته ثم موتها في بيت أبيها نتيجة عملية إجهاض أجراها لها عشيقها الطبيب ..ثم ماتت أمه بعد أن اعلن كامل تمرده الشديد عليها ..ثم ترك محفوظ نهاية الرواية مفتوحة بعد أن عاد كامل من غيبوبة لمدة ثلاثة أيام عقب وفاة أمه .. وقد لاحظت أن نجيب محفوظ لم يحاول أن يكون للجانب السياسي دور يذكر في السراب فركز فقط على البطل وحكايته وأهله لندرك في النهاية أن كل شئ في حياة كامل رؤبة لاظ كان سرابا كبيرا وطاغيا ..السراب هي رواية رائعة وعظيمة ككل روايات نجيب محفوظ .. أعدت قراءتها مستمتعا يملؤني شغف هائل مع تتابع أحداثها ..أدعو جميع اصدقائي لإعادة قراءة نجيب محفوظ مرة أخرى بل ان يحثوا أبناءهم على قراءته ..ففيه فائدة عظيمة للغتهم العربية ولخيالهم ولمداركهم ومعارفهم