أخبار عاجلةدراسات ومقالات

د. ربيع عبد العزيز يكتب ديوان لو تطلبين العمر للشاعر د. بسيم عبد العظيم

يجمع هذا الديوان بين دفتيه قصائد دينية ووطنية وقومية ومعارضات وقصائد مناسبات وأخرى من شعر الوجدان الذاتي، فضلا عن عدد من المقطعات، غير أن شعر المناسبات يغلب على قصائده، أما شعر الوجدان الذاتي فتتردد أصداؤه في قصائد مثل: لو تطلبين العمر، وأين الحبيب، وطيف الحبيب، وخطاب الحبيب.
وقصائد الديوان كلها تترجم شخصية الشاعر كما عرفته خلال سبع سنوات أمضيتها في جامعة الملك فيصل بالأحساء؛ حيث كان الدكتور بسيم يعمل آنذاك في كلية البنات بالمدينة نفسها، ويحرص الحرص كله على التواصل الفعال مع المجالس الأدبية؛ التي تعد من أهم ما يميز الأحساء بوصفها فسيفساء تحتضن – في تسامح لا تخطئه العين- أشتاتا من المفكرين والأدباء والنقاد ومحبي الثقافة على اختلاف مشاربهم. ولعل من المناسب أن أذكر هنا جانبا ينم عن شخصية الشاعر الدكتور بسيم عبد العظيم، وهو أنه صحبني، بأريحية معهودة فيه، إلى تلك المجالس؛ بدءا من أحدية السفير أحمد بن علي آل شيخ مبارك، مرورا باثنينية النعيم الثقافية، وانتهاء بأربعائية الدكتور نبيل المحيش الثقافية ومنتدى الدكتور محمد بودي؛ فكان صنيعه هذا تحريرا لي من الإحساس بالغربة الذي عادة ما يلازم المغترب في شهور اغترابه الأولى.
ويطبع الوضوح قصائد الديوان بطابعه ؛ فليس هناك لفظ غريب، ولا عبارة ملتوية، ولا صورة غامضة، بل النصوص كلها واضحة وضوح الشمس في وسط النهار؛ ومرد هذا إلى أمرين: التكوين النفسي للشاعر بما يمازجه من نزوع إلى التلقائية، ومن نأي عن التعالي على المتلقي بغريب الألفاظ ومعقد التراكيب وغامض الصور وفلسفي التعبيرات. هذا أمر. والآخر: حرص الشاعر على التوصيل والتأثير، وهو حرص أكسبته إياه مهنة المعلم؛ التي تدفع أصحابها إلى تبسيط الغامض وفك ألغازه وإعادة تقديمه إلى طلاب العلم في أسلس عبارة.
وبجانب دلالة وضوح النصوص على شخصية الشاعر، نجد الحس الديني يعكس جانبا آخر من شخصية الدكتور بسيم؛ الشاعر المسلم، الوسطي، الذي لا يعرف التشدد ولا يتوارى خلف التدين المقنع. ولهذا الحس تجليات عديدة في ديوانه؛ منها ما يظهر في عناوين ومضمون نصوص مثل: يا رسول الله، يا شباب الدين، أستغفر الله ، مرح في منبع النور. ومنها ما يظهر في ترتيب القصائد والمقطعات في الديوان؛ فإذا كان المتلقي يتوقع أن يجد في مستهل الديوان قصيدة لو تطلبين العمر بوصفها القصيدة التي منحت الديوان عنوانه ، فإنه يجد- بدلا منها- ثلاثة نصوص دينية: قصيدة يا رسول الله، تليها قصيدة يا شباب الدين، ثم مقطعة من ستة أبيات عنوانها: أستغفر الله، مع أن الشاعر لم يذكر تاريخ كتابة نص من الثلاثة، خلافا لما درج عليه مع غيرها من النصوص التي آثر أن يذيلها بتواريخ كتابتها. هكذا يأبى عليه الحس الديني أن يقدم قصيدة على قصيدة يا رسول الله، ويربأ به الصدق مع النفس عن أن يضع تاريخا متقدما لقصيدة يا رسول الله ؛ بحيث يبرر تصدرها قصائد ديوانه.
ومن تجليات الحس الديني نزوع الشاعر إلى الدعاء سواء في قصائده ومقطعاته الدينية أو في خواتيم شعر المناسبات ، بل إن هذا الحس يلازمه في خواتيم بعض قصائد الوجدان الذاتي؛ بدليل قوله في ختام قصيدة لو تطلبين العمر: (1)
سبحانك اللهم فاقبل دعوتي واغفر ذنوبي، أنت أعظم غافرِ
وشبيه بما سبق قوله في ختام قصيدته أين الحبيب: (2)
يا رب لطفا بي، وفرج كربتي لأعــود مجبــورا إلى أوطـاني
وبتأثير الحس الديني وسطوة المحفوظ نراه – بوعي منه أو بغير وعي- يكرر الدعاء القرآني:” هيئ لنا من أمرنا رشدا” مرتين: مرة في مقطعة أستغفر الله التي يقول فيها:(3)
يا رب هيئ لنا من أمرنا رشدا واستر بفضلك مـا سرًّا فعلنـاه
والأخرى: في قصيدة ليلة العيد حيث يقول:(4)
يا رب هيئ لنا من أمرنا رشدا واهد العصاة ومن في موطني جاروا
كما يكرر التركيب العطفي ذا المرجعية الدينية:” إنس وجن” في ثلاث قصائد؛ الأولى: قصيدة في رحاب المدينة المنورة، وفيها يقول في سياق هجائه العرب المعاصرين: (5)
وأمـا اليــوم، أيـن اليــوم قـومي عجزت عن الإجابة، لا تسلني
لقـد هجـروا سبيل الرشـد عمـدا ومالــوا للغــوايـــة يـــا لغـبــن
ومن عجب أضاعوا العلم جهلا وهــامــوا بالخـلاعــة والتغـني
أيغـني عنهمــو لســــداد ثـغــــر تغنيهــم بيـا ” ليلي” و ” عيني”
فأمسـوا قصعـة هجمـت عليهــا هــوام الأرض من إنـس وجـن
والثانية: قصيدة نديم الليل، وفيها يقول:(6)
رحلة الأشجان ظلت طول ليلي دون ظعن
ليس يدري بي أنيس كـان من إنـس وجــن
والثالثة: قصيدة طيف الحبيب؛ التي يقول فيها: (7)
له في القلب منزلة تسامت عن الإدراك من إنس وجن
وبغض النظر عن دلالة تكرار التركيب العطفي ” إنس وجن” على الحس الديني وسطوة المحفوظ، فإن التكرار بصفة عامة لا ينفصل عن ذات الشاعر، بل هو ترجمان لنفسيته بما تضطرب به من هواجس وتطلعات وقلق.
وفي قصائده الوطنية لا يقف موقف المتفرج من قضايا وطنه، بل نراه يدين بأصرح عبارة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وينحاز للثورة والثوار: (8)
قد طويتم ظلم بـــاغ بــاع أوطـانــا وسمسر
أعلنـوهـا في ثبــات نحن لن نرضى بعسكر
وكثيرا ما يستدعي في قصائده القومية شخصيات تاريخية ماجدة؛ من مثل” أبو حفص/ المعتصم/ صلاح الدين/ الرشيد/ المأمون”؛ ليستعيد بها أمجاد الماضي تعزيزا لثقة المتلقي في نفسه وحضارته وقدرة أمته على درء الظالم وصون الأرض والعرض. كما يستدعي رموزا أدبية؛ كالمتنبي والمنفلوطي ونازك الملائكة، وهي رموز ترتبط في ذاكرة المتلقي بقدرتها على الإبداع والتجديد وتطوير الذات. وفي مهارة نراه يمزج في بعض قصائده بين استدعاء الرموز التاريخية والأدبية من ناحية وتوظيف الملفوظات القرآنية من ناحية أخرى؛ ففي قصيدته حفيد الفاتحين يوظف صلاح الدين رمزا تاريخيا ويوظف التركيب الوصفي القرآني” أخذا وبيلا”؛ يقول:(9)
صلاح الدين والأقصى أسير فـأين تـراه سيفكـم الصقيـلا
لنفلـق هــــام أبنــاء الأفـاعي ونأخـذهــم بــه أخــذا وبيـلا
وأما معارضاته فمنها قصيدته طائر الشوق؛ التي يعارض بها قصيدة عاشق الزنبق للشاعرة نبيلة الخطيب، وفيها نقع على خيال مادي قريب يجعل للضاد صهوة، وللشعر عرائس تبتهج، وجدولا صافيا مما يكدره: (10)
عن صهوة الضاد يوما ما نزلت وقد أتعبت في السبق فرسانا لهم وَلَـهُ
لُـقِّبْـتِ سيـدة للشــعـر فـابتهجــــــت عرائس الشـعر إذ صفَّيْتِ جدولَـهُ
أما قصائد المناسبات فلم تكن كيلا للثناء أو مبالغة في الإطراء، بل كانت تعبيرا فنيا مموسقا يرسم فيه الشاعر معالم الشخصية المكرمة، كما كانت ترجمانا لشخصية الشاعر المفعمة بحب الحياة والأحياء. وبدافع من هذا الحب وحده لم يدع مناسبة يُكَرَّمُ فيها أحد أصدقائه إلا نظم في المُكَرَّم قصيدة، بما في ذلك قصيدته نجم النقد التي نظمها في حفل تكريم كاتب هذه السطور. ولكنه كان في تلك القصائد إذا واتته الفرصة لكي يبدي موقفا من قضايا الواقع العربي المعيش لا يتردد في إعلان موقفه؛ ففي قصيدته بلبل الشعر؛ التي نظمها بمناسبة تكريم الشاعر الفلسطيني بسام دعيس في اثنينية النعيم الثقافية بالأحساء، يعرب الدكتور بسيم عن امتعاضه من الشعر الحداثي، ولا يفوته أن يصبغ موقفه بالحس الديني:(11)
يا بلبل الشعر أنشدنـا لتشجينا فقـد أصم نعيب البـوم نادينا
حداثة عافهـا من كان ذا أدب ومن يحب رسول الله والدينا
وأما قصائده القومية فهي مرايا لانتمائه العربي والإسلامي؛ إنه مسكون بهموم وقضايا أمته وفي مقدمتها اغتصاب الأقصى على مرأى ومسمع من مليار مسلم:(12)
أرى الأقصى يطالعنا حزينـا براه الشـوق، لم يشف الغليــلا
يرى الباغي الظلوم يتيه فخرا بسـاحتــه، ويـوسـعــه كـبـــولا
ألا يا أمــة المليـــار هبـــــوا لكسر القيد كي نرضي الرسولا
ومن الطبعي أن يعلو صوت الشاعر في قصائده القومية؛ ففي قصيدته حفيد الفاتحين نراه يُكْثِرُ من توظيف بنية الأمر: ” اضرب/كن/هبوا/انهض/جاهد/ أشعل/ لقن/تذكر/اصبر/ صابر/ رابط/ اتق”، كما يُكْثِرُ من توظيف بنية النداء: “يا أمة الإسلام/ أخا الإسلام/ حفيد الفاتحين/أأطفال الحجارة يا رجالا”. غير أن حضور بنيتي الأمر والنداء يتقلص أو يكاد في قصائده الوجدانية؛ حيث يميل صوته إلى الانخفاض حتى ليقترب من الهمس، مع إكثاره من أصوات اللين والمد والنون بما تنتجه هذه الأصوات من أنغام عِذَابِ تشنف سمع المتلقي وتحف بالمعاني خلال رحلتها إلى وجدانه ؛ كقوله في قصيدة نديم الليل: (13)
يــا نـديــم الليــل إني دائما في الليل وحـدي
من ذبول الزهر أبكي من جفاف النبع عندي
مـن ظــلام يحتــويني من سكـون لي حزيـن
من شبـاب لـي سجين واغـتـــراب وحنيـــن
ففي النموذج السابق يتردد صوت النون بكثافة عالية حتى لقد بلغت معدلات تردده إحدى وعشرين مرة جاء مكتوبا أربع عشرة مرة، وجاء منطوقا سبع مرات: ” دائما/ذبولٍ/ ظلامٍ/ سكونٍ/ شبابٍ/ سجينٍ/ اغترابٍ”، كما تردد صوت الياء سبع عشرة مرة، وصوت الواو ست مرات. أما بنية النداء فلم يوظفها في القصيدة كلها إلا ثلاث مرات؛ مرة في الاستهلال ومرتين في الخاتمة، كما لم يوظف بنية الأمر إلا مرتين في ختام قصيدته: (14)
يـا إلهـي جُـــدْ بعفـــو ولتـرح يــا رب قـلبــي
ولعل من أجمل قصائد شعر الوجدان الذاتي قصيدة أعلنت حبك؛ التي يعارض فيها الشاعر قصيدة الموت عشقا للشاعرة الأحسائية بشاير محمد، والتي يسلم فيها نفسه لشيطان الشعر، ويئن أنينا شهي المذاق تحت وطأة تباريح الهوى. وها هو ذا ينصت إلى ذاته، ويتحرر – مؤقتا- من الحس الديني؛ جاعلا من قصة عشقه قِبَلة تهفو إليها قلوب رموز العشق في تاريخنا العربي، وجاعلا من نفسه غريقا في بحر الهوى لا يملك أن يقاوم أمواجه، ولا أن يتجلد، ولا أن يخشى ملامة اللائمين: (15)
للعشــق والعشـاق نصبـح قِبْـلَـةً تهفــو لهـا ليلـى، وقيس يقصِـدُ
وأنـا أحبـك، والهــوى بحـرٌ لـه مَـــوجٌ يـقـربني وآخــرُ يُبْـعــدُ
فأكـاد أغـرق في هـواك حبيبتي وأموت في عينيك، حيث أُخَّلَّـدُ
إنـي كتمـت هـــواكِ حـتى آذنـي فـطفقـتُ أُعلنـه وربـي يشهـــدُ
أبديت حبك حين زلزلني الهـوى بركــان حبــك نــاره لا تخمـدُ
ما عدت أخشى في هواك ملامةً والصبــر أعيــاني فما أتجَـلَّــدُ
وفي قصائد الوجدان الذاتي نراه يرسم باللغة إحساسه بالحبيبة وتفاصيل وجهها؛ فالعينان نبعا فتنة، والرمش قتَّال، والحاجب يزيدها بهاء ويزيده شغفا؛ يتضح هذا في قوله من قصيدة حُطِّي اللثام:(16)
عينــاك نبعــا فتنــة ولـــــذاذة أنـا يـا فتــاة تروقني عينــاك
والرمش يا للرمش يغتال الفتى والحاجب المرسوم زاد بهاك
وفي ختام القصيدة نفسها يفصح- في جرأة عاشق متيم- عن أمانيه في أن يضم الحبيبة إلى صدره، ويذوق الشهد من شفتيها: (17)
أملـي أضمـك يــا فتــاتي ضمـة وأذوق شهـــدا نبعـــه شفتـاك
أما في قصيدة قالت أدركني فقد استحصد به الحس بالهوى والنوى، فإذا هو يصوغ حسه في عبارات راقصة تهتز لها أوتار قلب المتلقي: (18)
إني أتبعثـر يـــا أملـي أتشتت ألمي يتصَعَّـــد
القلب يـدمدم مجروحا وشقائي يأبى أن أسعد
تتلهب أضلاعي سقما وأفـتش حــولي أتلــدد
أشلائي يا لـك أشلائي أوراق خـريف تتبـــدد
أشلائي تنبض بحيـــاة تجعلني نضـوا يتجلــد
وللأحساء في قصائد الديوان حضور لا تخطئه عين؛ فالشاعر كان- ولم يزل- مسكونا بحب هذه المدينة شأن الكثيرين ممن أقاموا فيها وعرفوا سماحة أهلها عن كثب. وتتردد في أكثر من قصيدة أصداء إحساسه بجمال الأحساء وانصهاره فيها ؛ فمن ذلك قوله في قصيدة أغنية وحسناوان: (19)
هي واحــة غنَّاء طـاب مقامنـا فيهـا فكـانـت تـــوأم الأوطـــان
حتى ظننت بأنني مـن أرضهـا نبتت جـذوري أثمـرت أفـنـاني
ونقشت رسمي فوق خـد أديمها ” فالأهل أهلي والمكـان مكاني”
ومنه قوله يصف إحساسه بالطابع الإنساني للأحساء: (20)
فالحب يجمع شملنا في واحـة هي للندى والعلم خير وعـــاء
فيهـا التسامـح تجتلـي أنــواره كالشمس تعمي أعين الجهلاء
فترى المذاهب قد تعانق أهلها حتى سموا لمنـازل الجــوزاء
وهو يزاوج بين الإحساس بالأحساء مكانا وبشرًا، وبين وصف طبيعة المكان بما فيه من نخيل وعيون؛ ففي قصيدة طيور الحب يقول:(21)
فهذا النخل يزهو في شمـوخ إلى العليا على طـــول الزمان
عيون الماء كم فاضت بحورا وأنهـــارا تــدفـق فـي الجنـان
رأيت الحســن فيهـــا مستقـرا فأصل الحسن أحساء المغاني
هـي الأحسـاء تأسـر عاشقيهـا وإني بالحســــا صبٌّ أُعـانـي
حللت بدوحهــا فشـعرت أنــي بحضن الأم ينضــح بالحنـان
وأحسـاء النخيـل بـدت عروسا تحلت بالعقيــق مــع الجمـان
ومنه قوله في قصيدة قالت سأحفظ شعركم بفؤادي: (22)
كنت العزيز على الدوام بواحة طاب النخيل بها وعطر الكادي
ونراه ممزقا بين الأحساء والحبيب؛ فهو يبوح لنا بإحساسه بالحبيب المتربع في فؤاده؛ إذ يقول في قصيدة طيف الحبيب: (23)
حبيبي غاب عن عيني ولكن تربـع في فـؤادي المطمئن
لـه في القلب منزلـة تسـامت عن الإدراك من إنس وجن
ولكنه مفتون بالأحساء، أسير لحبها؛ ولهذا يدع طيف الحبيب ليناجي الأحساء؛ مستحثا إياها على أن تترفق به وتعتقه : (24)
أيا أحســاء فكي قيــد عــان براه الشــوق للأحباب، مُـنِّي
بذلت لك القصائد مهر عتق فجــودي يا حســا ولا تضني
وللدكتور بسيم في قصائد ديوانه حروف يؤثرها رويًّا، يأتي في مقدمتها حرفا النون والراء، وهما حرفان يتصفان بقدر كبير من الوضوح السمعي وسهولة النطق؛ فقد نظم على النون ثنتي عشرة قصيدة ومقطعتين، وعلى الراء ثنتي عشرة قصيدة ومقطعة واحدة، وكان من أثر ميله إلى صوتي النون والراء أن استأثر الحرفان بالحضور رويا في أكثر من ثلث نصوص الديوان البالغ عددها أربعة وستين نصا. كذلك نراه يؤثر في روي قصائده – وإن بدرجة أقل كثيرا من النون والراء- حروفا أخرى؛ منها الدال الذي نظم عليه خمس قصائد ومقطعة واحدة، والهمزة وقد نظم عليها أربع قصائد ومقطعتين، والباء وقد نظم عليها أربع قصائد ومقطعة واحدة. ومعلوم أن النون والراء والدال والباء من القوافي الذلل، وأن الهمزة قريبة من القوافي الذلل. وفي مقابل انحيازه إلى الذلل من القوافي وما يقاربها، نجده يتجنب النظم على القوافي الحوش؛ فلم ينظم قصيدة على الشين والظاء والغين، كما يتجنب النظم على الزاي والصاد والضاد والطاء وهي من القوافي النفر.
وهو يميل في شعر الوجدان الذاتي إلى إطلاق قوافيه؛ كما في قصائد: طيور الحب، وخطاب الحبيب، وطيف الحبيب، ولو تطلبين العمر، وأين الحبيب. ولاشك أن إطلاق حرف الروي يهيئ للشاعر أن يفرغ آهاته، وأن يستنفد أرهف أحاسيسه بصفة عامة وأحاسيسه نحو المحبوب بصفة خاصة.
==============
الهوامش:
1-د. بسيم عبد العظيم، لو تطلبين العمر، ص143، ط: الأولى، مطابع دار الوثائق، القاهرة1433هـ -2011م.
2- السابق، ص146.
3- نفسه ، ص19.
4- نفسه ، ص 38.
5- نفسه ، ص 34.
6- نفسه ، ص 78.
7- نفسه ، ص 137.
8- نفسه ، ص 29.
9- نفسه ، ص 43.
10- نفسه ، ص 112.
11- نفسه ، ص79.
12- نفسه ، ص 42.
13- نفسه، ص77.
14- نفسه، ص78 .
15- نفسه ، ص147- 148
16- نفسه، ص 158.
17- نفسه، ص158.
18- نفسه، ص164.
19- نفسه، ص130-131.
20- نفسه، ص114.
21- نفسه، ص117- 118.
22- نفسه، ص152.
23- نفسه، ص137.
24- نفسه ، ص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى