الشاعر القدير عبد السادة البصري يكتب: على أبوابها جئنا

مدينة أسسها الجندۥ
وخرّبها الجندۥ
وأعاد بناءها الجندۥ
وهدّمها الجندۥ
لكنها.. بقيت في القلوب
حيث بناها الحنين!!
القصيدة:-
رائحة الصندل، مواويل، الطواشّاتِ
حنين، البحّارة، رقصات الموج على الشاطئ
أحلام صبانا، نحملها…
أيقونة نذر في الأعناق.. ونأتي..
مجبولين بشوق يلهمنا
الكلمات الولهى، نطرق أبوابكِ ،
يا بنت البحر، وسليلةَ رب الأمطار ، وأخت الشط
عسانا..
نحصل منكِ على عهد يؤالف بين قلوب العشّاقِ
كنتِ.. على عهدكِ معشوقةَ كل السّمار، ومحبوبة
كل الفقراء!!
يا بنت البحر، وربيبةَ طلع النخل
وأم الحناء،
أتيناك ثقالا وخفافاً ،
يغمرنا الحب،
نرسم.. نكتب… ونغنّي…
أرواحنا حبلى بطعم الرطب البرحي، وهمس النورس
نقرأ قرآن محبتنا عند العتبات
نطير.. نقفز..
ونصفّق مأخوذين بنار الوجد، حّلّي الشَعر وقومي،
عشاقك عند الباب يتغنون :
على أبواب عشق الأهل
جئنا نسبق اللهفة
نداري كل بوح القلب
نمشي.. والخطى زفة
أبواب الصّاج، الشناشيل، تروي حكايات الأهل
نوارس ترقص وتغنّي، في عرسك كان لقاء الشارع بالشارع
والحارة بالحارة، النهر يعانق نهراً، أعذاق النخل تزمّر،
تعزف صمت الخجل المعجون بطيبة أهلينا،
مويجات تتهادى عند رصيف الروح، تبعث أشجانا ملئت بدبكات
(الهيوة، الطيارّي، السامرّي، الناي التوماني…)
وأحلام طفولتنا في الكاروك!!
كانت تغسل الشعر
وتطوي كل أهواءٍ
فتاة في الهوى العشرين،
تناغي رجع أصداء
وترسم لوحة الاتين
البلم العشّاري تلقفنا، منذوراً للآتين إليك يسامرهم
سعفات مّدت إكليل جدائلها، تمسح عّنا وجع الغربةِ، التعب
المضني، العطش القاتل، آهات سنين مرّت تركت في النفس
شروخاً وهواجس شتى، كنت بها الأم، البنتَ، الأخت، العاشقة
المعشوقة، والمقتولة قهراً وحسرة !!
آهات التذكار، حقائق باتت مرأى للناظر من فوق سماوات سبع،
حدائق للصبيان، الأطفال، صبايا الحيّ ومد البصر مقابر جماعية!!
بيوت الطين ملاعب أزمان ما هدأت، تنثر أزهاراً
وتبسمل فوق رؤوس أحبتها، وترتل آيات القرآن
تباعا أن يحفظهم من غول يتربص عند الباب!!
الماء المرشوش وراء الذاهب في سفر التعويذة، دعوات الأم، الحكمة، الصبر، حكايات الجدّة، نار الموقد في البرد،
مروحة الخوص، ناقوط الحبِّ، تكبيرة مقام علي، أجراس كنائسها،
الكورنيش، العشّار، 5 ميل، الزبير، أبو الخصيب، التنومة،
الفاو، القرنة، أم قصر وكل الأشياء،
كانت عند البابِ
تعانقنا :
وفارقنا شذى البصرة
وجئنا اليوم نحكيهِ
فلا غابت ولا غبنا
ولا نسيت أغانيهِ
ولا هزلت ولا شاخت
ولا ضاعت لياليهِ
ورغم الجور والتهميش
قرآن سيحميهِ
وباب البصرة المفتوح
لم تغلق مرازيهِ
ستبقى البصرة الشعلة
ويبقى القلب حناء˝
وماء الشط ّ حانيه
الأسلاف يمّدون أكفاً، ترفع أشرعة˝، تحمل صوراً،
الأحفاد اقتسموا البسمة والخبز
الأسماء الحسنى، تعويذتنا من شر الحاسد والنماّم،
أقمنا للشمس عمارات تحمل أختام ضحايا قدّمناها وقرابين
لتبقى بنت البحر،
العذراء،
سليلة ربّ الأمطار
أبد الدهر نقية
والعاشق والمعشوق صنوان من فرح لينهض بستانُ ربيع أخضر !
الشاعر والأديب عبد السادة البصري- عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للأدباء والكتاب بالعراق.