الفراشة الخجولة وصديقاتها الجٌدد تأليف أوكسانا كورباك ترجمة د. سامية توفيق
قصة من أدب الأطفال الروسي

هذه قصة خيالية تربوية. تحكي عن فراشة صغيرة اعتبرت نفسها قبيحة المظهر وخائفة جدًا من تكوين صداقات جديدة، وقد قامت معلمة علم النفس أوكسانا كورباك بتأليفها لأطفال ما قبل المدرسة. تحدثهم فيها على قيم الصداقة، وتساعدهم التغلب على الخجل، وعدم الثقة في النفس.
يُحكى أنه كانت هناك فراشة صغيرة زرقاء اللون. تعتقد في نفسها أنها عادية وبسيطة للغاية.
ذات مرة كانت تطير من زهرة على أخري، ودون ملاحظة وجدت نفسها في مرج وهو حقل بديع كثيف الشجر. كان به نجوم بيضاء من نبتة الاقحوانات*، وزهور الهندباء** الصفراء المُشرقة، والسُحُب الزرقاء الساحرة، لدرجة أن الفراشة الزرقاء لم تكن لديها الرغبة فى الطيران بعيدًا. وأرادت حقًا الاستمتاع بهذا الجمال لكثر وقت ممكن.
وفجأة ظهر سرب من الفراشات المختلفة الألوان. كان هكذا مشرقًا لدرجة أن فراشتنا شعرت لفترة قصيرة بزغللة في عينيها، وبالتدريج إختبأت في العُشب.
طارت الفراشات بمرح، كانوا يحلقون بين الزهور ويضحكون بصوت رنان. وكانت أجنحتهم تتألق مع أشعة الشمس، كان هذا مبهجًا لدرجة أن فراشتنا الصغيرة تجمدت في مكانها وهى تجلس على فرع شجرة. ٌأُعجبت بهم، وأخذت تنظر إليهم في فزع ودهشة. وتمنت أن تكون مثلهم.
وفجأة شاهدتها إحدى الفراشات قائلة:
– لماذا تختبئين؟ هيا تعالي معنا!
لكن بطلتنا هزت رأسها فقط وطارت في عمق المرج. خافت من أن هؤلاء الفراشات الجميلات لا يُريدن الصداقة معها، وإنهم فقط يضحكون عليها، فهى ليست بالمُلفِتة للنظر وليست بالجميلة. ومن بين السرب ابتعدت فراشتان وطارتا خلفها. قالت الفراشة الأولى بصوت عال:
– أنظري، يا لها من فراشة جميلة. وقالت الثانية:
– لا يجب أن تكوني وحدك في هذا اليوم البديع. هيا طيري معنا، نحن نُريد أن نلعب.
شعرت الفراشة بالزهول والحيرة. هل من الممكن أن تكون هؤلاء الفراشات المشرقات الجميلات ينظرن إليَ بعين الانتباه؟! إستمرتا في الإلحاح عليها. وهى حقًا كانت لديها رغبة شديدة في أن تلعب معهن. ولذلك وافقت بسرعة وطارت نحو الصديقتين الجديدتين.
بدايةً شعرت الفراشة بالخوف. فكرت في كيف ستقبلها الفراشات الأخريات، وهن برؤيتهن لها قُمن بخفض الرؤوس تحية لها.
في بداية الأمر، بدأت الفراشات تطير من زهرة إلى أخرى، ثم بعد ذلك قامت بالطيران في لعبة اللمس بالأجنحة. لعبت فراشتنا الصغيرة مع الجميع، لكنها كانت دائمًا خائفة أن تفعل شيء ما غير مرغوب به، ولذلك كانت طوال الوقت في حالة من التوتر الشديد. كانت عيناها في كل مرة تتسع من الخوف، عندما تتوجه إليها واحدة ما من هؤلاء الجميلات. إنتظرت، أنه يمكن أن يطردونها أو يضحكون عليها. لكن لم يحدث أي شيء من هذا القبيل، وفراشتنا تنفست الصعداء.
قالت إحدى الفراشات:
– والآن، هيا نلعب لعبة الاستغماية!
ومن لم نستطع الحصول عليه، يكون الفائز – ويحصل على ألذ رحيق. شدى الجميع:
– موافقون. – هيا نقوم بالاختباء في أسرع وقت ممكن.
سألت فراشتنا الزرقاء بهدوء. وهى لم تستطع أن تصدق بأي حال من الأحوال أنهم قبلوها في اللعبة:
– هل يجب عليَ أن أبحث عنكم؟ تفاخرت الفراشة، التي دعتها قائلة:
– لا، أنا سوف أبحث. وأعتقد أنني أفعل ذلك أفضل من الجميع. – أما أنت فطيري واختبيءٍ! – وسأبدأ في البحث عن من لم يختبيء.
في تلك اللجظة طار الجميع في أنحاء مختلفة: من اختبأ في العشب، ومن على الزهور. وصغيرتنا لم تفكر في الطيران بعيدًا، جلست على نبتة صغيرة ذات أزهار زرقاء، وقريبة جدًا من مكان الرائدة – وهدأت.
(هل تعلم أيها القارئ العزيز أن تلك النبتة – هى زهرة زرقاء صغيرة جدًا تشبه آذان الفأر؟ وماذا تعتقد، هل من السهل عليهم أن يعثروا على فراشتنا الزرقاء الصغيرة وهى عليها؟ هيا نكتشف ما حدث بعد ذلك).
إستطاعت فراشتنا الصغيرة أن ترى بوضوح من جميع الأنحاء، كيف كانت الفراشة الجميلة تبحث عن صديقاتها. وهى قد عثرت تقريبًا على الجميع. كانوا ملحوظين للغاية في المساحات الخضراء الكثيفة، وعلى زهور الاقحوانات وعباد الشمس.
صعدت الرائدة إلى أعلى مكان، ومن هناك تفحصت المرج بأكمله. وشاهدت من على زهرة الهندباء البرية، لكنها لم تجد الفراشة الزرقاء في أي مكان.
كانت الصغيرة تجلس على الببتة حبيبتها. وقد حلقت الفراشة الرائدة مرات عديدة بالقرب منها، وهى حتى لم تُدِررأسها، ثم بعد ذلك إرتفعت وطارت فوق المرج بأكمله. وإعتقدت فراشتنا الزرقاء أنهم يتجاهلونها وقرروا هكذا الضحك عليها. شعرت باستياء شديد وبدأت في البكاء…
صرخت الفراشة الجميلة:
– ها هى هناك. هبطت إلى أسفل وبدأت تُحيط بالفراشة الزرقاء وتضحك قائلة:
– يالك من ماهرة. لقد إختفيتي الأفضل على الإطلاق. ولم أستطع بأي حال من الأحوال العثورعليكِ. وقالت الفراشة الثانية:
– وطالما أنك لم تستطيعي العثور على صديقتنا الجديدة، فهى ستُصبح الفائزة في هذه اللعبة. صفق الجميع بمرح، وقدمت إحداهن لها وعاءًا مليئًا بالرحيق اللذيذ.
صار الضياء والبهجة في روح فراشتنا الزرقاء. ودون وعي هى الأخرى ضحكت بصوت عال. وبعد ذلك عرضت على الجميج تذوق هذا الرحيق اللذيذ.
طارت جميع الفراشات لفترة طويلة واستمتعن معًا فى مرح. ونسيت فراشتنا مخاوفها، واتضح لها، أنه لم يكن مخيفًا على الإطلاق – أن تكون صديقًا لشخص ما، حيث يوجد في كل شخص ما يميزه عن الآخر، ويمكن أن تجد فيه الصديق الحقيقي.
وأنت أيها القارئ الصغير ما رأيك؟
……………
الاقحوان*- هو من نباتات الزينة له ساق مضلعة وقليلة الفروع، والأوراق مجنحة ومسننة تفوح منها رائة تشبه رائحة الكافور عند هرسها. أزهارها مستديرة في وسطها رأس نصف كروي أصفر اللون يتكون من زيت طيار ومواد مرة. وله استخدامات طبية.
الهندباء**– ذنوع من الأعشاب. هى نبات معمر وينمو مثل أوراق الخضروات تحتوي على أوراق حمراء ذات عروق بيضاء ومزهرة وأوراق متعددة. تحتوي على مرارة وذو طعم حار يلين عند شيه أو تحميصه. يستخدم أوراق وساق وزهرة وجذر الهندباء في الأغراض الطبية وغير ذلك. المترجم