علاء العلاف يكتب لغة الجسد حين يتكلم الصمت

يسألني صديقي الجميل سابقًا، وبرفقته العزيزان ظافر الصفّار (رحمه الله برحمته الواسعة) ووليد خالد الحلاق، عن المسرح… عن لغة الجسد تحديدًا… ربما تحدثنا سابقًا عن الحضور الجسدي للممثل وعن تعابير وجهه فوق منصة الإبداع، عن ذلك الوميض العابر الذي يُولد بين الجسد والضوء، بين الحركة والصمت… لكن، ليس دائمًا يكون الصوت أو الجسد هما الأداة الأهم في يد الممثل، بل قد تتجاوز المسألة حضورهما الفيزيائي، لتصل إلى عمق التقنية الفنية التي تمنح كل حركة وكل نَفَس دلالتهما الخاصّة، فالممثل، في لحظة الاكتمال، لا يؤدي فقط، بل يتحوّل، تصبح تقنياته الجسدية والصوتية أدواتٍ لاستحضار شخصية جديدة، تتخلّق عبره، كأنها لم تكن من قبل، لغة الجسد ليست مجرد إشارات، بل هي تعبير داخلي عميق يستند إلى الذاكرة والإحساس، وإلى فهم الممثّل جسدَه بوصفه وسيطًا تعبيريًّا. فكل ممثل يمتلك أدواته وتقنياته، وتلك الأدوات هي التي تصوغ لغته الجسدية، ولغة الجسد في المسرح ليست لغةً ظاهرية، بل مجاز درامي، تنفتح من خلاله الشخصية على احتمالات لا نهائية، وتتكثف في لحظةٍ مشهدية واحدة، صامتة ربما، لكنّها تنطق بما تعجز عنه الكلمات… الممثل الجيد لا يكرر الجسد بل يجدده، لا يستخدم الصوت صدًى، بل كائنا حيًّا يتنفس ويتحول ويصير، وربما يعيش الممثل، في لحظات الإبداع القصوى، حلمًا جسديًا خاصًا، يُفيق منه إلى جسده من جديد… لكن بجسدٍ آخر أكثر وعيًا وامتلاءً وحضورًا… لغة الجسد في المسرح هي أن تدلّ على شيء أبعد منك، أن تكون الجسر لا الغاية، أن تُشير لا إلى ذاتك، بل إلى شخصية أخرى لا تشبهك، لكنها تولد منك… كما قال بيتر بروك ذات مرة: “المسرح الحقيقي لا يحتاج إلى كلمات كثيرة، بل إلى حضورٍ حقيقيّ وجسدٍ واعٍ.