أخبار عاجلةالرئيسيةدراسات ومقالات

هندسة الروح في زمن الانحراف الأدب كحامل للثقافة

بقلم : عماد خالد رحمة _ برلين.

 

في زمنٍ تتكسّر فيه القيم على قارعة المصلحة، وتغدو الطرق متشابهةً حتى لا يُعرف فيها الحق من الزيف، يبرز المجاهد في نفسه كشمعةٍ تُقاوم العتمة، لا لتُضيء للعالم فحسب، بل لتحفظ نورها من الانطفاء. إنّ الثبات على طريق الهدى لم يعد أمراً يسيراً في عصرٍ اختلطت فيه المفاهيم وتبدّلت فيه البوصلة، بل صار عملاً جهاديّاً صامتاً يخوضه الإنسان ضد اعوجاجٍ يحيط به من كلّ جانب: في الفكر، وفي السلوك، وفي الضمير.
فطوبى لمن لا يزال يصحّح مساره كلّ يوم، ويسأل نفسه قبل خطاه، ويجاهد ليبقى في الطريق المستقيم وسط زحام الانحراف، لأنّ البقاء على الجادّة اليوم ليس تكراراً للعقيدة، بل تجديدٌ للإيمان، ووعيٌ بأنّ الهداية لا تُمنح مرّة، بل تُنتزع جهاداً كلّ يوم.
1. الأدب كحامل للثقافة:
الأدب الثقافي ليس مجرد سرد أو شعر، بل هو وعاء يحمل قيم المجتمع وتصوراته عن ذاته والعالم. في الشعر العربي القديم مثلاً نجد القبيلة والبطولة والشرف، وفي الرواية الحديثة نجد أسئلة الهوية والاغتراب والتحولات الاجتماعية.
2. الأدب كجسر بين المعارف:
يتقاطع الأدب الثقافي مع الفلسفة، التاريخ، الدين، الأنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع. فهو لا يكتفي بنقل العاطفة، بل يفتح أفقاً معرفياً يمكن أن يوازي كتب الفكر المباشر، ولكن بأسلوب رمزي وجمالي.
3. البعد النقدي:
الأدب الثقافي ينطوي على نقد للموروث والواقع، إذ يضع القارئ أمام أسئلة وجودية وحضارية: من نحن؟ كيف نقرأ ذواتنا؟ ما علاقتنا بالآخر؟ ومن هنا اكتسبت بعض النصوص بعداً “ثقافياً” لأنها لا تكتفي بالقول بل تثير الحراك الذهني.
4. الفرق بين الأدب الفني والأدب الثقافي:
الأدب الفني يركز على الشكل والجماليات (اللغة، الإيقاع، الصور)، بينما الأدب الثقافي يجعل من الأدب منصة لإعادة التفكير في الثقافة نفسها: أي في القيم، والسلوكيات، والرموز، والبُنى التي تشكّل الإنسان والمجتمع.
5. أمثلة عالمية وعربية:
عند العرب: روايات نجيب محفوظ، الطيب صالح، غسان كنفاني، أو حتى أدب طه حسين، تحمل بعداً ثقافياً لأنها تعكس قضايا المجتمع وتعيد التفكير في الهوية.
عند الغرب: أعمال مثل روايات دوستويفسكي، كافكا، أو توني موريسون، ليست نصوصاً جمالية فقط، بل نصوص ثقافية تفتح أسئلة فلسفية ووجودية.
يمكن القول إن “الأدب الثقافي” هو أدب يتجاوز الجمالي إلى المعرفي، ويتجاوز الذات الفردية إلى الأفق الجمعي، فيتحول إلى فعل حضاري يربط اللغة بالحياة والفكر بالوجود.

الناقد الأديب عماد خالد رحمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى