
على الرصيف يمشي ظلي ثابت الخطى،
يشبهني حين كنت أظن أن الحب وطن،
وحين كنت أرى في السراب
بابا آخر للنجاة.
هي لا تذكر اسمي علنا،
تتظاهر أحيانا بالنسيان
كما أتظاهر بأني لا أذكر أنني كنت أعلق نجمة من سمائها على نافذتي
كعربون وفاء.
ويمر بي شبحها كريحٍ قديمة بين الحقول،
يخبط وجدي وكأن الحنين لا يوجه خطاه،
بل يوشي فيه حقارة المكان.
في كل رصيف،
أسمع وقع قلبي يتقدم قبل ظلي،
كما لو يُختَصر العمرُ في نبضة تائهة
تبحث عن إيقاعها بين زفرات المارة.
لقد خرج من وعيي كما يخرج الربيع
من حطام الشتاء،
ولم يلتفت،
أكانت المسافة بيننا
مجرد درس في النسيان؟
أنا الذي بقيت أرتب وحدتي
على رف الغياب،
وأعلق صوتها بيني وبين الندم المارق،
كي لا يضيع عزمي على الرحيل.
ما زلت أراها في الحلم:
تقطب من غير ملل دون أن أدري لمَ،
ويكتب ظلي على الماء
ما لا يكتب بالحبر: أف منها لعنة الولاء.
ألوح لها بيدي
فتصير لهيبا تدلى من سقر.
أناديها،
فيعود الصدى
بصوت يشبهني أكثر من ظلي هذا الهائم،
فأناديه: أيها العابر الذي كنت مطيتي،
خذ مني ما شئت من الذاكرة،
واترك لي هذا الصمت،
إنه ما تبقى من ثروتي.
وفي آخر الطريق،
حين أغلقت العودة أبوابها،
أشعلت قلبي فانوسا للمساء،
لعلك تمرين بجانب ظلي
فقد ضل الطريق إلى النسيان،
ذكريه أن من اشتهى الجحيم مصطلى
ضرب بينه وبين النعيم
بسور بألف باع
وأن من قصد البخيل
حتما جاع.
فاس، في: 06/09/ 2024






