“عيبٌ أُحبّه” للكاتبة هبة حافظ هجرس… حين يصبح النقص طريقًا إلى النور

عمّان – أوبرا مصر
في روايتها الأولى “عيبٌ أُحبّه”، تأخذ الكاتبة والصحفية المصرية هبة حافظ هجرس القارئ في رحلة داخلية شديدة الصدق، إلى تلك المسافة الغامضة بين النقص والنور، حيث لا يكون الغياب خيانة، ولا الألم عقابًا، بل طريقًا إلى الفهم والاكتمال.
الرواية، الصادرة حديثًا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، تستند إلى قصة حقيقية دارت أحداثها خلال سبعة أيام، لكنها تترك في الوجدان أثرًا يتجاوز الزمن. فهي لا تجترح حكاية حبٍّ فحسب، بل تُضيء رحلةً في شفاء الروح.
جاءت لغة الرواية محمّلة بالمشاعر والوجدانيات، قريبة من الفضاء الشعري في لغتها وإيقاعها، بعيدة عن التكلّف، وثرية بتأملاتها التي تُعيد للقارئ علاقته بذاته وبالمعنى.
يقع العمل في نحو ثلاثمئة صفحة، متضمّنًا خمسة عشر فصلًا حملت عناوين ذات نَفَسٍ روحي وتأملي:
“نوفمبر والحروف الخمسة”، “سبعة أيام لا تُشبه العمر”، “وثالثنا البحر”، “حبٌّ لا يُشبههم”، “وتَكون مملكتي”، “وما بيننا… لحظة تضيء”، “فقط… دعني أنظر إليك”، “حين تفجّرت الروح (نعم.. أحبك)”، “(أوي)… صدى لا تنساه الروح”، “فهل أصبحتَ على خير؟”، “حبٌّ من وراء حجاب”، “حين سألني طفلي عن الفقد”، “في حضرة الأربعين… رؤيا ونصف سؤال”، و”عيبٌ أُحبّه”.
في هذا العمل، لا تروي هبة قصة عن الحب والفقد فحسب، بل عن المصالحة مع الذات بعد التجربة، وعن العيب الذي يتحوّل إلى نافذة للفهم والنور.
فـ”عيبٌ أُحبّه” لا تُدين أحدًا ولا تبحث عن مذنب، بل تُنصت إلى الإنسان في لحظة ضعفه، وتهمس له بأن النقص ليس خطيئة، بل ما يجعلنا بشرًا قادرين على الحب والغفران.
ومن أجواء الرواية نقرأ في فصلها الخامس:
عرفتُ في رحلتي أنواعًا من الحب،
تشبه محطات النور.
لا تتشابه،
لكنّها تهيِّئُ القلب لبلوغه…
ذاك الذي يُقال عنه: الحب العظيم.
أما الحب الذي لا ينقلك إلى نسخة أفضل من نفسك،
فليس عظيمًا، حتى لو صرخ في القصائد.
فهناك حبٌّ عابر،
كريحٍ تعبر دون أن تُروّي،
يلامس سطح القلب، لكنه لا يسكنه.
قد يبهرك، لكنه لا يبني،
يترك خلفه فراغًا، لا أثرًا.
وحبٌّ متكئ على الحاجة،
مُقيّدٌ بالخوف من الوحدة،
يتشبّث بالآخر كغصنٍ هزيل،
ينسيك نفسك، ويغرقك في مَوج التعلّق،
حبٌّ يُعمي العين عن جمال الحرّية.
وحبٌّ أناني،
ينظر فقط إلى ذاته،
يريد أن يملكك، لا أن يحبك،
يختزل الحب في سيطرة، لا في رحمة.
وحبٌّ سريع،
كالبرق يلمع ثم يخفت،
يثير العواصف، لكنه لا يترك خلفه دفئًا،
حبٌّ يشتعل بلا أساس،
وينطفئ بلا أثر.
وثمة حبٌّ آخر، أكثر خفوتًا…
كحنينٍ إلى زمن مضى،
لا يحيا في الحاضر،
عشق لذكرى، لا لشخص.
لكن، وسط هذا التيه،
هناك حبٌّ لا يشبههم،
بل يشبه النجاة.
يرى فيك ما لا تراه،
ويحبك كما أنت… دون أن يغرق في الكمال الموهوم.
لا يُطفئك… بل يُضيئك.
لا يكسرك… بل ينهض بك.
يصبر عليك حين تتوه…
لا يخطفك، بل يعيدك إليك… أكثر نقاءً.
لا يجعلك عبدًا له، بل حُرًّا به.
هو الذي يُربّيك بلطف،
يغسل جراحك برقة،
يطهّرك بلا قسوة،
يغيّرك دون أن يؤذيك،
يُحييك… ويقوّيك
لا يركض، لا يُطالب… لا يصرخ ولا يغار،
بل يهمس كدعاء صامت، كالرحمة.
يراك في ضعفك… ولا يخذلك.
يبنيك لا ليأخذك، بل ليضيف إليك.
يعلّمك كيف تكون كاملًا دون أن تكتمل.
هذا هو الحب العظيم.
وحين يُحبك مَن لا يكسرك،
ولا يغيب عنك،
ولا يشترطك في صورة،
بل يعرفك في النور
فهو الذي يقودك إلى الله…
لا إلى الضياع.
هبة حافظ هجرس كاتبة وصحفية مصرية، تؤمن بأن في الصدق قوّة، وفي البساطة جمالًا، وفي التأمل راحة تشبه دعاء أمٍّ بعد صلاة الفجر. بدأت رحلتها مع الكلمة عبر بوابة الشعر، ثم تابعت كتاباتها التأملية على منصاتها الرقمية، قبل أن تمنحها العلن في روايتها الأولى “عيبٌ أُحبّه”، التي تكتبها بصدقٍ يمسّ القلب ويعيد للقارئ صوته الداخلي.





