أخبار عاجلةالرئيسيةملفات وحوارات

في حواره مع سليم النجار د / عبد العزيز اللبدي تاريخيًا العرب نقيض الغرب٠٠

 

التفكير في الفكر التاريخي العربي، بما هو سؤال فكري في الثقافة العربية الحديثة المعاصرة، والأشكاليات التي وقع فيها العديد من الباحثين العرب، الذين كتبوا تاريخ العرب ماضيه وحاضره٠
ومن القضايا التي آثارها المفكرين العرب، فكرة الحداثة، وكان هذا السؤال الثاني هل الحداثة منتج غربي استورده العرب؟ د/ عبد العزيز اللبدي في هذا الحوار يقول أن الحداثة ضجيج غربي في جوهرها، لكنها ليست محرمة على العرب٠ ويواصل الإشكالية أن الغرب تاريخيًا معادي للغرب وبالتالي القول الصح كيف نتخلص من التبعية الفكرية والأنبهار من الغرب؟
وعلينا ندخل معترك أزمة الحداثة في الثقافة العربية، والبحث عن آجابات تخدم مصالحنا في عالمنا العربي٠

 

 

١- هل كتابة التاريخ كتابة عربية؟
يكتب التاريخ القوي والمنتصر، كما تكتب الشعوب تاريخها لتخليد انتصاراتها وأبطالها، وما لا يكتب يتكرس في الأدب الشعبي، مثل قصة بني هلال وهجرتهم إلى تونس، وهي قصة شائعة يرويها الأدب الشعبي أو قصة حرب البسوس والزير سالم في الجزيرة العربية وهناك قصص شعبية كثيرة على هذا النمط.
وهناك كتاب التاريخ القدماء الذين جمعوا تاريخ العرب والمنطقة العربية منذ أقدم الأزمان،مثل سانخوتين الصوري الذي كتب تاريخ الفينيقيين والمنطقة العربية قبل الميلاد وقد أحرقت كتبه في العصر الروماني عند إحراق مكتبة صور وقرطاج وغيرها. ثم كتب المؤرخون العرب في العصور الإسلامية مثل الطبري والمسعودي واللذان تأثرا بالكتب الموجودة في ذلك الوقت للمؤرخين اليهود الذين يرون تاريخ المنطقة من منظور يهودي . وقد بدأ الأوروبيون يهتمون بتاريخ المنطقة لأسباب صهيونية ولتحضير المعلومات اللازمة لاستعمار فلسطين، وليس لأسباب علمية أو أو اهتماماً بتاريخ العرب، وقاموا بجولات كثيرة في المنطقة. وبدأت الإكتشافات الأوروبية بعد القرن الثامن والتاسع عشر، وبدء الاستعمار الأوروبي للمنطقة العربية، وكانت المؤسسات الصهيونية ووزارات الخارجية الأوروبية وراء ذلك الاهتمام. وكان الهدف الرئيس هو تشجيع الدول الأوربية لاحتلال فلسطين ومساعدة الصهاينة في إنشاء الدولة الصهيونية كحليف موثوق للغرب في مواجهة التخلف العربي. وقد بدأ العرب يستعيدون دورهم في كتابة تاريخ مع تكاثر الجامعات العربية والمختصين بشؤون التاريخ العربي والإسلامي. كما بدأت الكتب العربية القديمة تعود إلى السطح ، وتكتسب أهمية ما زالت غير كافية.وقد بدأ يظهر كتاب عرب يعيدون قراءة التاريخ العربي من منظور حديث.

 

٢- كيف حال الثقافة في المجتمعات للعربية التي تتنفس تاريخ؟
التاريخ هو جزء مهم من الثقافة العامة لاي إنسان، ومن لا يعرف تاريخه لا يمكنه معرفة مستقبله!!ورغم تراجع الاهتمام الرسمي بموضوع التاريخ وانحسار أهميته في المدارس ، إلا أن الثقافة العامة والشعبية تحتاج التاريخ كروايات وكأمثلة لما يحصل ومقارنة الماضي والحاضر، كما نلاحظ اهتمام السينما والتلفزيون بالأفلام التاريخية لما في ذلك من دراما ومواضيع جاذبة للمشاهد، وبطولات شعبية وقيم عليا ، وخصوصا المرحلة الإسلامية والبطولات والفتوحات .

٣- يُقال أن الآخر الغربي هو الذي انتج سؤال من نحن ما مدى صحة هذا القول؟
كلمة أنتج كلمة دقيقة، لأن الغرب شككنا بأنفسنا وقسم المنطقة إلى حدود جديدة لم تكن موجودة في تاريخنا، وصنع هويات وحدود جديدة وقوميات جديدة، وزرع الخلافات الحدودية بين دول المنطقة، وكنا قد سبقناه في تجاوز الحدود لتي وضعها في القرن السابع عشر في اتفاقية ويستفاليا وأعادنا إلى مستواه من التفرق والاختلاف وبالتالي وضع الأسباب للخلاف والحروب بين شعبنا العربي الواحد الذي حصره الغرب في حدود جديدة عليه ووضع الأسس للخلاف بين كل دولة وجيرانها. وكذلك شكك في وحدة الثقافة والحضارة العربية التي تجمعنا بأدياننا السماوية الموجودة من بداياتها. فبدأنا نبحث عن هويات جديدة وتفرقة جديدة. والواقع أن العرب شعب واحد من المحيط إلى الخليج، ويتكلم لغة واحدة هي لغة الضاد، وإن كانت لهجاتها مختلفة لبعد المسافات والتطور الحضاري، ويعبد الله في أديانه الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلام.
وهو صانع أول حضارة على وجه الأرض معروفة حتى هذا التاريخ. وأكثر شعب يعرف نسبه في العالم هو العرب الذين يتتبعون الأنساب منذ فجر التاريخ، منذ آدم حتى الآن.

٤- ماذا تعني الحداثة في كتابة التاريخ؟
الحداثة هي استعمال الطرق الحديثة في فهم التاريخ ، أي من ناحية علمية ومنهجية، واستخدام أحدث المناهج التي تعين على تفسير التاريخ مثل الحفريات ودراسة اللغات القديمة، واستعمال الوسائل الالكترونية في تفسير وفهم الوثائق القديمة، والأهم من ذلك النظرة الموضوعية والمحايدة في تفسير وفهم هذه الوثائق، وقد بدأ استعمال الذكاء الاصطناعي في تفسير الوثائق السومرية الأقدم في التاريخ، ونرجو أن يتقيد الباحثون بالموضوعية ويبتعدوا عن التحيز الأعمى للغرب. وأنا بصراحة لا أثق بالغرب ، ولن يكون موضوعياً عند الحديث عن العرب، فنحن نقيضه التاريخي.

‐٥- ما هي الأسباب التي جعلت هناك إشكالية في العلاقة بين الماضي والحاضر في مجتمعاتنا العربية؟
الاشكالية في رأي تكون عند وجود ايديوليجيات مختلفة عند الحديث عن التاريخ أو أي موضوع. أي عندما يسقط الباحث أيديولوجيته على أي موضوع قيد البحث، ولكني أعتقد أن الباحث يجب أن يتمتع بقدر من النزاهة والحياد الإيجابي في مشاكل تخص التاريخ، أو زمن غير زمنه، وبالتالي ينظر إلى التاريخ بعين معاصرة لذلك التاريخ، ولا يسقط أفكاره أو أفكار عصره على زمن غير زمنه!!. فالأفكار في زمن مضى قد لا تصلح لزمن غيره.ولذلك يجب إعادة قراءة الماضي بأفكاره، والخروج منها لأفكار تتلائم مع العصر الحديث.

٦- تُرى هل نمتلك أدوات فكرية تنويرية لنقد العقل العربي المعاصر؟
بالتأكيد، وهناك فلاسفة عرب ومسلمين محدثين يدرسون العرب وتطورهم أيضاً، ويعرفون أدوات العصر الفلسفية وقادرين على النظر بنظرة محايدة إلى تاريخنا ومستقبلنا، كما أن هناك فلاسفة إسلاميين قدموا الكثير من القراآت والكتب للمساعدة في التنوير الحديث ، ولا ننسى أن تأثير الفكر يتعلق بالمستوى الإقتصادي والاجتماعي للشعوب العربية أيضاً، إذ لا يكفي وجود المفكرين لحدوث التنوير، بل هو تفاعل مستمر وطويل الأمد، والله الموفق.

٧- يتكرر القول ” عند الباحثين العرب في قضية التاريخ” إن الأشتغال بالقضية هذه ليس هاجساً فكريا وعلميا فحسب وإنما هو إلى جانب ذلك موقف أيديولوجي ما مدى دقة هذا الموقف؟
القضية لا تتعلق بالأيديولوجيا فقط بقدر ما تتعلق بحياة الناس المباشرة، واستعادة الثقة بالنفس أمام الهجمة الأوروبية المدمرة للحضارة العربية والفكر العربي، والشخصية العربية وبالتالي بالحياة من جميع جوانبها، وأول خطر يتمثل في فقدان الهوية الوطنية، وبالتالي الارتهان للأجنبي ، وهذ يعني الارتهان عقليا وإيديولوجياً، وبالتالي اقتصاديا وفكرياً، ويتبع ذلك العادات والتقاليد ويتبع ذلك الخضوع الكامل والتسليم بالهزيمة والاستعباد للغير . ولذلك من المهم اعتبار الموضوع إيديولوجياً ووطنياً، وذلك لمواجهة الهجمة الامبريالية والثقافية والحضارية على المجتمع العربي، من جميع النواحي. أنه نوع من مقاومة الهجمة الامبريالية الغربية والتي تحاول تغيير وتسخيف الهوية العربية، وجعلها سبة في عصر نهوض الشعوب والأمم.

– اليس المطلوب منّا حاليا جرأة عالية لقراءة تاريخنا بعيدًا عن مصطلحات مثل الأصالة والمثالية؟

الجرأة مطلوبة في جميع الأحوال!!والأصالة والمثالية ليست بعيدة عن النقد ولا المراجعة!! لقد شكلت المرحلة العثمانية مرحلة انكفاء للحضارة العربية والإسلامية وابتعدت عن التقدم والمستوى الفكري والفلسفي الذي كان سائداً في الحضارة الإسلامية في عصورها الذهبية. وبما أننا نعيش في عصر ما بعد النهضة الأوربية، فيجب علينا الاستفادة من وسائل البحث العلمي التي استعملها الأوروبيون، والتقدم ربما لابتداع وسائل جديدة من أجل نقل البشرية إلى مستوى متقدم عن المستوى الأوروبي الحالي!!، وربما يجب أيضاً نقد الفكر الأوروبي وتمكينه العنصري والمتحيز ضد العرب والثقافات الأخرى واعتباره نهاية العالم، لأنه في الواقع مرحلة عابرة في تاريخ الإنسانية، وتخضع للنقد في كل الأمان، وسيزيد النقد بعد انتهاء الدورة الحضارية الأوروبية.

٩- ما رأيك بالقول التالي- اعادة كتابة تاريخنا العربي . :
ما كتب قد كتب، ولكن واجبنا هو مراجعة هذا التاريخ وتنقيح ما يلزم تنقيحه وتصحيح ما يحب تصحيحه. وربما نقد طريقة الكتابة القديمة. أو موائمة المعلومات القديمة من المعلومات الجديدة التي تكشفت عبر الحفريات، والوسائل العلمية الحديثة . وربما يجب التفكير في وضع كتب مبسطة للاجيال الصاعدة، حتى يتعلموا احترام تراث أجدادهم، فمن لا يعرف تاريخه ويعتز به يكون عرضة للضياع في خضم الثقافات والحضارات المجاورة. وهذه بداية لضياعه الاقتصادي والعلمي والثقافي،وارتهانه للأجنبي الذي يطمع في وراثة هذه المنطقة المتوسطة في العالم بما فيها من تراث علمي وثقافي وخيرات طبيعية وموقع جغرافي مهم في هذا العالم.

١٠- يُقال أن قراءة النص التاريخي العربي قراءة لغوية هو منتج ثقافي ما هو تعليقك على ذلك؟

الثقافة هي مجموع المعتقدات والقيم ،والعادات والفنون والمعارف وأساليب السلوك التي تميز مجموعة من الناس. وقراءة النص التاريخي العربي، هي ثقافية بامتياز، لأنك تطلع على المستوى اللغوي والاحداث التاريخية، وتتعرف على أبطال الرواية التاريخية وقد ترتبط بمثل عليا تؤمن بها. بالإضافة إلى التعمق في اللغة العربية الواسعة والتي تمتد جذورها لآلاف السنين، والتي شملت جميع اللغات القديمة في المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، وما بعد ذلك!! فأثر اللغة العربية موجود في كل لغات العالم حتى في الشرق الأقصى واللغات الهندو أوروبية المختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى