محمد رضوان يكتب حين تنشغل بورقتك… ويهدأ العالم من حولك

في السنوات التي نعيشها، تبدو الحياة كاختبارٍ طويل يتجاور فيه الجميع على طاولات واحدة، وكل فرد يحاول—بإرهاقٍ مبالغ فيه أحيانًا—أن يلتفت لورقته ولأوراق الآخرين في آنٍ واحد. نراقب ما يفعلون، وكيف يفكرون، وإلى أين وصلوا، كأن نجاحنا معلق بإجاباتهم لا بإجاباتنا. لكني أتذكر دائمًا جملة قالها لنا أحد المديرين قديمًا، جملة بسيطة لكن وقعها ظل يرافقني سنوات: “كل واحد يبصّ في ورقته… هينجح، ومش هيبقى فاضي للمشاكل.” لم تكن جملة وعظية، بل كانت نابعة من واقع خبرَهُ جيدًا؛ واقع يعرف أن أغلب الفوضى التي نصنعها في حياتنا تأتي من النظر خارج حدودنا قبل أن نرى ما يحدث داخلها.
ومع الوقت، اكتشفت أن الإنسان حين ينشغل بما بين يديه، يبدأ العالم من حوله بالهدوء، وكأن الضوضاء كانت في داخله لا في الخارج. المقارنات تتلاشى، والإحساس بالعجلة يبرد، والقلق يفقد قوته. ليس لأن الحياة تصبح أبطأ أو أعدل، بل لأنك تتصالح مع إيقاعك الخاص، وتدرك أنك لست مضطرًا لتقليد الخطوات التي يسير بها الآخرون، ولا أن تُنهي طريقك بالسرعة التي ينهون بها طرقهم. التجربة تثبت أن أغلب الخسائر لم تأتِ من البطء، بل من التشتيت، وأن أغلب التعثر لم يكن بسبب قصورٍ حقيقي، بل بسبب محاولة السير في مسارين في الوقت نفسه: مسارك، ومسار من تقارنه بهم.
أن تبصّ في ورقتك لا يعني الانعزال عن العالم أو تجاهل ما حولك، بل يعني أن تعرف حدودك، وتعرف أين تقف الآن، وأيّ إجابات تخصك وحدك، وأي أسئلة لا يجب أن تحملها أصلًا. يعني أن تترك مساحة لتجريبك، لأخطائك الصغيرة التي لن يراها أحد، ولتعلمك الشخصي الذي لا يمكن أن يستعجله أحد نيابةً عنك. كلما تعمّقت في تجربتك، ازدادت صلابتك الداخلية، وبدأت خطواتك تبدو أكثر اتساقًا مع نفسك. لا يهم بعدها إن وصلت متأخرًا أو سريعًا؛ المهم أنك وصلت على الطريق الذي يخصك، بإيقاع لا يُنهكك ولا يربك روحك.
والمثير أن هذا التركيز الهادئ لا يجعلك فقط أكثر إنجازًا، بل يجعلك أكثر سلامًا؛ فحين لا تشتبك مع سباقٍ لا يخصك، يتسع داخلك لمساحات جديدة من الرضا. تفهم أن النمو الحقيقي يحدث حين تتوقف عن التشتت، وحين تحوّل انتباهك إلى ما يمكنك فعله الآن، في حدود يومك، في الدائرة التي تملكها بالفعل. ومع الوقت يصبح الصمت الداخلي قوة، ويصبح الانشغال بورقتك طريقة حياة لا مجرد نصيحة. وعندها تكتشف أن النجاح لم يكن يومًا نتيجة الركض، بل نتيجة صفاء الذهن، وأن أغلب المشكلات التي أزعجتك لم تكن إلا ضجيجًا خارجيًا تلاشى حين أغلقت أذنيك ورفعت بصرك نحو ما بين يديك.
لقد كان المدير على حق، بطريقة أبسط مما توقعنا: انشغل بما كُلّفت به، سترى أن الفوضى تقل، وأن الطريق يصبح أوضح، وأنك عندما تتعامل مع حياتك كاختبار شخصي لا كمنافسة جماعية، سيهدأ العالم من حولك فعلاً—ليس لأنه تغيّر، بل لأنك أنت أخيرًا بدأت تنظر في ورقتك.
في السنوات التي نعيشها، تبدو الحياة كاختبارٍ طويل يتجاور فيه الجميع على طاولات واحدة، وكل فرد يحاول—بإرهاقٍ مبالغ فيه أحيانًا—أن يلتفت لورقته ولأوراق الآخرين في آنٍ واحد. نراقب ما يفعلون، وكيف يفكرون، وإلى أين وصلوا، كأن نجاحنا معلق بإجاباتهم لا بإجاباتنا. لكني أتذكر دائمًا جملة قالها لنا أحد المديرين قديمًا، جملة بسيطة لكن وقعها ظل يرافقني سنوات: “كل واحد يبصّ في ورقته… هينجح، ومش هيبقى فاضي للمشاكل.” لم تكن جملة وعظية، بل كانت نابعة من واقع خبرَهُ جيدًا؛ واقع يعرف أن أغلب الفوضى التي نصنعها في حياتنا تأتي من النظر خارج حدودنا قبل أن نرى ما يحدث داخلها.
ومع الوقت، اكتشفت أن الإنسان حين ينشغل بما بين يديه، يبدأ العالم من حوله بالهدوء، وكأن الضوضاء كانت في داخله لا في الخارج. المقارنات تتلاشى، والإحساس بالعجلة يبرد، والقلق يفقد قوته. ليس لأن الحياة تصبح أبطأ أو أعدل، بل لأنك تتصالح مع إيقاعك الخاص، وتدرك أنك لست مضطرًا لتقليد الخطوات التي يسير بها الآخرون، ولا أن تُنهي طريقك بالسرعة التي ينهون بها طرقهم. التجربة تثبت أن أغلب الخسائر لم تأتِ من البطء، بل من التشتيت، وأن أغلب التعثر لم يكن بسبب قصورٍ حقيقي، بل بسبب محاولة السير في مسارين في الوقت نفسه: مسارك، ومسار من تقارنه بهم.
أن تبصّ في ورقتك لا يعني الانعزال عن العالم أو تجاهل ما حولك، بل يعني أن تعرف حدودك، وتعرف أين تقف الآن، وأيّ إجابات تخصك وحدك، وأي أسئلة لا يجب أن تحملها أصلًا. يعني أن تترك مساحة لتجريبك، لأخطائك الصغيرة التي لن يراها أحد، ولتعلمك الشخصي الذي لا يمكن أن يستعجله أحد نيابةً عنك. كلما تعمّقت في تجربتك، ازدادت صلابتك الداخلية، وبدأت خطواتك تبدو أكثر اتساقًا مع نفسك. لا يهم بعدها إن وصلت متأخرًا أو سريعًا؛ المهم أنك وصلت على الطريق الذي يخصك، بإيقاع لا يُنهكك ولا يربك روحك.
والمثير أن هذا التركيز الهادئ لا يجعلك فقط أكثر إنجازًا، بل يجعلك أكثر سلامًا؛ فحين لا تشتبك مع سباقٍ لا يخصك، يتسع داخلك لمساحات جديدة من الرضا. تفهم أن النمو الحقيقي يحدث حين تتوقف عن التشتت، وحين تحوّل انتباهك إلى ما يمكنك فعله الآن، في حدود يومك، في الدائرة التي تملكها بالفعل. ومع الوقت يصبح الصمت الداخلي قوة، ويصبح الانشغال بورقتك طريقة حياة لا مجرد نصيحة. وعندها تكتشف أن النجاح لم يكن يومًا نتيجة الركض، بل نتيجة صفاء الذهن، وأن أغلب المشكلات التي أزعجتك لم تكن إلا ضجيجًا خارجيًا تلاشى حين أغلقت أذنيك ورفعت بصرك نحو ما بين يديك.
لقد كان المدير على حق، بطريقة أبسط مما توقعنا: انشغل بما كُلّفت به، سترى أن الفوضى تقل، وأن الطريق يصبح أوضح، وأنك عندما تتعامل مع حياتك كاختبار شخصي لا كمنافسة جماعية، سيهدأ العالم من حولك فعلاً—ليس لأنه تغيّر، بل لأنك أنت أخيرًا بدأت تنظر في ورقتك.



