أخبار عاجلةالرئيسيةملفات وحوارات

فهد العملة ‎الأمين العام للشبكة العربية للإبداع والابتكار إن الاستثمار في الشباب هو الاستثمار الوحيد الذي لا يخسر

أجرى الحوار: لطيفة محمد حسيب القاضي

 

في عالم تتسارع فيه مناحي التنمية المعرفية، يصبح فيها الابتكار عملة المستقبل. من هنا تبرز مبادرات تسعى لتوحيد الجهود العربية وصقل الطاقات الكامنة.
يسرّنا أن نستضيف اليوم قامة رائدة كرّست رؤيتها لربط العقل العربي بالفرص العالمية: الأستاذ فهد فايز العملة، الأمين العام للشبكة العربية للإبداع والابتكار. هذه الشبكة، التي نشأت من إيمان عميق بأن “الإيمان بالإنسان هو أعظم استثمار”، تعمل على تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع تنموية عابرة للحدود.”
في هذا الحوار الشامل، نغوص مع الأستاذ العملة في جوهر مفهوم “الإبداع العربي”، ونتلمس أبرز التحديات التي تواجه المبتكرين في المنطقة – من ضعف التمويل إلى ثقافة الخوف من الفشل. كما يكشف لنا عن الرؤية الاستراتيجية لاختيار الرياض كمنصة عربية للابتكار، وعن الدور المحوري الذي سيلعبه “مؤشر الابتكار العربي” المرتقب في دفع عجلة التنافسية الإيجابية بين الدول.

أجرى الحوار: لطيفة محمد حسيب القاضي

من هو فهد فايز العملة؟

‎أنا ابن مدرسة بسيطة علّمتني أن الإيمان بالإنسان هو أعظم استثمار يمكن أن نقدمه للأوطان. نشأت على فكرة أن النجاح ليس امتيازًا فرديًا، بل مسؤولية جماعية تُبنى بالعقل، والعلم، والعمل. مررت بمحطات عديدة في الإدارة والعمل العام، لكن المحطة الفارقة كانت إدراكي المبكر لأهمية الابتكار كأداة للتنمية، وتحويل هذا الوعي إلى مشروع عربي عابر للحدود، ألا وهو الشبكة العربية للإبداع والابتكار.

كيف يعرّف الأمين العام مفهوم “الإبداع” في السياق العربي؟

‎الإبداع بالنسبة لي ليس فكرة جميلة تُكتب على الورق، بل قدرة على تحويل الموارد المحدودة إلى حلول غير محدودة. وفي السياق العربي، هو فعل تحرر من قيود النمطية، وتطوير أدواتنا المعرفية بما يتوافق مع هويتنا وثقافتنا وقدرات شبابنا. نحن نؤمن أن الإبداع العربي موجود، لكنه يحتاج إلى منظومات، وحواضن، وتشريعات، وفرص تعيد تشكيل بيئة الابتكار وتمنحها القوة.

ما أبرز التحديات التي تواجه المبتكر والمبدع العربي اليوم؟ وكيف تعمل الشبكة على مواجهتها؟‎

تبرز أمام المبتكر والمبدع العربي اليوم ثلاثة تحديات رئيسة: محدودية التمويل، وضعف دور حاضنات الابتكار في الجامعات والمؤسسات، وغياب التشبيك الفعلي بين المبتكرين والقطاع الصناعي، إضافة إلى انتشار ثقافة الخوف من التجربة واحتمال الفشل.

تعمل الشبكة على مواجهة هذه التحديات من خلال مبادرات ملموسة، أبرزها: إطلاق برامج تمويل وتدريب، تكوين شراكات استراتيجية بين الجامعات والقطاع الصناعي، وإتاحة منصّات عربية مشتركة للاختبار والتجربة، بالإضافة إلى تنظيم مسابقات ودعم المشاريع الناشئة

ما الصعوبات التي تواجهونها في جذب التمويل لمشروعات الابتكار؟

يكمن التحدي الأكبر في أنّ المستثمر العربي ما يزال يميل إلى الاستثمار التقليدي بوصفه خيارًا “آمنًا”، في حين يتطلّب الابتكار عقلية أكثر استعدادًا للمخاطرة. ومن هذا المنطلق تعمل الشبكة على بناء شراكات مع الحكومات والقطاع الخاص والبنوك التنموية، وإقناعها بنماذج اقتصادية تُظهر أن الاستثمار في الابتكار ليس مخاطرة غير محسوبة، بل هو رهانٌ على المستقبل.‎

ما الرؤية والأهداف الاستراتيجية لافتتاح فرع الشبكة في الرياض؟

‎الرياض اليوم هي عاصمة التنمية العربية بلا منازع. افتتاح الفرع يأتي انسجامًا مع رؤية المملكة 2030، ومع التحولات الضخمة في الاقتصاد المعرفي، والذكاء الاصطناعي، والمشاريع الكبرى. هدفنا في هذه المرحلة هو أن تكون الرياض منصة عربية للابتكار العابر للحدود، ومركزًا لدعم المشاريع الإبداعية، وتعزيز الشراكات بين الدول العربية والسعودية من خلال برامج عملية وتطبيقية.

كيف سيُسهم “مؤشر الابتكار العربي” في دفع عجلة الإبداع في المنطقة؟

المؤشّر ليس مجرد أداة لقياس الأداء، بل هو خارطة طريق شاملة. فهو يقدّم تقييمًا سنويًا للدول العربية في مجالات البحث العلمي، وريادة الأعمال، والبنية التحتية المعرفية، والسياسات والتشريعات، إضافة إلى الأثر الاقتصادي والاجتماعي والجاهزية الرقمية. ويسهم المؤشّر في خلق منافسة إيجابية بين الدول، كما يزوّد صانعي القرار ببيانات دقيقة تساعدهم على تطوير خططهم الوطنية بفاعلية أكبر.

ما الذي ألهم فهد العملة للانخراط في مشروع بهذا الحجم؟

‎أُلهمت بفكرة بسيطة: “نحن أمة تملك كل عناصر القوة، وما ينقصها فقط هو إطار يوحد طاقاتها.” شاهدت شبابًا يملكون أفكارًا مذهلة، لكنهم بلا منصات. وشاهدت جامعات تمتلك قدرات ضخمة لكنها تحتاج إلى جسور. فكانت الشبكة مشروعًا لإعادة بناء هذه الجسور.

تم اختيار العراق مقرًا دائمًا للكونغرس العربي العالمي للابتكار… لماذا؟

العراق ليس مجرد دولة، بل موطن حضارة عريقة. واختيار بغداد يمثّل احتفاءً بتاريخ العلم العربي، ويعكس ثقة حقيقية بمستقبل العراق. وقد جرى الاتفاق على مجموعة من الخطوات العملية، من بينها:
– تأسيس مقرّ دائم للكونغرس يعمل طوال العام.
– إنشاء مجلس وطني للابتكار بالشراكة مع الشبكة.
– إطلاق رعاية سنوية للبرامج البحثية.
– توفير دعم حكومي يضمن تحويل مخرجات الكونغرس إلى خطط قابلة للتنفيذ.

برامج البحث التطبيقي ومؤتمر “الجامعة المنتجة” التابع لمنظمة الألكسو، الذي شاركتُ فيه ضيفًا… إلى أين؟

بداية نشكر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألكسو ) على دورها الريادي في تنظيم مؤتمر توأمة الجامعات العربية للسنة الثالثة على التوالي بنجاح كبير. واشكر البروفيسور محمد سند أبو درويش على إدارته لهذه المؤتمرات، وعمله الدؤوب لإحداث الفرق الكبير في تغيير المشهد لجعل الجامعات العربية مصدراً للباحثين والمبتكرين، وسنعمل معهم على المضيّ قدمًا في مبادرات عملية تشمل:
– إنشاء مراكز بحث تطبيقي مشتركة تربط الجامعات بالقطاع الصناعي.
– توفير مسارات لتمويل المشاريع الطلابية القابلة للتنفيذ.
– إطلاق برنامج خاص بريادة الأعمال الجامعية.

كما يقترب الإعلان عن المجمّع العربي للابتكار المرخّص في العاصمة الأردنية عمّان، برئاسة المفكّر العربي الدكتور طلال أبو غزاله. وتتحرّك الشبكة ضمن إطار زمني يبدأ عام 2026 ويستمر ثلاث سنوات، مع البدء بقياس الأثر الاقتصادي اعتبارًا من السنة الثانية.

ما رسالتكم إلى الشباب والمؤسسات العربية؟

‎رسالتي بسيطة وعميقة: لا تنتظروا أن تصبح الظروف مثالية… ابدأوا، فالإبداع يولد من المحاولة الأولى. وللمؤسسات أقول: إن الاستثمار في الشباب هو الاستثمار الوحيد الذي لا يخسر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى