تذكرة قصة قصيرة لجمال أبو القديم

تذكرة
قصة قصيرة
لجمال أبو القديم
حزمت حقائبي بعد أن وضعت فيها كل شيء مِن الممكن أن أحتاجه ، بما يكفي ويزيد ، وبخطواتٍ واثقة أخذت أحلامي معي وذهبت الى هناك ، وما إن وقفت أمامه حتى أخذت نَفسًا عميقًا ملأت به صدري ، وقلت له بعد أن وضعت بطاقة الهوية أمامه وأنا أبتسم :
ـ مِن فضلك .. فيه حجز باسمي بُكره ؟!
رَماني بنظرةٍ أربكتني ، وجعلتني أقف أمامه كمنْ يقف عاريًا ، وقال بنبرةٍ حادة كمنْ يأمر أو يصدر حكمًا بالإعدام ، دون أن ينظر نحو بطاقة الهوية أو إلى الكشف الذي أمامه :
ـ حجزك اتلغى
فتجمدت ، وتجمد لساني بفمي ، وشعرت وكأن روحي تُسحب مِني ، وظللت واقفًا كالتمثال الذي اهتزت الأرض من تحته وينتظر السقوط ، حتى أزاحني عجوز مطعون بعشرات السنين بالكاد يستطيع أن يقف ، وكأنني مصنوع من الهواء !
وقال بكلمات متعثرة ، وبصوتٍ مرتجف ومهزوز :
ـ فيه حجز باسمي بُكره ؟
فناوَله التذكرة وهو يبتسم دون أن ينطق بكلمة .
غادر العجوز وهو يسعل بخطوات بطيئة وثقيلة ، أمّا أنا فجلست على الرصيف بجوار أحلامي واللافهم ، والصورُ تتلاشى تدريجيًا مِن أمامي .. وبعد لحظات مِن جلوسي ، سمعت صوتًا بجواري يقول :
ـ لقد مات !
وما إن فتحت عيني ، حتى وجدت نفسي داخل نعشٍ ممدًا بلا حراك.



