
الكره صفة غير محبّبة جداً، ومَنْ تدخل قلبه يصبح منبوذاً من الآخرين بشكل عام، وإيذاء الناس أو محاولة إيذاء الآخرين وجرح مشاعرهم بأيِّ شكل من الأشكال صفة ذميمة جداً، لكن هناك مَنْ يجبرك على أن تكرهه أو تتجنب حتى رؤية صورته بسبب تصرفاته وحماقاته وحقده الكبير الذي ملأ قلبه غِلاً أسود ما جعله لا يتورّع عن إيذاء الآخرين بكل شيء لإرضاء أناه المتضخمة والتي ستقتله في آخر المطاف !
أتذكّر في سبعينات القرن الماضي كان في قريتنا رجل أرعن وأحمق يؤذي الرايح والجاي بالكلام والفعل، اشتكاه الناس إلى أهله فلم يغيّروا من سلوكه قيد أنملة لأنه لن يأخذ نصيحة أحد أبداً، تعرّض لأكثر من شخص بالأذى، فصار الناس يتحاشون اللقاء به والتقرّب منه حتى بات منبوذاً من الجميع، مرّت سنون وهو يزداد ضراوة وإيذاءً للآخرين دون ادنى رادعٍ من ضمير، حتى صحونا ذات يوم لنسمع أنه مات ميتة شنيعة إذ افترسته الكلاب المسعورة في احد طرقات القرية بعدما بقرت بطنه وأكلت أحشاءه وقلبه الأسود !!
تذكّرت الرجل المؤذي ذاك وأنا اسمع وأقرأ عن سلوكيات بعضهم من المحسوبين على الوسط الثقافي وغيره ممن يجبرك ان تكرهه، هذا الوسط الذي يفتح الآفاق رحبة لإشاعة المحبّة والتآخي والتسامح ونكران الذات من خلال الوعي والثقافة التي يتزوّد بها الإنسان ليكون إنساناً حقيقياً بكل ما تعنيه كلمة الإنسانية من جمال !!
للأسف ترى هذا المنفوه حقداً وغلّاً لا يتورّع عن إيذاء الآخرين سواء كانوا زملاءه أو حتى أصدقاءه وأقرباءه من خلال ما يتقوّل به عليهم أو يكتبه أو حتى يصفهم به من تُهَمٍ ما أنزل الله بها من سلطان، لا أريد أن استطرد بهذا الموضوع المتعِب للقلب والروح بقدر ما أقول :ــ
هل الثقافة حكراً على شخص ما ؟! بالتأكيد لا أبداً، حيث تجد إنساناً بسيطاً ساذجاً لم يعرف القراءة والكتابة لكنه يمتلك قلب ملاك في النبل والشهامة والمحبّة ونكران الذات والتسامح .
هل الوجاهة حكراً على أحد ؟! بالتأكيد لا أيضاً، إذ تجد من يحسب نفسه وجيهاً لكنه لن يمتلك من النبل والأخلاق الحميدة شيئا .
الثقافة والإبداع والأدب والفن والإعلام رسالات إنسانية لبثّ روح المحبّة والأخوّة والجمال وفتح نوافذ وأبواب حياة مشرعة بكل ما هو خير وسعيد وجميل للشخص نفسه ولجميع الناس، لا أن نجعل منها سيفاً مسلّطاً على رقاب الآخرين طالبين منهم أن يكونوا معنا ويؤازرونا حتى وان كنّا على خطأ، وأن نتذكّر دائماً أن هناك بيوتاً من زجاج ربما تكون بيوتنا لهذا علينا أن لا نرمي الآخرين بالحجارة لأنها ستعود علينا حتما، ومثلما تدين تُدان بالتأكيد !!
الأدب وصناعة الجمال لن تطرق بابها الأنا المتضخّمة ولا إيذاء الناس ومحاربتهم وكيل التهم عليهم جزافاً أبدا، لأن الثقافة محبّة، ومن تسكن قلبه البغضاء والأمراض النفسية التي تجعله يسعى لإيذاء الآخرين لن يكون إنساناً ولا مثقّفاً أبدا، وستكون نهايته بشعة جداً مثل ذلك المؤذي الذي لفظته القرية وحين هلَكَ لم يترحّم عليه أحد، لأنه جعل الجميع يكرهونه، لهذا أرجوك وارجوك وارجوك لا تجعلني أكرهك، لأن قلبي لم ولن يعرف الكره أبدا !
ومحبتي للجميع





