من خلف الكاميرا…يتكلم بقلم : د. تامر محمد عزت

بملامح حادة وسترة زرقاء وقميص أسود ظهرت صورته وهو ينظر عبر عدسات الكاميرا وكأنه يوجه إلينا جميعا مجموعة من العبارات ممزوجة بكلمات لاذعة وهجاء وسب وقذف ورحمة بنا إذ أوضح أنه لا يريد أن يقول المزيد!
أعرفه شخصيا ولكنني وقفت خلف الستار أحدق في ملامحه.. تغيرت.. كانت ملامحه بها براءة منذ خمس سنوات.. ما الذي حدث خلالها؟ لا أعلم.. سألت عليه.. أجابني من أجاب وقال أنه ظلم نفسه وظلمنا وظلم الجميع واحترق وصار رمادا ولم يتبق منه إلا القليل من الدخان الذي تطاير وتشتت في فضاء الكون.
لنعد مرة أخرى إلى صورته.. الخلفية تقول انه في لوكيشن تصوير.. برافان.. كاميرا كبيره.. أناس بأيديهم ورق كأنه سكريبت الفيلم أو المسلسل.. وهناك من يقف ولم يظهر في الصورة إلا ذراعه.. يبدو كأنه يأمر بشيء عاجل.. لابد أنه تصوير بالفعل وليس ذكاء اصطناعي.
تذكرت حلمه البعيد.. أن يكون كاتبا وممثلا في نفس الوقت.. كانت له بعض الأعمال الأدبية وأسماها فيما بعد إخفاقات أدبية،نظرا لعدم انتشارها، يأس من تطوير ذاته، ليس في الإمكان أبدع مما كان، لوحاته دائما ينقصها شيء كمن يجري في سباق وقبل النهاية يقف في مكانه، يضع ذراعيه في جنبه يقف متأملا في الكون الفسيح! ماذا دهاه؟
لنعد إلى صورته.. ماذا كتب؟
يبدو أنه صار ممثلا، ولديه عدة مشاهد في مسلسل كما كتب،عظيم، سرد أول يوم تصوير، كالتائه في السوق، لا يعلم من أين يبدأ، ربت على كتفه أحدهم وسأله عن سر وقوفه وقبل أن يتفوه بكلمة، تركه وترك معه حيره جعلته عابسا، كيف يعاملوني هكذا!،تنفس الصعداء وتذكر كل حكم المشاهير وقصصهم في البدايات، لا بأس..هكذا حدثته نفسه.
أنت.. إلى غرفة الملابس
من؟ أنا؟
بسرعه
لا يدري أين غرفة الملابس وماذا يرتدي وماهو دوره أصلا؟ جاء إلى هنا بناءا على طلب صديقه الذي أخبره بمقابلة المخرج وقد يعطيه دورا ولو عدة مشاهد كبدايه،وعلى هذا الأساس ذهب، حلم طول الليل أنه سيلمع أمام المخرج بعد أن يراه أو هناك ممثل غير متفق لدوره فيقوم بأداء قوي وينبهر به أو..أو.. الأحلام كثيرة.. السيناريوهات عديدة.. كلها في عمان السماء مرسومة ولكن الواقع.. غير.
بعد السؤال والإجابة ذهب إلى غرفة الملابس.. وعلم.. أنه كومبارس.. بلا تفاصيل.. ترك الموقع وغادر.
لكن الخيال كان له رأي آخر..حيث كتب صديقنا:
ذهبت إلى موقع التصوير.. ويد ثقيلة وُضعت على كتفي وسمع صوتا يسأل:
أأنت هنا يا….؟
اندهشت.. كيف علم باسمي وكيف عرفني! وبسرعة أجبت أنني هنا من أجل الدور الفلاني.. وضحك المخرج.. حيث علمت فيما بعد أنه المخرج.. وله نظرة ثاقبة في الممثلين.. وسرعان ما أشار أن أراجع الدور مع مساعد المخرج.. ذهبت إليه وقال لي في عجالة..ستقف هنا..والبطل سيأتي إليك ويضربك على وجهك ثم تقع ولا تقم إلا بعد أن توقف التصوير.
ماذا؟!!
هل هذا هو دوري في المسلسل.. وقبل أن احتج كان قد اختفى مساعد المخرج.. لم أفهم..وبعدها وجدت صديقي الذي ارتميت عليه متسائلا عن الدور.. وقال لي:
أنت بنيان جسدك مناسب لأن يُضرب.. وليس ضربا حقيقيا.. في الهواء كما تعلم.. بداية أن تظهر على الشاشة.
أظهرت الغضب وصرخت وكأن قنبلة موقوتة تركتها خلفي ومضيت قبل أن أفجرها في الجميع.
تركت الصوره والكلام المنشور ما بين الحقيقه والكذب للانتقال إلى صورة أخرى له بنصف وجه تم نشرها بعد يوم من صورة لوكيشن التصوير وكتب فوقها:
هناك فرق بين الموهوم و عاشق الحقيقه.. الحقيقة تظهر الواقع كما هو بلا رتوش ولا تجميل أمام الآخرين.. أما الوهم تعيش في خيالك وأحلامك على أنها حقيقية ولكنها في الحقيقة اضطراب نفسي وقد يتحول لمرض نفسي صعب العلاج.
#عاشق_الحقيقه
لم أصمد كثيرا على صفحته الشخصية حيث وجدت صوره حديثه نُشرت منذ دقائق وكتب فوقها : القادم بقوة في عالم الأدب والفن في عام 2026 .
قرأت ما قرأت ثم تركت صورته التي صورها لنفسه فوق السرير ورأسه على الحائط.





