أخبار عاجلةساحة الإبداع

عوني سيف يكتب إلياس، مظلوم ام متمرد؟

قصة قصيرة

لسع رذاذ الماء المالح وجه إلياس و هو يتجول على الصخور العالية التي يتكسر عليها موج البحر، مما يعكس المرارة التي أصبحت رفيقه الدائم. لقد وقف على المنحدرات الصخرية لوطنه ينظر للبحر غير المتناهي، والرياح تجلد عباءته الرديئة من حوله.إلياس رمز مناسب لحياة ألقيت بها تيارات الظلم التي لا هوادة فيها. كان والده، وهو مالك أرض ثري، يفضل إخوته الأصغر سنًا والأكثر امتثالًا، تاركًا إلياس يكدح في الحقول، وآلام ظهره، وروحه محطمة.. سخر إخوته، الأنيقون والمتعجرفون، من يديه القاسية، من الجوع المحفور على وجهه. لقد ورثوا الأراضي الخصبة، والمنازل المريحة، واحترام شيوخ القرية – و كل ما هو حق له. لكن إلياس كان… مختلف. وشكك في القواعد والتقاليد الخانقة التي خنقت الحياة خارج هذه الأرض. لقد تجرأ على الحلم بعالم أفضل، عالم حيث الجدارة و المساواة. هذه الروح المتمردة، هذا السعي الثابت لتحقيق العدالة، ميزته على أنه غريب في نظر عائلته وبلده. لم ير النظام الاستبدادي الذي حكم أرضهم معارضته على أنها دعوة للإصلاح، بل على أنها تهديد لسلطتهم، وتم تجاهل مناشداته من أجل الإنصاف، وخنق موهبته. لقد كان شبحًا في وطنه، كأنه غير مرئي .

رأى أصدقاءه، رجاله، قادرين وذكيين مثله، سحقهم النظام – مسجونين أو منفيين أو أسوأ. قصصهم المحفورة في ذهنه غذت تمرده الهادئ. رفض أن ينكسر، ورفض التنازل عن نزاهته، حتى عندما ضغط عليه ثقل القمع.

ذات يوم، وصلت رسالة ممزقة تحمل شارة مجموعة ثورية بعيدة. لقد سمعوا عن إلياس، عن قوته الهادئة، وإيمانه الراسخ بعالم أكثر عدلاً. عرضوا عليه فرصة للقتال واستخدام ذكائه ومعرفته بالأرض للمساهمة في قضية الحرية.

تردد، في البداية. كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر والمخاطر هائلة. لكن النار بداخله، المشتعلة منذ فترة طويلة تحت رماد الظلم، اشتعلت. انضم إلى صفوفهم، وكان ماضيه مصدرًا للألم والقوة. لقد استخدم معرفته الحميمة بالأرض لخداع جنود النظام، وعقله التحليلي لكشف استراتيجياتهم. أصبح رمزًا للأمل للمظلومين، ومنارة للتحدي ضد الظلام.

كانت الثورة طويلة ووحشية. رأى زملائه المقاتلين يسقطون، وشهد أهوالًا لا يمكن تصورها. لكنه ثابر، مدفوعًا بذكرى قسوة والده، وازدراء إخوته، والظلم المنهجي الذي شكل حياته.

بعد سنوات، نجحت الثورة. انكسر فجر جديد فوق الأرض، وألقى ضوءًا ذهبيًا على عالم حر أخيرًا. وقف إلياس، الذي اصطف وجهه مع ندوب المعركة لكن عينيه تلمعان بنار الأمل، على نفس المنحدرات حيث شعر ذات مرة باليأس فقط. لا يزال رذاذ الملح يلدغ وجهه، لكن طعمه الآن مختلف – ليس من المرارة، ولكن من النصر، الذي تم تحقيقه بشق الأنفس ويستحقه بشدة. لقد أصبحت حياته غير العادلة أساس مستقبل أكثر عدلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى