أخبار عاجلةدراسات ومقالات

د. فوزي خضر يكتب عملاق الدراسات الأدبية دكتور محمد مريسي الحارثي

 
يوم 21 يونيو من عام 1944 كان يوما مختلفا على قرية الصور بني الحارث التابعة لمدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية ، ترددت البشائر في جنبات القرية ، وعمت الفرحة البيوت بمولد الطفل محمد ، وكان أبوه مريسي بن سعد آل يزيد الحارثي هو أكثر الناس فرحة بمجيء ولده محمد إلى الدنيا.
 
كبر محمد بن مريسي ، والتحق بالمرحلة الابتدائية في مدرسة الصور ، وكان الشيخ أحمد اليامي من |أبرز أساتذته ، علّمه وحبّبَه في العلم ، فانطلق تلميذا متفوقا في المرحلة المتوسطة بمدينة الطائف, ثم طالبا متفوقا في المرحلة الثانوية بدار التوحيد بالطائف أيضا مما أهّله للالتحاق بقسم اللغة العربية في كلية الشريعة ، فرع جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة.
 
شاب اعتاد التفوق .. لذلك لم يكن بمستغرب أن يبدأ العمل في السلك الأكاديمي ، فعمل محاضرا بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة ، واجتهد في عمله وفي بحوثه ، وحاول أن يرتاد دروبا غير مأهولة فدرس النقد الأدبي دراسة مستفيضة ، واختار أن تكون رسالته للماجستير في النقد ، ولا يتوقف محمد بن مريسي ، فينغمس في البحث والدراسة مع الاجتهاد في التدريس ، ليحصل على الدكتوراه في تخصص النقد الأدبي ، وبذلك سجل اسمه بارزا في التاريخ العلمي في بلاده ، وذلك بحصوله على درجة الماجستير عام 1976م ، وحصوله على درجة الدكتوراه بعدها بسنوات قليلة ، ليصير بعدها استاذا مساعدا في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة.
 
انتقل الدكتور محمد بن مريسي الحارثي بعد ذلك إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة حيث عمل رئيسا لقسم الأدب في كلية اللغة العربية لثلاث فترات ، وعمل عميدا لكلية اللغة العربية لثلاث فترات أيضا. 
 
ينقسم أساتذة اللغة العربية فئتين : فئة تكتفي بالتدريس لطلاب الجامعة ، وفئة ترى أن أستاذ الجامعة باحث في الأساس وتقع على عاتقه مسئوليات تتحدد في اتجاهين ، اتجاه يعمل على تطوير الدرس الأدبي والنقدي والبلاغي ، واتجاه يتصدى لتقويم الانتاج الأدبي المعاصر ، بمتابعة الانتاج الجديد وتناوله بالنقد والبحث والدراسة . الفئة الأولى يتحول أصحابها بعد الحصول على الدكتوراه إلى مدرسين ، والفئة الثانية يصير أصحابها فاعلين في المجالات الثقافية في المجتمع ، ومشاركين في دفع حركة النقد للعطاء الإبداعي.
 
كان الدكتور محمد بن مريسي الحارثي من تلك الفئة التي لا تكتفي ببذل مجهودها في التدريس وحده ، وإنما تمارس بجانبه دورها الثقافي المنتظر ، وقد كان للدكتور محمد بن مريسي دور مرموق في الحياة الثقافية والعلمية . تجلى حضوره في مكة المكرمة ، وفي المملكة العربية السعودية ، وفي البلاد العربية ممتدا إلى بعض الدول في العالم ، وتجلت جهوده في العمل الثقافي في الآتي :
– ترأس تحرير كتاب البلد الأمين.
– ترأس اللجنة العلمية لتحرير كتاب مكة المكرمة الجلال والجمال قراءة في الأدب السعودي.
– ترأس منتدى الشباب بنادي مكة المكرمة الثقافي. 
– العضويات:
– مجلس الإدارة بنادي مكة الثقافي (لفترتين).
– اللجنة التأسيسية للجمعية السعودية العامة للأدب العربي.
– هيئة تحرير مجلة المركز العالمي الإسلامي (سابقاً)
– هيئة تحرير مجلة البلد الأمين التي كان يصدرها نادي مكة المكرمة الثقافي.
– لجنة كتاب تكريم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل_ رحمه الله.
– مجلس معهد البحوث والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى (سابقاَ).
– مجلس مركز بحوث اللغة العربية بجامعة أم القرى (سابقاً).
– لجنة مكة عاصمة الثقافة الإسلامية 2004م بجامعة أم القرى، ــ عضو لجنة مكة عاصمة الثقافة الإسلامية 2004م بنادي مكة الثقافي.
– لجنة تحكيم المراحل النهائية لمسابقة شاعر الملك .
– الهيئة الاستشارية لجائزة باشراحيل للإبداع الثقافي .
– اللجنة التحضيرية للملتقى الثقافي الرابع بنادي مكة 1433هـ.
– عضويات متعددة في عدد من المناشط العلمية واللجان الثقافية. 
 
أما بخصوص الدورات والمشاركات العلمية فإن الدكتور محمد بن مريسي الحارثي قد :
– شارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل المملكة العربية السعودية وخارجها . وإدارة الدورات الخارجية.
– رأس دورتين تدريبيتين لمعلمي اللغة العربية والثقافة الإسلامية في ماليزيا 1402هـ /1403هـ .
– رأس دورتين تدريبيتين لمعلمي اللغة العربية والثقافة الإسلامية في باكستان 1404هـ /1405هـ .
– شارك في المؤتمر الأول للأدب الإسلامي في الهند عام 1401هـ .
– شارك في ندوة تعليم اللغة العربية لغير العرب في ماليزيا عام 1403هـ .
– شارك في مؤتمر الأدب الإسلامي بجامعة عين شمس بمصر .
– شارك في الملتقى الدولي الثاني للأدب الإسلامي  بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء في المغرب  العربي 1998م.
– شارك في خمسة مؤتمرات علمية نقدية بجامعة فيلادلفيا بالأردن .
– شارك في مؤتمرين نقديين علميين في جامعة جرش بالأردن .
– شارك في مؤتمر نقدي علمي في جامعة اليرموك بالأردن .
– شارك بمحاضرة عن العقلية العربية بجامعة مؤتة في الأردن .
– شارك في احتفالية دار العلوم بمصر بمناسبة مرور مائة عام على تأسيسها .
– شارك في دورة الأخطل الصغير والتي نظمتها مؤسسة البابطين الثقافية والتي أقيمت في بيروت .
– شارك في المؤتمر الدولي الثاني بجامعة المنيا بمصر2005م .
– شارك في مؤتمر الحداثة وما بعد الحداثة بجامعة تشرين بسوريا 2004م.
– شارك في المؤتمر الدولي الثاني المنعقد في الفترة من 20-22 إبريل2010 بجامعة الأزهر كلية اللغة العربية بالزقازيق .
– شارك في ندوة مكة المكرمة في الشعر العربي المصاحبة للدورة الثامنة لجائزة محمد حسن فقي بالقاهرة .
– شارك في الندوة الأولى لتعليم اللغة العربية لغير العرب في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وكان مقرراً للندوة.
– شارك في مؤتمر الأدب الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
– شارك في الملتقى الأول بنادي مكة الأدبي الثقافي (خطابنا الثقافي ـ قراءة الحاضر واستشراف المستقبل). 
– شارك في بعض مهرجانات الجنادرية بمحاضرات علمية وكان من المتحدثين الأساس     في الندوة الكبرى في مهرجان الجنادرية الثاني.
– شارك في ندوة الضعف اللغوي في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض.
– شارك في ندوة عن النقد الأدبي بنادي الطائف الأدبي.
– شارك في العديد من مؤتمرات الأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية.
– شارك في مؤتمر المئوية الذي أقيم بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية بالرياض.
– شارك في مؤتمر الجهاد المنعقد في الرياض.
– شارك في مؤتمر نادي القصيم الأدبي المنعقد بمناسبة مرور عشرين عام على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ مقاليد الحكم
– شارك في الملتقى الأول للمثقفين السعوديين بالرياض.
– شارك في ملتقى النقد الأدبي الأول في المملكة العربية السعودية بنادي الرياض
– شارك في ندوة أدلجة الأدب بدار الجوف للعلوم التابعة لمؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية.
– شارك في ملتقى نادي القصيم الأدبي السابع (التحولات الثقافية في المملكة).
– شارك في ندوة علمية بمناسبة مرور عشرين عام على تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ مقاليد الحكم والتي نظمتها إدارة التربية والتعليم بجدة. 
– شارك في ندوة الرواية الأقوى حضوراً والمنعقدة بنادي القصيم 1424هـ. 
– شارك في ندوة الصالونات الأدبية وأثرها التنويري المنعقدة في تعليم محافظة جدة.
– شارك في ندوة الحركة الأدبية بمناسبة المئوية التي نظمتها جامعة أم القرى.
– شارك في ندوة بعنوان السيرة الذاتية بنادي الباحة الأدبي. 
– شارك في ندوة عن الحوار الوطني بتعليم العاصمة المقدسة 1425هـ.
– شارك في العديد من الندوات التكريمية لبعض رواد الثقافة والأدب.
– شارك بمحاضرة عن الشعر السعودي وأزمة الخليج بجامعة أم القرى .
– شارك في العديد من الأمسيات والأصبوحات الشعرية بجامعة أم القرى.
– شارك في معجم البابطين الشعري الحديث بالترجمة لبعض الشعراء السعوديين. 
– شارك في ملتقيات قراءة النص بنادي جدة الثقافي .
– شارك بمحاضرة بعنوان المثاقفة الحضارية بكلية المعلمين بالطائف 1426هـ .
– شارك بمحاضرة عنوانها ثقافة الخوف بكلية المعلمين في الطائف .
– شارك في الدورة السادسة لفعاليات الحوار الوطني بالطائف 1427هـ .
– شارك في ملتقى النقد الأدبي الثاني بالرياض .
– شارك بمحاضرة بعنوان مكة عاصمة الثقافة الإسلامية بنادي الوحدة الرياضي.
– شارك في ندوة التجربة الشعرية الحديثة في المملكة العربية السعودية المقامة في سوق عكاظ بمدينة الطائف عام 1428هـ 
– شارك في مؤتمر جماليات القصيدة بنادي القصيم الأدبي.
– شارك في ندوة الرواية العربية بين الواقع والمأمول بجامعة أم القرى.
– شارك في ندوة زهير بن أبي سلمى المقامة في سوق عكاظ بالطائف عام 1432ه.
– شارك بمحاضرة عن النقد العربي في منتدى عكاظ بفرع جمعية الثقافة والفنون بمحافظة الطائف 1421ه. 
– شارك في الأنشطة العلمية والثقافية في مهرجانات التنشيط السياحي في كل من جدة والطائف وأبها.
– شارك في ملتقى الشباب بين المتن والهامش بنادي مكة الثقافي الأدبي.
– شارك بمحاضرة بعنوان ثقافة الطفل بمنتدى الشيخ محمد صالح باشراحيل 1434هـ
– شارك في العديد من المحاضرات في الأندية الأدبية والجامعات والمراكز الثقافية في المملكة العربية السعودية وخارجها.
– مثل نادي مكة الثقافي الأدبي في وضع لائحة الأندية الأدبية الجديدة .
– له إسهامات كتابية في الصحف والمجلات المحلية والعربية .
– له مشاركات في البرامج الإذاعية والتلفزيونية المحلية والعربية .
– حكم بحوثاً ودراسات للترقية العلمية إلى أستاذ مشارك وأستاذ ، وحكم بحوثاً علمية متخصصة للنشر في المجلات العلمية المحلية والعربية المحكمة، وفي منشورات الأندية الأدبية، وحكم مسابقات ثقافية وأدبية شعرية ونثرية.
– أشرف على عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه وناقش العديد منها. 
أما الانتاج العلمي للدكتور محمد بن مريسي الحارثي فهو حافل بالنتائج البحثية التي اكتشف بها مساحات جديدة في حقل الدراسات الأدبية والنقدية في كثير من بحوثه المنشورة التي بلغ عددها ستة وخمسين بحثاً هي:
 
1- مفهوم الملكة الشعرية عند القدماء.
2ـ مصطلح الفحولة في النقد العربي.
3ـ من واقع القصيدة العربية المعاصرة.
4ـ من إجراءات النقد العربي الحديث.
5ـ ألقاب الشعراء بين الاستحسان والاستهجان.
6ـ رؤية في آفاق الأدب الإسلامي.
7ـ شعر محمد عبد القادر فقيه ركائزه ومنطلقاته.
8ـ الشعر والنثر مقاربات في التشكيل.
9ـ تشكيلات تراثية في شعرنا المعاصر.
10ـ الأدب والشباب.
11ـ من معالم الأدب الإسلامي.
12ـ الخطاب النقدي العربي رؤية في التأصيل.
13ـ أدبنا بين المحلية والعالمية.
14ـ تأويل النص الأدبي.
 
15ـ الإبلاغية في شعر عبد الله الفيصل.
16ـ ثلاثة مستويات من الغموض في الشعر العربي الحديث.
17ـ جماليات الديباجة.
18ـ كتب مقدمات العديد من الكتب ومنها :
أـ (نحو أدب إسلامي) لمجموعة من الدارسين ،
ب ـ كتاب (الملك عبد العزيز في مرآة الشعر) للأستاذ عبد القدوس 
ج ـ كتاب (الشوق الطائف في شعراء الطائف) للأستاذ حماد السالمي.
19ـ النقد المنتمي.
20ـ مات النقد عاش النقد.
21ـ مفاهيم نقدية ملتبسة.
22ـ مؤثرات أجنبية في تربية الناشئة.
23ـ في مركزية الثقافة العربية.
24ـ الخطاب الحداثي العربي من التنوير إلى التغيير.
25ـ في تأويل المناسبة.
26ـ الغزاوي يرصد المنجزات السعودية شعراً.
27ـ المثاقفة الشعرية بين التقليد والاستيعاب (قصيدة التفعيلة نموذجاً).
28ـ العوربة والعولمة بين المثاقفة والصراع.
29ـ نحو أفق أدبي جديد الذات تصالح الذات.
30ـ العقل العربي رؤية في التشكيل.
31ـ نحن والعولمة.
32ـ مفاهيم نقدية تراثية (التكلف).
33ـ المرأة بين العولمة والعوربة.
34ـ ثقافة الخوف.
35ـ اهتزاز القيم في الخطاب الروائي العربي (وليمة لأعشاب البحر نموذجاً).
36ـ البعد المكي في شعر باشراحيل. 
37ـ القصيدة السعودية والمعاني المطروحة في الطريق.
38ـ عوربة الثقافة (نحو مثقف عربي جديد).
39ـ مكة المكرمة نصاً محدثاً.
40ـ مفاهيم عربية مخصبة.
41ـ مكة المكرمة في الشعر السعودي.
42ـ تداخل الأزمنة في شعر باشراحيل المكي.
43ـ شعراء مكيون محدثون.
44ـ الرجولة في أدبيات حمزة شحاتة.
45ـ أدب الزيدان.
46ـ جماليات الوطن في ديوان عيناك يتجلى فيهما الوطن للشاعر مسافر. 
47ـ عقلنة المنهج في تراثنا النقدي.
48 ـ اللحظة الانطباعية عند عزيز ضياء.
49 ـ الحوار الوسط.
 
50 ـ الحوار الوسط بين النص والواقع.
51 ـ الرحلة الشعرية إلى المدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري ( كشف الغمة في مدح سيد الأمة نموذجا).
52 ـ نحو منهج بياني في نقد النص.
53ـ التعريف ببعض الشعراء السعوديين لمشروع موسوعة الأدب العربي الحديث الذي تعده الجامعة الأمريكية بالقاهرة. 
54ـ التعريف ببعض الشعراء السعوديين بموسوعة البابطين .تأهيل الولد في التراث العربي ( أيها الولد المحب للغزالي نموذجاً ).
56ـ مجموعة من البحوث والدراسات والمقالات الأدبية والنقدية المنشورة في الصحف والمجلات المحلية والعربية.
 
 
أما كتب د. محمد بن مريسي فبلغت ستة عشر كتاباً بحثياً بالإضافة إلى ديوان شعر بعنوان (المتمتعة) ، وقد أثارت بعض كتبه نقاشا طويلا وعروضا كثيرة وبيان كتبه كالتالي:
1- الاتجاه الأخلاقي في النقد الأدبي حتى نهاية القرن السابع الهجري.
2- ابن قتيبة ناقداً.
3- اتجاهات نقد الشعر في العصر العباسي الأول.
4- تحبير الأقلام في تحرير الكلام.
5- جدلية الواقع والمتخيّل، قراءة في شعر باشراحيل.
6- الرصيد اللغوي لطلاب التعليم الإبتدائي بالمملكة. ( بالاشتراك )
7- عبد العزيز الرفاعي أديباً.
8- عمود الشعر العربي، النشأة والمفهوم.
9- في أصول الحداثة العربية.
10- في ديوان البلاغة العربية.
11- في ديوان الثقافة العربية.
12- في ديوان الشعر السعودي.
13- في ديوان النقد الأدبي.
14- كن مسلماً ليبرالياً، ولاتكن ليبرالياً مسلما. 
15- المنهج البياني في تأويل النص.
16- الثقافة الكونية في القرآن الكريم.
 
الرؤية النقدية : 
الدراسات النقدية للدكتور محمد بن مريسي الحارثي تتمحور حول مشروع النقد المنتمي وحول مصطلح العوربة ، فمشروعه النقدي ينطلق من الانتماء وينفتح على مستجدات الفكر النقدي ، فيعمل على تحرير المفاهيم تحريرا دلاليا ووظيفياً ، ويكشف روابط القديم بالجديد وعلاقات هذا بذاك ليصل من خلال ذلك إلى توليد بعض المفاهيم من بعض ,مما سندرسه في بحث قادم بإذن الله تعالى لكننا نستطيع أن نضع أيدينا على ابرز المفاهيم المبتكرة في دراساته المنشورة ويأتي في مقدمتها :
1- مفهوم العوربة.
2- ترثنة القرآن والسنة.
3- أصول الحداثة التعبيرية في الفكر العربي (القرآن الكريم محدثاً)
4- تخصيب المفاهيم.
5- النقد الأخلاقي.
 
أتوقف قليلا عند كتاب مهم من كتب د. محمد بن مريسي الحارثي . هو كتاب (الاتجاه الأخلاقي في النقد العربي حتى نهاية القرن السابع الهجري) فهو يناقش قضية حية كانت مثارة ولا زالت وستظل طالما يوجد الاختلاف في وجهات النظر. الكتاب هو رقم 64 من مطبوعات نادي مكة الثقافي الأدبي ، صدر عام 1409 هـ / 1979م.
 
يتألف الكتاب من مقدمة قصيرة (صفحة واحدة) وتمهيد قصير (صفحتان) وثلاثة فصول وخاتمة ، ويقع في 148 صفحة من القطع المتوسط . جاء الفصل الأول تحت عنوان (وظيفة الشعر من منظور عربي) حيث عرض فهم النقاد العرب القدماء لوظيفة الشعر وذلك من خلال مواقفهم النقدية المتصلة بتعربيفاتهم ، وحدّهم الشعر ، وحديثهم عن مهمته مع عرض بعض الآراء النقدية العالمية قديما وحدبيثا ، ليخلص من ذلك إلى تقريب وجهة النظر العربية النقدية لوظيفة الشعر الأخلاقية ، ودور المعيار الأخلاقي في النقد العربي في أداء مهمته.
 
وجاء الفصل الثاني في (وظيفة النقد) باحثا في مفهوم النقد ومعاييره وغايته. ثم يجيء الفصل الثالث (حركية الاتجاه الأخلاقي) وهو أطول فصول الكتاب ويحمل قدرا كبيرا من تفاصيل موضوع الكتاب فيستقصي أطراف الفكرة من منابعها ، يؤازره هذا القدر الهائل من الدرس الفكري والنقدي مبينا أن الشعر العربي لم يتحقق نموه بمعزل عن النقد ، فيدرس حركية الاتجاه الأخلاقي في نقد الشعر في العصر الجاهلي وتوجيه القرآن الكريم لمهمة الشعر ، وموقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – من الشعر والشعراء ,والرؤية النقدية لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وأثرها في تنمية الاتجاه الأخلاقي ، ثم ينتقل د. محمد بن مريسي الحارثي إلى دراسة الاتجاهات النقدية بعد الخلافة الراشدة فيدرس حركية الاتجاه الأخلاقي في النقد عند خلفاء بني أمية ، ثم يتحدث عن طبيعة هذا الاتجاه في بيئة العلماء والمفسرين ، وعن دراسة إعجاز القرآن وأثر ذلك في تنشيط الاتجاه الأخلاقي في النقد ، ويشير إلى حضور هذا الاتجاه عند الشعراء فيقول : “يبدو أن الاتجاه الأخلاقي الذي صاحب الشعر العربي وسار معه جنبا إلى جنب قرابة قرن من الزمان ، كان تأثيره في الشعراء أكثر من تأثيره في النقاد ، وقد كان من الممكن أن يتطور هذا الاتجاه من خلال مواقف الخلفاء ورعايتهم للشعر والشعراء في العصرين الأموي والعباسي ، وأن يلتفت النقاد إلى تأصبله ، ولكن الذي حدث أن هذا الاتجاه بدأ يتلاشى عند بعض الخلفاء في وقت مبكر ، فمنذ خلافة هشام بن عبد الملك لم يعد للمقياس الديني ذلك الاهتمام الذي كان يحظى به عند سلفه من الخلفاء” (الكتاب صـ 74)
 
ينتقل د. محمد بن مريسي الحارثي إلى البحث في أن النقاد القدماء وثقوا الصلة بين الشعر والأخلاق ، بعد ذلك بحث في حركة الاتجاه الأخلاقي من خلال النزعة التربوية في النقد مشيرا إلى أن النقاد العقلانيين والفلاسفة كانوا أقرب من غيرهم من النقاد في ربط الشعر بـغايات أخلاقية ، ولم يغفلوا أهمية الصورة حتى ولو جعلوها أحيانا في خدمة تلك الغايات ، وأشار إلى النقاد الذين وضعوا الأسس المعيارية للاتجاه الخلقي التربوي في النقد العربي من أمثال ابن الأنباري ثم أحمد بن مسكويه وابن حزم وغيرهم . بعد ذلك يبحث د. محمد مريسي في الاتجاه الفني في النقد وقضية عزل الدين عن الشعر التي أجمع عليها جمهرة النقاد الفنيين من جهتها النظرية ، لكنهم لم يغفلوا المعيار الأخلاقي من وجهتها العملية ، وكذلك فيما يتعلق ببعض العوامل والأسباب التي أقرت قضية عزل الدين عن الشعر حيث كشف بعض تلك العوامل عن ازدواج النظرة عند أصحاب الاتجاه الفني في النقد الذين جمعوا في نقدهم النظري وكذلك التطبيقي بين الاتجاهين الفني والأخلاقي. 
وبعد ..
 
فإن العطاء النقدي للدكتور محمد بن مريسي يحتاج إلى مزيد ومزيد من دراسة جوانبه ، ولعل الأيام تسمح لنا بالتفرغ لدراسة الابداع النقدي في تراث علم من أعلام النقد العربي وجبل من جبال الدراسات النقدية إضافة إلى ابداعه الشعري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى