محمد رضوان يكتب الخوف من التوقف… لماذا نركض حتى ونحن مُرهقون؟

كثير من الناس لا يخافون الفشل بقدر ما يخافون التوقف. التوقف بالنسبة لهم ليس راحة، بل تهديد. لحظة السكون تُربكهم أكثر من الضغط، لأنهم تعودوا أن يختبئوا خلف الحركة المستمرة. الركض أصبح وسيلة للهروب، لا للتقدم، وكلما شعر الإنسان بالتعب، زاد سرعته بدل أن يهدأ، وكأن التوقف سيكشف شيئًا لا يريد رؤيته.
الخوف من التوقف غالبًا ما يكون خوفًا من المواجهة. حين تتوقف، تسمع صوتك الداخلي، ترى إرهاقك، وتدرك حجم ما تحمله دون اعتراف. في الحركة الدائمة، يمكن تجاهل الأسئلة الثقيلة: هل أنا على الطريق الصحيح؟ هل ما أفعله يشبهني؟ هل أنا سعيد فعلًا؟ أما في التوقف، فلا مهرب من هذه الأسئلة، ولهذا يختار كثيرون الاستمرار حتى الإنهاك.
لكن الحقيقة التي لا نحب سماعها هي أن الاستمرار بلا وعي أخطر من التوقف. الجسد قد يحتمل، لكن النفس لا تنسى. ومع الوقت، يتحول الضغط غير المعترف به إلى قلق، أو فتور، أو غضب غير مفهوم. التوقف ليس انهيارًا كما نتصور، بل مساحة لإعادة التوازن. المشكلة ليست في التوقف نفسه، بل في الصورة الخاطئة التي رُسمت له، كأنه ضعف أو فشل أو تراجع.
نصيحتي لك أن تعيد تعريف التوقف. التوقف ليس انسحابًا من الحياة، بل عودة إليها. هو لحظة تراجع خطوة لتبصر المشهد كاملًا. أن تسمح لنفسك بالراحة لا يعني أنك كسول، وأن تعترف بتعبك لا يعني أنك أقل. الإنسان الذي يعرف متى يتوقف، يعرف أيضًا متى يتحرك بثبات.
لا تخف من الصمت، ولا من البطء، ولا من الأيام التي لا تُنجز فيها شيئًا كبيرًا. هذه اللحظات ليست فراغًا، بل تجهيز. في التوقف تتضح الرؤية، وتخف الضوضاء، وتستعيد اتصالك بنفسك. أما الركض الدائم، فيُنسيك لماذا بدأت أصلًا.
في النهاية، الحياة ليست سباقًا لا يُسمح فيه بالاستراحة. ومن يخاف التوقف، يظل يدور في نفس الدائرة وإن ظن أنه يتقدم. امنح نفسك إذنًا بالهدوء، لأن التوقف الواعي ليس نهاية الطريق… بل شرط الاستمرار دون أن تفقد نفسك في الطريق.



