درة الاسلام بقلم: يحي سلامة
من جميل الأقدار ما أتشرف به اليوم وأنال قدرا لشخصي الضعيف أن أقوم بالكتابة في ذكري مولد النبي صلي الله عليه وسلم عن ديوان شعر لمادح النبي صلي الله عليه وسلم الصديق الشاعر (بدر البشيهي)
لأقول بداية أنه ليس مجرد ديوان شعر وقصائد مديح
ديوان (درة الاسلام في سيرة خير الأنام) للشاعر بدري الشبيهي هو تأريخ وتوثيق للسيرة النبوية الشريفة وحياة النبي صلي الله عليه وسلم منذ مولده وبعثته الشريفة حتي وفاته وانتقاله الي الرفيق الأعلي
هذا السفر الذي يقع في 296صفحة من القطع الكبير (والذي تشرفت باهدائي نسخة من الشاعر)
لا ابالغ أو يجانبني الصواب اذا قلت أن هذا العمل الضخم وهذا التأريخ للسيرة النبوية (بشعر الفصحي) لم يقترب منه أحد منذ حوالي 100 سنة عندما أصدر الشاعر الكبير أحمد محرم (المولود في 1877 والمتوفي في 1945)ديوانه مجد الاسلام المعروف بالالياذة الاسلامية في 3000 بيت علي نغم (الخفيف) ولسنا هنا بصدد المقارنة بين شاعرين أو بين ديوانين للشعر ولكن سأعرض ديوان الشاعر بدري البشيهي
1الديوان عمل عبقري لشاعر (ان تنظم أكثر من 4000 بيت شعر علي نغم (بحر الكامل) وملتزما بالروي والقافية الواحدة دون خلل أو خروج فأنت أمام شاعر كبير من الشعراء الخليليين من يتمتعون بالنفس الطويل بل والطويل جدا وهو مصطلح نعرفه جيدا معشر الشعراء)
2(عتبات النص) يأخذك الشاعر في استهلال ديوانه بأبيات (من تلك الملحمة علي نفس النغم والروي) وجاءت في عناوين لها دلالة دينية وتاريخية وممتزجة بالألم والأمل في أن يستعيد الاسلام واللغة أمجادهما ومكانهما الطبيعي في الحضارة الانسانيةوذلك يتضح من العناوين التي اختارها الشاعر (المقدمة -شكوي وبكاء-اللغة العربية -الأزهر الشريف -وقدساه -درة الاسلام)
ثم يلي تلك المقدمة التأريخ للسيرة النبوية الشريفة في 12 جزء (هم نص الملحمة)
تبدأ بالجزء الأول عن حياة العرب قبل الاسلام مرورا بمولد النبي صلي الله عليه وسلم وبعثته الشريفة وغزواته وانتهاءا بوفاة النبي صلي الله عليه وسلم وهو الذي افرد له الشاعر الجزء 12 من ملحمته الضخمة.
ورغم انتهاء الشاعر من سرد سيرة النبي صلي الله عليه وسلم الا ان عشقه للحبيب المصطفي أبي الا أن يذيل تلك الملحمة بالكتابة عن أصحاب النبي رضي الله عنهم اجمعين وعن أمهات المؤمنين زوجات النبي صلي الله عليه وسلم وعن ريحانة النبي السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة وسبطا النبي صلي الله عليه وسلم الحسن والحسين (سيد شباب أهل الجنة)
ويختتم الشاعر هذا الملحق بالحديث عن مصر وذكر البهنسا بأنها (بقيع مصر) لأن هذه المدينة مدفون فيها 5000 صحابي جليل جاءوا متزامنين ولاحقين لفتح مصر علي يد عمرو بن العاص
ومايحسب للشاعر بحق هو اعتنائه بالهوامش التي ذيل بها صفحات الديوان
وجاءت هذه الهوامش كالأتي
1شرح لمعاني مفردات
2الحديث عن أماكن (البهنسا مثلا) أو شخصيات أو أحداث ورد ذكزها في ثنايا الديوان
3ذكر الأيات القرأنية برقم الأية واسم السورة وتخريج الأحاديث النبوية الشريفة بالسند والمتن
وأقول أن هذه العناية بالهوامش لاتقل أهمية ولا جهدا عن (متن النص) فكم من النصوص سواء الشعرية أو النثرية فقدت بريقها واهميتها وأفسدت علي القارئ متعة القراءة لاهمال مؤلفيها بأهمية الهوامش
وفي الأخير لاينبغي تناول ديوان (درة الاسلام)أنه معارضات لنهج البردة (سواء للامام البوصيري أو أمير الشعراء أحمد شوقي) ولا ينبغي تناوله أنه من الشعر الصوفي الممتدح لمناقب النبي وال البيت الكرام بل التصنيف والانصاف الأدبي والفني يقتضي أن نقول وبلا مبالغة أننا أمام (كتاب يؤرخ للسيرة النبوية الشريفة بالشعر) فاذا قلنا اننا امام مؤرخ يكتب التاريخ شعرا
أو اننا امام شاعر يكتب الشعر تاريخا
فلم يجانبنا الصواب في الحالتين
خالص التهنئة والأمنيات بالتوفيق والتألق للصديق العزيز /بدري البشيهي علي اصداره هذه الملحمة والتي أعتبرها رسالة شديدة اللهجة ضد من قال أن مصر قد خلت من المبدعين والشعراء وهي رسالة ضمنية أخري أشد لهجة ضد المتغربين والمغتربين عن ثقافتنا الاسلامية والعربية ومن هم في خصومة مع التراث العربي والاسلامي بحجة ان هذا التراث لم يعد مناسبا للحداثة ومابعد الحداثة حسب زعمهم ليأتي هذا الديوان او هذه الملحمة في الوقت المناسب لترد أكاذيبهم وزعمهم في نحورهم