أوبرا مصر تَنشُر “كنز_الحواديت…..أكل العيش مر” للقاص محمد عطية

أزيكوا.. وحشتوني قوي…. و الله العظيم وحشتوني بجد
مالك يا عم فيه إيه؟ من ساعة ما دخلت المكتب الصبح و مافيش علي لسانك غير وحشتوني قوي فيه إيه
الله ..مش ماشفتكوش من السنه إللي فاتت ,امبارح 2022 و النهارده 2023
تصدق عندك حق.. أقعد شوف شغلك بقى المدير جوه و سأل عليك و عرف إنك أتأخرت .
أوبا ربنا يستر… هو الجو ماله برد كده ليه ؟
صباح الفل معالي الباشا المدير سنة سعيدة عليك و كلها خير.
إتاخرت ليه جنابك و من أول يوم كده إيه محرمتش من الخصومات اللي بتخدها كل شهر؟
البركة في حضرتك يا فندم.
طيب إتفضل علي مكتبك و خلص الشغل المتأخر إللي عليك.
إعتبره خلص حضرتك.
.
رجعت مكتبي و إبتديت أشوف شغلي بقى و بحمد ربنا إن أسمي منزلش في لجنه الجرد السنوي.. ما أنا ياما جردت.. أريح السنه دي بقا.
و لسه يا مؤمنين مكملتش الكلمة و يرن جرس التليفون. قلبي إنقبض تقولوش كان حاسس.
و جاني الرد جاني و لاقيتوا بيستناني..علي رأي العندليب.
أيوه يا فندم خير أنا شغال و كله عنب و زي الفل
و جاني صوت المدير عبر أسلاك الهاتف…. جهز نفسك علشان هتروح جرد الثلاجات.
أنا سمعت كلمة جرد الثلاجات و أكنك حطيتلي حتة تلجة ف قفايا في شهر فبراير. تخيل بقا
قلت له يا فندم أنا مليش في الجرد العضمه كبرت, و الجو برد.. ثلاجات إيه اللي هروح أجردها في البرد ده بس؟

و يا حضرات أحب أعرفكوا إن التلاجات دي مكان كبير كده و ليه رصيف كبير و عنابر كبيرة و مليانه مجمدات أشكال و الوان و الحراره هناك بتوصل جوه التلاجه ماينص تمنتاشر والمصحف الشريف ماينص تمنتاشر و بره علي الرصيف ماينص برضوا.. يعني كله ماينص في ماينص.
المدير قال لي لابد أن تذهب.
قصره ذهبت و مكنتش عامل حسابي إني هسهر في الثلاجه يعني لابس عادي. أهو كله شغل هو حد لأقي شغل في البلد بنت اليومين دول..
.
أهو الواحد يخلص في ساعتين زمن و يروح ينكمش تحت البطانية و يشرب كوباية سحلب و يتفرج علي التلفزيون.
.
اللي فات دا بقى كله كوم و اللي جاي كوم تاني و علي رأي البرنس أحمد حلمي اللي فات حماده و اللي جاي حماده تاني خالص.
ها هتسمعوني و لا ايه؟
عاوزين تعرفوا حماده التاني؟

طيب يلا بينا .
.
في سابقة هي الأولي من نوعها , هههه حلوه دي بتكلم بالنحوي.
قصدي أول مرة أحضر جرد و فرز في تلاجة و كده يعني المهم دخلت وقفت علي الرصيف.
بقولكوا إيه هو أنا لسه هاحكي و أشرح… إنتوا تتفضلوا معايا بنفسكوا و تشوفوا بعنيكوا و تسمعوا بودانكوا…. أتتينششششن بليز… إلبسوا حاجات تقيلة و يستحسن تلبسوا الهدوم إللي في الدولاب كلها.. أنا حظرتكم أهو علشان ميحصلش معاكوا اللي حصل معايا.
.
كان يا كان
و في حتة بعيدة عن العمران
ثلاجة كبيرة مصنوعة من الصاج ومن غير عمدان
الساعه الثالثة عصراً و كل الناس روحت مافضلش غيري أنا و زمايلي علشان نبتدي الجرد.
و عمال الثلاجة إللي أكبر واحد فيهم ميحصلش ال 18 سنه أه و الله كلهم شباب صغير واضح إنهم مش من القاهرة كمان كلهم لهجتهم من الأقليم حتي أمناء المخازن شباب و برضوا من الأقاليم.
المهم إبتدينا الشغل و ندخل الثلاجة و نخرج من الثلاجة و نعد و نفرز مع العمال و الجو برد أخر تلت حاجات مش اخر حاجه واحده.
.
و أبتديت أحس أنا وزمايلي بالتعب و الأرهاق
لكن سبحان الله العمال شغاله و بتضحك و لأ أكن فيه ساعات عماله تمر عليهم و همه شغالين
قربت من واحد منهم البسمه مافرقتش وشه من ساعة ماشوفته و كانت الساعة حوالي 11 بالليل و بقول له تعبت و لا إيه؟ رد و قالي لا أبدا , بس هو لسه فاضل كتيير؟
قلت له بتسال ليه ؟ قال لي أنا من 9 الصبح شغال.
قلت له طيب ماتريح أنت كفايه عليك كده.
قال لي لأ لازم أشتغل علشان الأوفر تايم , و أيه يعني لما أتعب , الشغل للرجاله. و راح مكمل شغله في عز البرد و السقيع , و البسمة و الرضا باين علي وشه.
و اللي عرفته منه إنه بيأخد ملاليم رغم قسوة شغله , بس بيقول الحمد لله و ضحكته حلوه و كلها رضا, و الله كلها رضا.
الجميل بقى إن كل العمال زي جمال كده, أه نسيت أقول لكم إن العامل أسمه جمال.
العمال كلهم زي جمال شغالين من 9الصبح لحد نص الليل علشان الأوفر تايم , و كلهم رضا و ضحكتهم ماليه وشوشهم.
بصراحة همه إللي صبروني علي تعب اليوم كله
و خلوني أقول أكل العيش مر, بس الناس الطيبه دول ربنا زرع الرضا فيهم علشان يتحملوا مرارة أكل العيش و الظروف القاسيه اللي همه فيها.
.
خلوني أكتشف عالم مكنتش أعرفه.
أكتشف إن السعادة في الرضا , مش مجرد كلمه بنقراها في كتاب أو قصة او بيت شعر.
مهما كان أكل العيش مر و صعب, الرضا بيخليه طعمه حلو و يبارك فيه.