أخبار عاجلةالرئيسيةساحة الإبداع

وداد أبو شنب تكتب اعتدال خريفي

 

ربيعي يومٌ واحد أزهر على ذيل صيفٍ، واصفرّ على ياقة جلباب الخريف، أناقة لونٍ حاقت بقلبي الغضّ على مدار العمر العبثي الذي ضحكتُ له، كما هي عادتي، أضحك للزهر وللشوك على حدِّ السواء، أعانق كلَّ أمل قد يزيّن شرفة غيري، أتجاوز دكّات العمر الهزيل المتآكلة، أعبث بروحي التي لم تخيّب أمل أحد غيري!
صديقتي عاشقة، وأنا أبحث عن عشق يكفِّنُني، لأنّ القبر يلفظ القلوب الفارغة، والتابوت والنعش يسخران من كلّ ميِّت حنّط قلبه منذ سنين الوعد الأول، حيث نزلت حواء تبحث عن آدمها، نزلت وراهنت على العودة بقلب يعتصر ألما مع كل تفّاحة التقمها آدمها خطيئةً، فراحت تمنِّي نفسها بأقحوانات الربيع المترامية على حواف الشارع!! لعنت نفسها منذ الخطيئة الأولى، التي لا ذنب لها فيها أكثر من غواية إبليس، وغواية آدم.

قرأت في كتاب الوجودية منذ عقود -عن العبثية- فأيقنت أن حياتنا عبث، ثم تذبذبت، وأدركت أن اليقين هو الباب وأن الرضى هو مفتاح كل شيء، فاصطدمت بقوانين التنمية البشرية حيث إن الرضى انهزامية وإن كل ما ترجوه تنله، وإنْ كان طموحك على مرمى بصر، فإنّك بعد ألف فرسخ وفرسخ من الحلم والعمل ستدرك المرمى والبصر معا!!

وما زلت أتذبذب، وأعلن اعتزالي عند كل مفصلٍ عقديٍّ في حياتي، أرنو إلى وقت أجمل، أمنّي النفس اللوامة بكل جمال، وأعلن التوبة عن حماقاتي وضحكاتي واستهتاراتي، وأعلن أن الوقت يتسع لزرع بسمة في قلب يتيم، أو أمل في جوف سقيم، وأمضي أضمد جراحي، وأدرك أن حياتي محضُ شبابيك وأبواب ألم أخاتل من خلالها لأتفوّه صادقة بالأمل والحب والوفاء وباللونين الوردي والليلكي، وأعلن نفسي ملكة الفضاء الشاسع، ما زلت ملاكا لم أكبر بعد، ما زلت ملاكا، لم أتلُ آيات الغفران على خريفي، ولم أعانق ربيعي الذي أدبر، ولعنت اعتزالي وأعلنت بين الفصول اعتدالي..

الناقدة وداد أبوشنب
الناقدة وداد أبوشنب

22 سبتمبر 2020

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى