دراسات ومقالات

محمد عبد العال الخطيب يَكتُب : عبد الحميد باشا بدوى عبقري القانون وعظم الأثر الذى تركه فى تاريخ مصر

خلال ندوة لمناقشة كتاب عبدالحميد باشا بدوي عبقري القانون كانت هناك كلمة مكتوبة لمعالي المستشار محمد عبد العال الخطيب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، وقد اختص موقع أوبرا مصر بنشرها..

خالص شكرى وتقديرى وامتنانى للحضور واخص بالشكر عمالقة السياسة والقانون فى مصر معالى الدكتور مفيد شهاب ومعالى السيد الوزير عمرو موسى
نجتمع اليوم فى حب رجل عظيم من عظماء مصر هو العلامة الجليل عبد الحميد باشا بدوى ولكن للاسف لا يعلمه الكثيرون فى العصر الحاضر رغم عظم الاثر الذى تركه فى تاريخ مصر
ازعم انى لى خصوصية فى التحدث عن العلامة الجليل عبد الحميد بدوى فقد التقيت به كثيراً وتعددت اللقاءات بيننا ( اعلم انكم قد تتعجبون من هذا القول ولكن دعونى اقص لكم كيف بدأ هذا اللقاء)
فى عام 2014 فى هذا العام- و-واذكر معالى السيد عمرو موسى برئاسته للجنة الخمسين – عند وضع دستور مصر
احداث جسام وصخب شديد مرت به مصر ، ارادت الهيئات القضائية فى تلك الفترة ان تحدد تخوماً لاختصاصاتها فبحثت كل هيئة قضائية عن ادواتها فى تدعيم هذا الاختصاص
فكان احد اهم ادوات واسانيد هيئة قضايا الدولة هو التاريخ ، وتاريخياً قضايا الدولة هى اعرق هيئة قضاية فى مصر أنشأت قبل المحاكم الاهلية بست سنوات تقريباً– إذ انشأت فى شهر يوليو 1875 وفى 27 يناير 1876 انشأت بصورة نهائية عندما استغل اسماعيل المفاوضات على انشاء المحاكم الاهلية واختار اربعة من المفوضيين ليكونوا ما اطلق عليه لجنة مستشارى الدولة
ولكن المعنى كان يقف عن حد اللفظ فاين توثيق هذا التاريخ اين الفتاوى التى قالت بها قبل انشاء مجلس الدولة اين العقود التى صاغتها وراجعتها قبل انشاء مجلس الدولة
لذلك تم تكليفى فى هذا الوقت بتوثيق تاريخ قضايا الدولة
كان كلى أملى فى ظل هذا الفقد للتدوين والتوثيق ان اجد بعض الوثائق لاخراج اول كتاب وثائقى عن قضايا الدولة ، اتجهت مكتبة الاسكندرية وقرات الوثائق المنشورة فى ذاكرة مصر المعاصرة التى تجاوزت 26500 وثيقة اكملتها بالوقائع المصرية
وفى كنز الوقائع المصرية
لم يكن الاشارة للشخصيات بذكر اسمها فقط
الا عند تتعيين احدى دفعات الهيئات القضائية يذكر الاسم رباعى فقط اما منذ اكثر من مائة عام كان يذكر عل سبيل المثال ، يعين محمد ابن محمد ابن عبد العال المتخرج من مدرسة الحقوق بتاريخ ..
كان يعطينى بيان حالة عن الشخص
ثم انتقل الى العام التالى فى الوقائع المصرية لاجد هذا الشخص انتقل الى محكمة اخرى ثم الى وزارة ثم الى رئاسة الوزارة ثم منصب النائب العام
هكذا التقيت بعبد الحميد بدوى، التقيت به كثيراً
كان دائماً الاول فى كل شىء
كان اول دفعته عندم تخرج من مدرسة الحقوق عام 1908 ، ثم عمل بنيابة طنطا، ثم محكمة استئناف مصر، وانتقل الى محكمة طنطا الاهلية عمل سكرتيراً لمجلس الوزراء
كان ضمن الوفد الرسمى المرافق لعدلى باشا يكن للتفاوض مع الانجليز لاستقلال مصر عام 1919
حتى جاءت اللحظة التى التقى فيها عبد الحميد باشا باكثر علامة بارزة فى حياته واكثر ما عشق قضايا الدولة
طلب عدلى باشا يك من رئيس لجنة القضايا فى هذا الوقت ” ادوارد بيولا كازيللى” هذا الرجل الايطالى المحب لمصر ان يعين عبد الحميد باشا بدوى مستشاراً ملكياً مساعدا
رفض الرجل قائلا” لا يا دولة الباشا بل نقبل عبد الحميد بدوى مستشاراً ملكياً”
اتدرون ما حدث فى تلك اللحظة لقد قرر هذا الرجل الحكيم – الذى شغل منصب رئيس الجمعية الملكية للاقتصاد والاحصاء والتشريع عدة سنوات- ان يكون عبد الحميد باشا بدوى رئيسا لهيئة قضائية بعد بضع سنوات
فهو يعلم جميع الاجانب الذين يسبقوه مغادرون وسيبقى هذا المصرى الاصيل وقد كان هذا المنصب قاصرا على الاجانب فقط
فصار كما قلنا اول مصرى يرأس لجنة مستشارى الدولة عام 1926
فى ديسمبر علم 1940 عين وزيرا للمالية واحتفظ فى ذات الوقت برئاسته لقضايا الدولة
فصار اول مصرى يراس هيئة قضائية ويتولى وزارة فى ذات الوقت ، بل اعتقد لن ذلك لم يحدث مطلقا مع اى شخص
حتى عندما تقدم باستقالته فى يناير 1942 لم يجد حسين باشا سرى رئيس الوزراء بديلا له فاحتفظ بمنصبه الى جانب رئاسته للوزارة
فى سابقة هى الاولى ايضاً
عام 1946 صار قاضيا بمحكمة العدل الدولية ليكون اول عربى ومصر يتولى هذا المنصب حتى صار أول عربى يتولى منصب نائب رئيس محكمة العدل الدولية
نعود الان الى الوقائع المصرية فقد امتلىء الفولدر الخاص به بالعديد من المناصب والانجازات
كنت اتعجب لقد اقتصرت معرفتنا بهذا العظيم على اسمه فقط فهو له قاعة باسمه الى جانب قاعة المجلس الاعلى لقضايا الدولة كيف ذلك ؟
ماذا حدث يا سادة؟ اعتقد انه الاقطاع التاريخى
لم يقتصر تفوقه على نفسه بل امتد هذا التفوق الى تلاميذه
فهل تعلمون ان من بين من تتلمذ على يده من تولى وزارة الحربية
نعم (صليب باشا سامى) عام 1933
هل تعلمون من تتلمذ على يده وصار رئيسا للوزراء؟
نعم احمد نجيب الهلالى
هل تعلمون من تتلمذ على يده وصار وزيرا للعدل
محمود حسن ، امين انيس، محمد على نمازى
هل تعلمون من تتلمذ على يده وصار رئيسا لهيئات قضائية اخرى
نعم احمد كمال ابو الفضل ، عوضين ابراهيم الألفى صاروا رؤساء لمجلس الدولة
هل تعلمون من تتلمذ على يده وصار نائبا عاما
نعم عبد الرحيم باشا غنيم
والكثير والكثير والكثير

تاريخ هذا الرجل لا يحتويه التاريخ فقط بل الحاضر فاثره واثار عمله امتدت الى الايام التى نعيش فيها ولا يلتفت اليه احد
نفتخر ونحتفى جميعاً بالمتحف الكبير ومتحف الحضارات ، الذى يحتوى على اهم مقبرة فى العالم هى مقبرة توت عنخ امون حيث خمسة الاف واربعمائة قطعة اثرية تم اكتشافها على يد هوارد كارتر وراعيه البريطانى اللورد كارنارفون بعد ان طالب هوارد باقتسام تلك المقبرة حيث كان يبيح قانون القسمة ذلك
اذا كيف احتفظنا بكامل المقبرة
لقد كان هناك نزاع استمر قضائى وسياسى لم ينقضى الا فى عام 1932 على يد العلامة القدير عبد الحميد بدوى فهل يذكر وقتما يذكر الملك الصغير …….. لا
وبمناسبة الملك الصغير فحتى فى الدراما المصرية عندما يذكر كيف تم تولية الملك فاروق فيذكر ان الشيخ المراغى افتى بذلك ، ليهمل الجميع الراى والفتوى القانونية التى قال بها هذا العلامة من جواز الاهتداء بدساتير اخرى كالدستور البلجيكى والذى يحدد سن الرشد الملكى بثمانية عشر عام مما اتاح الفرصة لتشكيل مجلس وصاية على العرش لمدة عام تقريباً
الغريب ان هذا الامر مذكور فى المذكرة الايضاحية للقانون ولم يذكره احد ، فهل ذُكر الرجل…. لا
انه الإقطاع التاريخي الذي جعل الاهتمام ينصب حول رجال دون غيرهم رغم أنهم قد يكونون أفضل عملًا وإخلاصًا، فاهتمامنا بالخديوي إسماعيل وعباس وسعيد ونسينا الأمير كمال الدين حسين الذي رفض عرش مصر، اهتمامنا بسعد زغلول ونسينا رفاقه في أعضاء الوفد المصري المطالب باستقلال مصر.
كان عبد الحميد باشا بدوى أحد أفراد الوفد الذي صاغ معاهدة منترو 1937، تلك المعاهدة التى قضت على الامتيازات الاجنبية في مصر والتى كانت تنال من سيادة مصر بدأت عندما اراد محمد على ان يجتذب الاجانب الى مصر للتجارة فاعطى للاجانب مكنة ان يطبق قانون دولتهم في نزاعاتهم
ان ادعوكم الى الاطلاع على تلك المعاهدة وكيف كان ممثلون الدول اصحاب الامتيازات يقرنون اسمائهم بافضل مناصب لهم وكان من بينهم الوفد البلجيكى والفرنسى فتباهى اعضاؤه بعملهم كمستشارين ملكيين بمصر تحت رئاسة عبد الحميد بشا بدوى
تاريخ أثره يمتد إليك الآن فيما قد تعتبره بديهية من البديهيات وهو أن تكتب الأحكام باللغة العربية فقد كان لتلك المعاهدة الفضل في ذلك.
فهل بلغ علم أحد عند دور عبد الحميد باشا بدوى في ذلك؟ بالطبع لا لأن هذا من بديهيات الإقطاع التاريخي
أجد صعوبة في أن أتوقف عن عرض بعض من أثاره تاركين ذلك للكاتب والصحفي القدير الأستاذ أيمن الحكيم، فان اتحدث بلسان عاشق له فأنا أحد أعضاء الهيئة التي شرفت برئاسته لها.
وفي رحلةِ القراءة هنا بين طيَّاتِ هذا العمل الكريم، الذي يطوفُ بنا على معالِمَ شاهدةٍ على حياة النابغة والعلامة عبد الحميد باشا بدوى سنجد توازنًا رائعًا بين التنوُّع الثري من مقتطفات حياته المليئة بالأحداث الجسام، أنها رحلةُ استكشاف، يبدو فيها الكاتبُ كالأثَريِّ المولَع بفنّه، يأخذك لمعلومات لم يعلن عنها قط لسبب بسيط هو ما نعانيه من إقطاع تاريخي
هذه الندوة الكريمة ليست لمجرد عرض بعض من ذكر العلامة عبد الحميد باشا بدوى ثم ننصرف ، وانما هى رسالة لمدونى التاريخ كفى اقطاعاً ولنلتفت لاحد عظماء القانون إن لم يكن اعظمهم على الاطلاق فى مصر قالها عبد الرزاق باشا السنهورى فقد ذكرت كريمته نادية فى كتاب ” عبد الرزاق السنهورى فى اوراقه الخاصة” انه ذكر نصاً ” عبد الحميد بدوى اعظم عقلية قانونية مصرية فى العصر الحديث”
وكما قالها من قبل الزعيم سعد زغلول” ااسف على الاطالة فلم يكن لدى الوقت الكافى لإيجاز حياة هذا الرجل العظيم”.

 

 

أوبرا مصر ، دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى