دراسات ومقالات

منال رضوان تكتب قطوف وثمار في الفضائل والخصال

الزهد

منال رضوان تكتب

قطوف وثمار في الفضائل والخصال

 


– الزهد
من الخصال المحمودة والتي حثت عليها الشرائع السماوية وكذا الفضائل الإنسانية، فقد روى العلماء عن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه أنه كان لا يأكل إلا مع الضيف، فربما لا يأتيه الضيف لثلاثة أيام فيطويها، وروي عن يوسف عليه السلام كان على خزائن الأرض، فكان لا يشبع، فقيل له في ذلك، فقال: (أخاف أن أشبع فأنسى الجياع).

وها هو سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام كان يعمل نجارًا ولم يكن له أين يسند رأسه..
وعن سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فمما روي عنه أنه صُنع له خاتم من ذهب ليختم به الرسائل، فلبسه ثم طرحه من يده، وقال لأصحابه: (إليه نظرة وإليكم نظرة).

وأما عن الزهد عند أئمة الهُدى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أبو بكر رضي الله عنه، حين ملك الأمر، وجاءته الدنيا راغمة من حلَّها، لم يرفع بها رأسًا، وكان عليه كساء يُخلله، وكان يدعى” ذو الخلالين”
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين جاءته الدنيا راغمة من حلَّها، وكان طعامه الخبز والزيت، وفي ثوبه بضع عشرة رقعة بعضها من أدم، وقد فتحت عليه كنوز كسرى وقيصر!
وهذا عثمان رضي الله عنه، كأنه واحد من عبيده في اللباس والزي! ولقد روي عنه أنه شوهد خارجًا من بستان له وعلى عنقه حزمة من حطب، فقيل له في ذلك، فقال: أردت أن أنظر نفسي هل تأبى؟
وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان في الخلافة، واشترى قميصًا بخمسة دراهم، فكان في كمه طول، فتقدم إلى خرَّاز فأخذ الشفرة فقطع الكمَّ مع أطراف أصابعه وهو يفرق الدنيا يمنة ويسرة!
وهذا الزبير رضي الله عنه، يخلِّف حين مات من الدين مائتي ألف أو أكثر، كل ذلك من الجود والسخاء والبذل.

وهذا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، يعطي حليَّ أهله لمن سأله.
ويقول عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (١٠٠٦ – ١٠٨٨) في كتابه (كتاب الصدق)
باب الزهد،
قال الله تعالى: ( بَقٌيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ)
الزهد: إسقاط الرغبة عن الشيء بالكلية. وهو للعامة قُربة، وللمُريد ضرورة، وللخاصة خشية.
وهو على ثلاث درجات؛
الدرجة الأولى: الزهد في الشبهة بعد ترك الحرام، بالحذر من المعتبة، والأنفة من المنقصة، وكراهة مشاركة الفُسَّاق.
الدرجة الثانية: الزهد في الفضول وما زاد على المسألة، والبلاغ من القوت باغتنام التفرغ إلى عمارة الوقت وحسم الجأش، والتحلي بحلية الأنبياء والأولياء والصديقين.

الدرجة الثالثة: الزهد في الزهد، بثلاثة أشياء:
باستحقار ما زهدت فيه، واستواء الحالات عندك، والذهاب عن شهود الاكتساب ناظرًا إلى وادي الحقائق.

ومما ورد إلينا من حكم عن فضيلة الزهد ما قاله الإمام علي بن أبي طالب في نهج الحكمة إذ يقول كرم الله وجهه:

– إن أخسر الناس صفقة، وأخيبهم سعيًا، رجلٌ أخلق بدنه في طلب آماله، ولم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته، وقدم على الآخرة بتبعته.
وفي الحكم العطائية يقول ابن عطاء الله السكندري (١٢٦٠ – ١٣٠٩):
(ما قلَّ عملٌ برز من قلب زاهد، ولا كثُر عملٌ برز من قلب راغب).

ويطيب أن نختم بقصة وردت عن السلف، جاء فيها:
دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم وعليه جبة صوف، فقال له قتيبة: ما دعاك إلى مدرعة الصوف؟ فسكت، فقال: -أكلمك ولا تجيبني!!
فقال: أكره أن أقول زهدًا فأزكي نفسي، أو فقرًا فأشكو ربي.

منال رضوانقطوف وثمار في الفضائل والخصال

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى