دراسات ومقالات

مَلِكَةُ اَلْحِكَايَاتِ ( أَبْلَه فَضِيلَةً )

في رثاء الإعلامية القديرة فضيلة توفيق شريف عبد الوهاب يكتب وداعا ملكة الحكايات وَدَاعًا . . .

في رثاء الإعلامية القديرة فضيلة توفيق شريف عبد الوهاب يكتب وداعا ملكة الحكايات
وَدَاعًا . . . مَلِكَةُ اَلْحِكَايَاتِ ( أَبْلَه فَضِيلَةً )

إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَيَّامِ ذِكْرَى فَلَنْ يَكُونَ لِلْحَيَاةِ مَعْنًى ، وَخُصُوصًا أَيَّامَ رَمَضَانْ اَلَّتِي تَحْمِلُ اَلنَّفَحَاتُ اَلْعَطِرَةُ ، جَاءَتْ فِي خَاطِرِي وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْكَرِيمِ ، كَانَ أَوَّلَ لِقَائِي مَعَهَا فِي أَوَّلِ أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانْ عَامَ 1985 ، وَرَحْلَيْهَا رَمَضَانْ 2023 ، تَذَكَّرَتْ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ اَلَّذِي قَابَلَتْهَا فِيهِ ، فَهُودَائِمَا فِي خَاطِرِي ، فَرَمَضَان فِي اَلْإِذَاعَةِ لَهُ طَعْمٌ خَاصٌّ ، كُنْتَ مُذِيعًا جَدِيدًا فِي إِذَاعَةِ صَوْتِ اَلْعَرَبِ ، وَكُنْتُ أَبْحَثُ مِثْلٌ كُلِّ زُمَلَائِي عَنْ نُجُومِ لِبَرْنَامَجِي اَلرَّمَضَانِيِّ ، وَلِأَنَّ بَرْنَامَجِي يَعْتَمِدُ عَلَى اَلْحَكِّيْ وَقَعَ اِخْتِيَارِيٌّ عَلَيْهَا ، وَأَخَذَتْ مَوْعِدًا مَعَهَا فِي اُسْتُدْيُو اَلْإِذَاعَةِ فِي اَلدَّوْرِ اَلرَّابِعِ ، حَيْثُ كَانَتْ تُسَجِّلُ بَرْنَامَجَهَا اَلشَّهِيرَ ( غِنْوَة وَحَدُّوتَةٌ ) ، لِتَكُونَ مِنْ أَوَائِلَ ضُيُوف حَلَقَاتِ بَرْنَامَجِي اَلرَّمَضَانِيِّ عَلَى مَوْجَاتِ إِذَاعَةِ صَوْتِ اَلْعَرَبِ ، وَلَمَّا لَا وَهِيَ بِصَوْتِهَا اَلسَّاحِرِ تَوَّجَتْ مَلِكَةَ اَلْحِكَايَاتِ ، فَكُنْتُ فِي اَلصِّغَرِ أَنْتَظِرُ مَوْعِدًا مَعَ اَلرَّادْيُو لِأَسْتَقْبِل أَثِيرْشَبْكَة اَلْبَرْنَامَجُ اَلْعَامُّ ، مِثْلِي كَكُلِّ اَلْأَطْفَال لِأَعِيشَ مَعَ صَوْتِهَا اَلَّذِي بِهِ بُحَّةٌ مُتَفَرِّدَةٌ ، وَاسْتَمَعَ إِلَى اَلْمُقَدِّمَةِ اَلْغِنَائِيَّةِ ، اَلَّتِي كَانَتْ مِنْ كَلِمَاتِ اَلْمُبْدِعَ صَلَاحْ جَاهِينْ, وَلَحْنُهَا اَلْمَحْفُورُ فِي وِجْدَانِنَا كَانَتْ مِنْ أَلْحَانِ الموسيقارسَيِّدْ مَكَاوِي ، عِنْدَمَا بَدَأَتْ فِي اَلْحُوَارَرَفَضَتْ جَمِيعَ اَلْأَلْقَابِ ، وَقَالَتْ أَفْضَلُ أَنْ أَكُونَ بِمَثَابَةِ أُخْتٍ كَبِيرَةٍ لِكُلِّ زُمَلَائِي اَلْإِذَاعِيِّينَ وِكْذَالِكْ أَحِبَّائِي اَلْأَطْفَالَ اَلَّذِينَ يَقُولُونَ لِي ” أَبْلَه فَضِيلَةً ” قُلْتُ لَهَا لِمَاذَا لَمٌّ تُلَقَّبِي بِمَامَا مِثْلٍ مُعْظَمِ مُذِيعَاتِ بَرَامِجِ اَلْأَطْفَالِ . قَالَتْ : اَلْأُمُّ هِيَ اَلْأُمُّ وَاحِدَةً فَقَطْ أَمَّا أَنَا بِمَثَابَةِ أَلَاخْتْ اَلْكَبِيرَةَ لَهُمْ وَلِهَذَا أَصْبَحَتْ ( أَبْلَه فَضِيلَةً ) ، وَفِي اَلْبَرْنَامَجِ ذَكَرَتْهَا بِاسْمِهَا اَلْحَقِيقِيِّ فَضِيلَةَ عَبْدِ اَلْعَزِيزْ ، وُلِدَتْ لِأَبٍ مِصْرِيٍّ حَاسِمٍ وَأُمٍّ حَنُونَةٍ ، وَتَذَكَّرَتْ وَقَالَتْ وَالِدِي اِخْتَارَ شَقَّةً فِي اَلْعَبَّاسِيَّةِ ، فِي عِمَارَةٍ اَلشَّبْرَاوِيشِىْ فِي شَارِعِ اِسْمِهِ اَلْمَلِكَةُ نَازْلِي ، اَللَّيُّ هُوَ اَلْآنَ شَارِعَ رَمْسِيسْ ، جَاءَ وَالِدِي اَللَّهُ يَرْحَمُهُ وَاخِدْ اَلدَّوْرُ اَلْأَرْضِيُّ . . . بِسَبَبَ اَلْغَارَاتِ ، لَا ن اَلدَّوْرُ اَلْأَرْضِيُّ أَمَانٌ ، كُنَّا فِي وَقْتِ اَلْحَرْبِ وَمَرَّهُ حَصَلَتْ غَارَهُ وَكُنْتُ فِي اَلشَّارِعِ وَكُنْتُ وَقْتُهَا صَغِيرَةً جِدًّا ، فِي هَذَا اَلْوَقْتِ لَمْ أَشْعُرْ بِالْخَوْفِ لَكِنَّنِي عَرَفَتْ يَعْنِي إِيهْ رُعْبٍ وَيُعْنَى إِيهْ خَوْفُ مِنْ وُجُوهِ اَلْأَطْفَالِ ، وَمِنْ هُنَا شَعَرَتْ يَإهَتْمَامِي اَلشَّدِيدَ بِالْأَطْفَالِ ، كَانَ تَرْتِيبِيٌّ اَلْأَوَّلُ بَيْنَ ثَلَاثِ بَنَاتٍ وَوُلِدَ ، دَرَسَتْ فِي مَدْرَسَةِ اَلْأَمِيرَة فِرْيَالْ ، وَكَانَتْ مِنْ بَيْنِ زَمِيلَاتِهَا اَلْفَنَّانَةِ فَاتِنْ حَمَامَة ، . اِلْتَحَقَتْ بِكُلِّيَّةِ اَلْحُقُوقِ جَامِعَةَ اَلْقَاهِرَةِ ، تَحْقِيقًا لِرَغْبَةِ أُسْرَتِهَا ، وَكَانَ مِنْ زُمَلَائِهَا فِي اَلْكُلِّيَّةِ اَلدُّكْتُورُ أُسَامَة اَلْبَازْ وَالدُّكْتُورِ عَاطِفْ عُبَيْدْ ، رَئِيسُ اَلْوُزَرَاءِ اَلْأَسْبَقِ ، وَالدُّكْتُورُ فَتْحِي سُرُورْ ، رَئِيسُ مَجْلِسِ اَلشَّعْبِ اَلْأَسْبَقِ ، عَمِلَتْ أَبْلَه فَضِيلَةً بِالْمُحَامَاةِ لِمُدَّةِ 24 سَاعَةٍ ، فَبَعْدَ تَخَرُّجِهَا عَمِلَتْ فِي مَكْتَبِ حَامِدْ بَاشَا زَكِي وَاَلَّذِي كَانَ يَشْغَلُ مَنْصِبَ وَزِيرِ اَلْمُوَاصَلَاتِ . وَعِنْدَمَا طَلَبَ مِنْهَا اَلْجُلُوسُ مَعَ اَلْمُوَكِّلِينَ لِمَعْرِفَةِ طَبِيعَةِ اَلْقَضَايَا ، وَجَدَهَا تَقُومُ بِالصُّلْحِ بَيْنَ اَلْخُصُومِ فِي إِحْدَى اَلْقَضَايَا ، وَعِنْدَمَا عَلِمَ حَامِدْ بَاشَا عَاتَبَهَا وَقَالَ لَهَا : “ مِهْنَتُنَا تَعْتَمِدُ عَلَى اَلْخِلَافَاتِ ، وَأَنْتَ لَا تَصْلُحِينَ لِلْعَمَلِ بِهَا . وَأَرْسَلَهَا لِلْعَمَلِ بِالْإِذَاعَةِ ، لِأَنَّ اَلْإِذَاعَةَ كَانَتْ تَابِعَةً لِلْمُوَاصَلَاتِ ، وَفِي اَلْإِذَاعَةِ أَعْرَبَتْ عَنْ أُمْنِيَتِهَا بِالْعَمَلِ فِي بَرَامِجِ اَلْأَطْفَالِ ، هُنَا قَالَ لَهَا اَلْإِذَاعِيُّ بَابَا شَارُو أَنَا مِنْ أَقُومُ بِتَقْدِيمِ بَرَامِجَ لِلْأَطْفَالِ ، وَتَمَّ تَعْيِينُهَا كَمُذِيعَةٍ لِنَشْرَةِ اَلْأَخْبَارِ ، وَتَدَرَّبَتْ عَلَى يَدِ اَلْإِذَاعِيِّ حُسْنِي اَلْحَدِيدِيِّ . مَعَ بِدَايَةِ اَلْبَثِّ اَلتِّلِفِزْيُونِيِّ عَامُ 1959 ، اِنْتَقَلَ بَابَا شَارُو لِلْعَمَلِ بِالتِّلِيفِزْيُونِ ، فَتَحَقَّقَ حُلْمُ فَضِيلَةٍ ، فَقَدْ تَمَّ اِخْتِيَارُهَا لِتَحُلَّ مَحَلَّهُ فِي تَقْدِيمِ بَرْنَامَجِهِ “ غِنْوَة وَحَدُّوتَةٌ ” ، مِنْ أَشْهُرِ اَلْحَوَادِيتِ ، حِكَايَةٌ “ عَمِّ اَلْغَبَاوِىْ ” ، وَحِكَايَةٌ “ اَلْكَسْلَانِ ” ، وَحِكَايَةٌ “ كُوبِ اَللَّبَنِ ” ، وَحِكَايَةٌ “ أَشْطُرِ اَلشُّطَّارَ ” ، وَغَيْرَهَا مِنْ اَلْحِكَايَاتِ . نَعَمْ تُوُفِّيَتْ صَبَاحَ يَوْمِ اَلْخَمِيسِ أَيْقُونَةَ حَوَادِيتِ اَلْإِذَاعَةِ فِي مَنْزِلِ اِبْنَتِهَا رِيمْ ، فِي مَقَرِّ إِقَامَتِهَا بِكَنَدَا ، وَلَكِنْ مَا زَالَ صَوْتُهَا فِي خَاطِرِي وَفِي خَاطِرِ اَلْكَثِيرِ مِمَّنْ كَانُوا صِغَارًا وَأَصْبَحُوا كِبَارًا وِشِيخْوَا ، وَتِلْكَ اَلْمُقَدَّمَةِ اَلْغِنَائِيَّةِ اَلَّتِي تَقُولُ : يَا وَلِإِدّ يَا وَلِإِدّ . . . تَعَالَوْا تَعَالَوْا . . . عَلْشَانْ نَسْمَعُ أَبْلَهُ فَضِيلَةً . . . رَاحَ تَحْكِي لَنَا حِكَايَةٌ جَمِيلَةٌ . . . وَتَسَلَّيْنَا وَتَهْنِينْ . . . وَتَسْمَعَنَا كَمَانَ أُسَامِينَا . . . أَبْلَه . . . أَبْلَه فَضِيلَةً ” لَقَدْ . أَحْبَبْنَا أَبْلَهُ فَضِيلَةَ وَقِصَصُهَا وَحِكَايَاتُهَا اَلَّتِي كَانَتْ تَبْدَؤُهَا بِجُمْلَتِهَا اَلشَّهِيرَةِ . . . ” حَبَايِبِي اَلْحُلْوَيْنِ ، كَانَ يَا مَا كَانَ يَا سَعْدْ يَا إِكْرَامْ وَلَا يَحِلَّانِ اَلْكَلَامُ إِلَّا بِذِكْرِ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ” وَدَاعًا أَبْلَه فَضِيلَةَ اَلْإِنْسَانَةِ اَلَّتِي نَذَرَتْ نَفْسُهَا لِإِسْعَادِ اَلْأَطْفَالِ مِنْ خِلَالِ بَرْنَامَجِهَا اَلْإِذَاعِيِّ اَلْمُتَمَيِّزِ غِنْوَة وَحَدُّوتَةُ.

شَرِيفْ عَبْدِ اَلْوَهَّابْ
رَئِيسَ اَلشُّعْبَةِ اَلْعَامَّةِ لِلْإِذَاعِيِّينَ اَلْعَرَبِ

أَبْلَه فَضِيلَةً

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى