وليد حسني يكتب رحلة مع النبي
الحلقة (٢)
ها هو ذا الطفل اليتيم ذو الست سنوات يمشي مع جده البالغ من العمر تسعون عاماً ليعيش معه في بيته بصحبة الجارية ( أم أيمن) التي ستربي هذا الطفل الصغير .
وينتقل محمد الطفل الصغير من حضن وبيت أمه بشخصيتها الرقيقة الحنون إلي بيت سيد من سادات قريش هذا الرجل العظيم القوي صاحب الكلمة وصاحب الإنجازات إنه عبد المطلب الذي حفر بئر زمزم بعد أن كانت ردمت وضاع أثرها وصنع بابا من أسياف للكعبة استخدم فيه الذهب .
ويمر الوقت ويموت الجد ويبكي الطفل الذي أصبح عمره ٨ سنوات
هل يبكي لفراق الأحبة ؟ كلما تعلق بشخص سارع الموت باختطافه . ويتساءل الطفل الصغير أين أذهب الآن ؟ وأي بيت سيأويني وأي شخصية ستكون معي وأي حضن سيضمني ؟
هل العم (أبو طالب) هذا الرجل الطيب المسالم الفقير أم عمه القوي الثري( أبو لهب) أم عمته الشاعرة قوية الشخصية (عاتكة) ؟
شخصيات كثيرة حوله يذهب إلي من ؟ ولكن مهلا ليس القرار بيده فهو لا يملك حرية الاختيار .
لقد أوصى جده ( عبد المطلب ) بأن يكفله عمه ( أبو طالب ) ويعيش في بيته مع ابنه ( طالب ) الذي يقاربه في السن.
وقد أحسن الجد اختيار أبو طالب لكفالة النبي محمد فقد كان رقيقا حنونا عطوفا ولكنه كان فقيراً …. نعم كان سيدا من سادات قريش وله مكانته الكبيرة بينهم ولكنه كان فقيرا لا يملك الكثير من المال حتى أنه تنازل عن مهمة سقاية الحاج التي ورثها عن أبوه ( عبد المطلب ) إلي أخيه ( العباس ) لسداد ديون عليه.
وفي هذه النشأة المبكرة في كفالة ( أبو طالب ) قام هذا الطفل بالعمل في رعي الغنم لأهل مكة مقابل أجر بسيط يساهم فيه لمساعدة عمه في الأعباء المادية .
نظرت إلي صديقي قائلا له : هل نسمي هذا بالحظ السيء ؟
وهذا الطفل الصغير الذي انتقل من كفالة ورعاية حليمة السعدية في جو عائلي ودود أب أم وأخوة ثم ينتقل إلي بيت ثان يضم شخص واحد فقط هو أمه ( أمنه) ثم ينتقل إلي كفالة جده ذو التسعين عاماً ثم ينتقل إلي بيت عمه .
شخصيات مختلفة و طبائع متناقضة وبيئات غير متشابه .
هل يتحمل هذا الطفل كل هذا ؟
لحظة ولماذا نقول حظ سيء لماذا لا نقول أن المحن التي يمر بها الإنسان هي عملية تدريب وإعداد لمرحلة ما .